خلص تقرير جديد أعدّه مركز أبحاث "كراكا" بالتعاون مع شركة الاستشارات "ديلويتا"، ونشرت نتائجه في كوبنهاغن اليوم السبت، إلى تزايد القلق بين الشباب من أزمة تغير المناخ وغياب الأمل بالمستقبل. وأشار إلى أن نحو 26 في المائة من نساء الدنمارك يفضلن عدم الإنجاب، في ظل "التطورات السلبية" المتعلقة بمستقبل المناخ.
وعلى الرغم من القلق من الحرب الأوكرانية والتداعيات الاقتصادية ومشاكل النظام الصحي في الدنمارك وغيرها، يقول الشباب إن النقطة الأساسية التي تشغل بالهم هي القضايا المناخية.
وقال 27 في المائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم في الدراسة (1500 شخص يمثلون أغلب فئات المجتمع) إنّهم "قلقون في كثير من الأحيان أو طوال الوقت" في حياتهم اليومية بسبب تغيّر المناخ.
ودرس الباحثون مشكلة القلق على مستقبل الشباب. وقالت 18 في المائة من الإناث (ما بين 20 و30 عاماً) إنهن حسمن أمرهن بعدم الإنجاب بسبب تغير المناخ ومستقبل الحياة على الأرض. وأوضح بعضهن أن غياب الأمل في المستقبل واستعادة الثقة بصحة الأرض يمكن أن يغير آراءهن حيال الإنجاب.
وأشارت الدراسة إلى أن المخاوف بشأن تغير المناخ دفعت 26 في المائة من النساء في تلك الفئة العمرية إلى التفكير في عدم إنجاب الأطفال.
ويثير هذا الاتجاه قلقاً متزايداً في المجتمع الدنماركي الذي تتراجع فيه نسبة الولادات. وسجل العام الماضي أكبر تراجع في نسبة الخصوبة منذ 1987 وصلت إلى نحو 1.5 طفل لكل امرأة. والجديد، بحسب مدير مركز "أبحاث كراكا" بيتر موينزن، هو ما يطلق عليه الشباب "التعاسة بسبب تغير المناخ".ونقلت الصحف المحلية عن موينزن قوله إن "إنجاب الأطفال أمر مهم بالنسبة إلى الكثير من الناس. لذلك، من المثير التراجع عن هذا الخيار الأساسي للحياة نتيجة تغير المناخ".
من جهتها، تؤكد أستاذة مركز أبحاث الشباب في جامعة أُولبورغ (شمال الدنمارك)، ماريا بروسيليوس ينسن، أن الإحباط والخوف من مستقبل المناخ بات يشغل الشباب في بلدها كسائر بلدان الغرب. وتشير إلى أن "الرغبة في إنجاب الأطفال ترتبط بالأمل والإيمان بالمستقبل، لكن انشغالات الشباب وقلقهم من تحول أزمة المناخ إلى قضية مستعصية على الحل تدفعهم إلى التفكير ملياً قبل الإنجاب".
وكانت دراسة سابقة (شملت نحو 10 آلاف شخص) صادرة عام 2021، قد أشارت إلى أن 39 في المائة من الأشخاص الذين تراوح أعمارهم ما بين 16 و25 عاماً "مترددون" بشأن الإنجاب بسبب تغير المناخ. وذكر 60 في المائة من المستطلعة آراؤهم أنهم "قلقون وقلقون للغاية" من مستقبل تغير المناخ، فيما أعرب أكثر من 50 في المائة عن خشيتهم على سلامة أسرهم مستقبلاً.
وترى ينسن أن الدراسة الدنماركية تتفق مع الدراسات الدولية، وتشير إلى أن معدلات الخصوبة "ترتبط عادة بسنوات الأزمات عبر التاريخ، وهو ما حدث في القرن الماضي خلال الحربين العالميتين. في تلك الفترة، تردد الناس في تلك الأولوية المتعلقة بالإنجاب".
ويخشى المراقبون أن يتحول عدم الإنجاب في الدنمارك إلى ما يسمونه مرضاً شعبياً شائعاً، ما سيكون له انعكاسات سلبية على مستقبل دولة الرعاية والرفاهية. وتعاني البلاد لزيادة أعداد السكان وسد النقص في الأيدي العاملة التي تتناقص، على الرغم من زيادة أعداد اللاجئين.
وتؤكد أنه يمكن تغيير هذه النتائج "إن قام السياسيون حقاً بعملهم خلال السنوات المقبلة، الأمر الذي يمنح الشباب أملاً في المستقبل واستعادة الثقة لأجل إنجاب طفل، وإلا فإن الأمر سيكون مؤلماً".