مع تفاقم مشكلة العاصمة الدنماركية كوبنهاغن مع مواطنيها الذين لا يلتزمون بقواعد كورونا، وخصوصا هؤلاء الذين خرقوا توصيات الخارجية بعدم السفر إلى دبي، بعد أن كشفت وجود تلاعب وعدم مصداقية فحوص كورونا التي تُجرى للمغادرين من الإمارات العربية المتحدة، وسماح دبي بدخول السائحين من دون حجر، وبعد التأكد من نقل ما لا يقل عن 38 عائدا لفيروس كورونا المتحور، وعدم التزام بعضهم بالحجر الذاتي، يجري البحث في تبني قانون الوباء الذي يقضي بغرامة وسجن حتى 6 أشهر على غير الملتزمين بالإجراءات.
واتسعت في نهاية الأسبوع، حالة تذمر شعبي على منصات التواصل الاجتماعي، ومطالب بتشديد الإجراءات، بعد الكشف عن أن دنماركيين واصلوا زيارة دبي من خلال مطار هامبورغ، وعادوا عن طريق البر عبر الحدود مع ألمانيا. إذ ما تزال الرحلات من مطار هامبورغ مفضلة لدى الباحثين عن تجاوز عقبات حظر السفر.
كشفت كوبنهاغن مبكرا عن وجود تلاعب وعدم مصداقية لفحوص كورونا للمغادرين
وزاد الجدل وعبّر البعض عن غضبهم على وسائل التواصل بعد الكشف عن تمديد الإغلاق 3 أسابيع إضافية بدءا من الثامن فبراير/شباط الحالي بسبب نقل العائدين من رحلات إلى الإمارات للفيروس المتحور، وسفر البعض بالتحايل إلى مناطق تزلج على الثلوج في النمسا.
وباتت تتشكل، منذ الجمعة، أغلبية برلمانية لتشريع قانون عقوبات بحق من يخرق تلك القواعد. ويناقش البرلمان الدنماركي تعديلات تسمح بـ"إسقاط التوصيات الودية بشأن السفر أثناء كورونا" واستبدالها بفرض غرامة أو سجن لفترة تصل إلى 6 أشهر في حال "رفض الخضوع للاختبار والعزل الذاتي بعد العودة وإن كانت النتيجة سالبة".
القانون المقترح سيشمل الأجانب والدنماركيين المسافرين إلى الدنمارك، لناحية إلزامية اختبار كورونا وعدم مغادرة مبنى المطار حتى تلقي رد سلبي على الاختبار السريع. وحتى لو كانت النتيجة سالبة فسيتعين على القادمين عزل أنفسهم حتى تصلهم نتيجة فحص تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR).
وترى السلطات الصحية والسياسية في البلد، أن المتغيرات الفيروسية الجديدة (الفيروس المتحور) باتت حاليا "أكبر تهديد للمجتمع الدنماركي. ومن الوهم الاعتقاد أننا قادرون على تحصين مجتمعنا من العدوى دون تدخل المجتمع بشكل مكثف"، وفقا لما ذهب إليه وزير الصحة الدنماركي ماغنوس هيونكه.
ومن المفترض أن يناقش البرلمان مسودة القانون بدءا من يوم غد الثلاثاء ويتضمن أن"أي شخص يخرج إلى متجر أو مؤسسة أو ركوب الحافلات وزيارة الأصدقاء، سواء كان زائرا أو دنماركيا من العائدين من خارج البلاد، يخرق بذلك قواعد التوصيات وبالأخص العزل الذاتي، وبالتالي يمكن أن يؤدي ذلك إلى عقوبة وحكم بالسجن".
وعبّر بعض أعضاء البرلمان عن شعورهم بـ"الاستفزاز من مشهد دنماركيين عائدين من دبي والنمسا من دون الالتزام بتوصيات منع نشر العدوى"، بحسب ما ذهب مقرر شؤون الصحة في البرلمان عن حزب "راديكال فينسترا" (يسار وسط)، ستينوس ليندغرين، والذي اعتبر أن "ذلك يؤدي إلى مخاطر تجعل من مسألة إقدام الناس على الفحص تتراجع طالما أن المشاهير لا يلتزمون بها، وهذا يؤدي إلى فقداننا (السياسيين والمشرعين) دعم الشعب، وبالتالي نحن مضطرون للتدخل".
