صادق مجلس الوزراء الفلسطيني في جلسته الأسبوعية، الاثنين، على النظام الصحي للأشخاص ذوي الإعاقة، بعد اعتصام خمسة منهم ممثلين حراك "من أجل حياة كريمة للأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين"، في المجلس التشريعي المنحل بمدينة رام الله، وذلك منذ 63 يوماً على التوالي.
وأعلنت الحكومة الفلسطينية، مساء الاثنين، عن مصادقتها على النظام الصحي للأشخاص ذوي الإعاقة، عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، بعد رحلة وصفت بـ"الصعبة" خاضها ذوو الإعاقة مع الجهات الرسمية ممثلة بوزارة الصحة ومجلس الوزراء، تصاعدت مؤخراً بسبب "تعديلات" عملت عليها وزارة الصحة الفلسطينية، اعتبرها ذوو الإعاقة إفراغاً للنظام الوحيد الذي قدموه.
وتقول الناطقة باسم "الحراك" شذى أبو سرور لـ"العربي الجديد": "أنا فَرِحة، فالمشاركة الحقيقية تُنتج مخرجاً شاملاً ومنصفاً، ويلامس حياة الناس وهمومهم، والنظام الصحي الذي اقترحناه للحكومة، وكان الوحيد المقدم، إذ لم تقدم أي جهة غيرنا مسودة نظام صحي، يشكل قاعدة شاملة للحقوق الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة وفق معايير الاستحقاق، للرقابة والموارد المالية وسلة الخدمات وتلقي الخدمة بكرامة، ويمثل النظام (المصادق عليه) خطوة أولى للنهوض بواقع الحقوق الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة، وهو أول الطريق نحو ذلك".
وتضيف أبو سرور، وما زال صوتها يحمل مشاعر الفرح، "يشعر المرء بهذا الإنجاز أنه إنجاز لكل فلسطين ونتمنى أن يصل للبيوت التي لا يُدرجها أحد على قوائمه واهتمامه، لقد فرحت أنا وزملائي لمعرفتنا بالآلية المناسبة للعمل المطلبي للوصول إلى الهدف بإرادة وتصميم".
من جانبه، يقول الخبير والمحامي عصام عابدين لـ"العربي الجديد"، وهو مستشار "حراك من أجل حياة كريمة للأشخاص ذوي الإعاقة في فلسطين" ،وقد صاغ النظام الصحي الذي اقترحه الحراك وصادق عليه مجلس الوزراء الفلسطيني بعد بعض التعديلات المتفق عليها وفق مشاورات مع الحكومة، "إن إنجازاً عظيماً وجهداً وطنياً، يؤسس لاسترتيجية وطنية شاملة وأدواراً ومسؤوليات واضحة تضمن تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، عظيم لاستعادة بعض من ظلم تاريخي".
وسيدخل الآلاف من الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم إلى نظام التأمين الصحي الشامل والمجاني، المقدم من حراك الأشخاص ذوي الإعاقة، فور نشر ونفاذ هذا النظام، بعد أن حرموا هذا الحق الطبيعي والدستوري سنوات طويلة.
يقول عابدين "أصبحت الإعاقة الآن (معيار الاستحقاق) المعتمد من وزارة الصحة بموجب أحكام هذا النظام للأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم، ومفهوما للإعاقة مستمد من المعايير الدولية ودون تمييز على أساس الإعاقة، وملحقا واسعا بتعريف أسرة الشخص ذوي الإعاقة مرفق بالنظام، وبطاقة تأمين صحي مجانية ودائمة تشمل أسرهم الكريمة يتم استلامها من أقرب مركز صحي".
وحول أهمية هذا النظام والتحسينات الجوهرية، التي سيحدثها حال دخول بنوده حيز التنفيذ اعتباراً من هذه الليلة، يوضح مستشار "الحراك" عصام عابدين، أن نظام التأمين الصحي المتكامل والمصادق عليه يعني "سلة خدمات صحية شاملة ومجانية؛ وقائية وتشخيصية وعلاجية وتأهيلية وأجهزة تعويضية، وخدمات صحية لمن لا يستطيع الوصول من الأشخاص ذوي الإعاقة إلى المراكز الصحية، ووجوب موائمة المراكز التي تقدم الخدمات الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة، وتركيزا على أساليب الاتصال والتواصل، وتزويد المراكز بمترجمين للغة الإشارة، ووجوب أن تضمن الوزارة احترام خصوصية المعلومات والبيانات المتعلقة بالأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم".
ويضيف عابدين "نحن أمام قاعدة بيانات مُصنّفة يجب أن تنشأ في وزارة الصحة بجميع الخدمات الصحية للأشخاص ذوي الإعاقة، تشمل نوع ودرجة الإعاقة وطبيعة الخدمة وتاريخ ومكان تقديمها والأبعاد الجنسانية (الجندرية) وأدوات فعالة للرقابة على تنفيذ أحكام هذا النظام، من خلال تقارير ربع سنوية وتقرير سنوي يبين منهجية ومسار تنفيذ هذا النظام لإطلاع الناس، وسجل شكاوى مُصنف ومتسلسل وموائم للأشخاص ذوي الإعاقة لتقديم الشكاوى ينشأ في وزارة الصحة لمتابعة أية مخالفات ترتكب لأحكام النظام، وكيفية التعامل معها، وإنصاف المتضررين، ووجوب إشعارهم خطياً بما اتخذ بشأنها، وضبط قضائي وإجراءات وعقوبات بالسجن والغرامات تُشدد حال التكرار في مخالفة أحكام النظام المستمدة من قانون الصحة العامة".
وعقب مصادقة الحكومة الفلسطينية على النظام الصحي المقدم من قبل "حراك ذوي الإعاقة"، من المتوقع أن ينهي خمسة منهم اعتصامهم الذي استمر 63 يوماً، غداً الثلاثاء، بعد تسلمهم النسخة الورقية لـ"النظام الصحي" والمصادق عليها من قبل مجلس الوزارء الفلسطيني.
والمعصمون هم "شذى أبو سرور، تحرير البطران، عبد الرحمن وعبد الرحيم عواد، وحمد سمامرة"، حيث أنهوا اعتصامهم بعد سلسلة فعاليات شملت مواجهة علنية مع المسؤولين في وزارة الصحة ومجلس الوزراء، الذين اضطروا للنزول لمحاورة ذوي الإعاقة خلال اعتصاماتهم المتعددة والمفاجئة أمام وزارة الصحة ومقر الحكومة، عدا عن إغلاق طرقات حيوية في مدينة رام الله احتجاجاً على بطء استجابة الحكومة وتصريحات رسمية وصفت بأنها "غير مسؤولة".