وللتأكد من التزام الأشخاص بالعزل الذاتي "سيتم من خلال اتصالات يجريها موظفو تتبع المصابين أو المفروض عليهم الحجر، ولا استثناء هنا للأشخاص المسافرين بسبب أعمال تجارية، فالقانون سيسري على الجميع"، بحسب المقترح. ويتحفظ حزب "اللائحة الموحدة" اليساري على تطبيق عقوبة السجن على مخترقي قواعد السلامة في مكافحة فيروس كورونا.
مخاوف من معاناة لوقت أطول
ويعاني الساسة الدنماركيون،كغيرهم في أوروبا، من "معضلة حقيقية تخص المواطنين الذين يرفضون الإجراءات"، كما ذكر وزير الصحة، هيونكه، في كلمة له الخميس الماضي أمام المشرعين. وهو وغيره يشيرون إلى اتساع نطاق الاحتجاجات المتنقلة من العاصمة كوبنهاغن إلى مدن دنماركية أخرى مع نهاية كل أسبوع، والتي باتت تشهد صدامات عنيفة بين الشرطة والمتظاهرين المحتجين على سياسة الإغلاق الشامل.
ويعتقد كثيرون أن الإغلاق "لا ضرورة له، وهو تعبير عن ديكتاتورية باتت تمارسها الحكومات الأوروبية"، وفقا لبعض أعضاء حركة "رجال بالأسود" الاحتجاجية في كوبنهاغن بحسب صحيفة "إكسترا بلاديت" اليوم الإثنين، على خلفية احتجاجات انتقلت السبت إلى مدينة آرهوس، وسط شرق البلد.
ويشتكي مواطنون دنماركيون من أن القوانين والتوصيات المعمول بها حاليا أدت إلى مشاكل اجتماعية في علاقتهم بشركاء وأزواج يقيمون خارج البلاد. وأنشأ هؤلاء المحظور عليهم السفر أو استقبال الشركاء من الخارج مجموعة على وسائل التواصل ضمت 1600 قضية تضرر أصحابها من تشديد إجراءات البلاد على المسافرين. ويعتقد هؤلاء أن تبني البرلمان لقانون عقوبات جديد "سيجعل الحياة الأسرية تتدمر، وستؤثر إجراءات فرض العزل على العلاقات الاجتماعية"، وفقا للمتحدث باسم المجموعة، سيمون لييد، من جنوب الدنمارك.
تمديد الإغلاق الشامل في الدنمارك حتى مارس/آذار القادم، على خلفية اتساع مخاوف موجة ثالثة وقدوم الفيروس المتحور، بات يقلق المستوى التجاري والتعليمي، حيث التململ سيد الموقف.
ويطالب الأهالي وبعض المختصين التربويين بضرورة "فتح المدارس الابتدائية على الأقل"، ويقترح آخرون فتح الأبواب للتلاميذ الصغار حتى الصف الرابع، بعد أن بدأت الدراسات تظهر تأثيرا سلبيا على الأسر والصغار نتيجة الإغلاق المستمر منذ أسابيع.
وما يثير القلق في البلاد أن مقترح القانون الجديد لمعاقبة المخالفين "سيطبق مع مطلع مارس/آذار القادم حال جرى تبنيه في البرلمان"، بحسب ما نقل التلفزيون الدنماركي عن عالم الفيروسات في جامعة كوبنهاغن، آلان راندروب تومسن. وتلك إشارة تلقاها مواطنون بقلق، بسبب استمرار سياسة الإغلاق الشامل، وبقاء أزمة كورونا لوقت قادم طويل. فرغم الحديث عن ملايين اللقاحات التي جرى التعاقد عليها يبدو أن التطعيم لا يسير بوتيرة مرضية في الدنمارك، وسط خلافات أوروبية كبيرة مع شركات إنتاج اللقاحات واتهامات بغياب سياسة تضامن وتفاهم أوروبي- بريطاني.
ومع توقعات استمرار الإجراءات المطبقة حاليا حتى الصيف القادم بدأت شركات دنماركية تعتمد على السياحة تعبر عن مخاوف من انهيارها "فلن يأتي السائح حال تطبيق قانون عقوبات جديد ليجري الحجر عليه لخمسة أيام، وهذا يعني تحطيم عمل الشركات"، بحسب ما ذكر مدير قطاع الفندقة والمطاعم الدنماركية، كريستيان نورغورد.