لطالما شكّل الحديث عن الدورة الشهرية نوعاً من المحرمات في العديد من المجتمعات. وحتى يومنا هذا، لا يزال هذا الموضوع محاطاً بالكثير من السرية والخوف والحياء. عادة تُثقَّف الفتاة على أن فترة الحيض تُعَدّ من أقذر الفترات التي تمرّ بها، وهو ما يجعلها تواجه هذا الواقع بمفردها، مع الكثير من الخوف وعلامات الاستفهام.
صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، سلطت، من خلال مقال لها، اليوم الخميس، الضوء، على هذا الموضوع، وأهم المنتجات المستخدمة خلال فترة الحيض، وأيضاً التغيرات التي طاولت النقاش حول الدورة الشهرية.
في الفترة الحالية، بدأت تظهر الكثير من التغييرات حول هذه المفاهيم، ولكن رغم ذلك، لا تزال الوسائل المستخدمة محدودة نسبياً، بحسب ما تؤكده إيما جيهانويز، إحدى الناشطات النسائيات في المملكة المتحدة، إذ تقول إن واقع المنتجات المستخدمة، من فوط صحية، وسدادات قطنية وأكواب للدورة، لا يزال يكتنفه الكثير من الخجل، ولا يزال ضعيفاً وتقليدياً، على الرغم من المحاولات لتسليط الضوء على أن الحيض يُعَدّ أمراً يخصّ الصحة الجسدية للمرأة، وليس أمراً معيباً.
Ninety years since the first Tampax, why aren’t there better menstrual products? https://t.co/cO6eGLCfkq
— The Guardian (@guardian) May 4, 2023
تقول لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية إنها "في المدرسة الإعدادية استخدمت هي وصديقاتها كلمات رمزية للتحدث عن فتراتهن الشهرية. إذا طلبت إحداهن "صاروخاً"، فهذا يعني أنها كانت تبحث عن سدادة قطنية، "الدروع" تعني الفوط. تقول: "تحدثنا كما لو كنا في حالة حرب. كان أهم شيء بالنسبة إلينا، التأكد من أنه يمكننا نقل المنتجات إلى الحمام دون رؤية الأولاد".
تبلغ جيهانويز الآن من العمر 21 عاماً، ناشطة طلابية تقوم بحملات من أجل منتجات صحية مجانية في جميع حمامات الحرم الجامعي. تصف جيهانويز نفسها بـ"جنية الحيض"، التي تتجول في الجامعة بحقيبة مليئة بالسدادات القطنية، والبطانات، والفوط، والأكواب، فقط في حالة اصطدامها بأي فتاة تحتاجها.
ووفقاً للمصدر نفسه، فإن المنتجات التي تحملها موجودة منذ أكثر من قرن، وقد طُوِّرَت الفوط الأولى في ثمانينيات القرن التاسع عشر. ظهرت السدادات القطنية وأكواب الدورة الشهرية في ثلاثينيات القرن الماضي، مع أول حشوة حديثة من تصميم تامباكس حاصلة على براءة اختراع في عام 1931.
غياب الابتكار
منذ مئات السنين جرى التعامل مع الفوط الصحية أو السدادات القطنية على أنها "تابو"، ولا تزال حتى يومنا هذا. ترجع جيهانويز السبب في ذلك إلى الافتقار إلى منطق الابتكار. في عام 2010 سُوِّق بعض الابتكارات لجيل الألفية الذين كانوا يتوقون إلى طريقة أكثر راحة للتعامل مع الدورة الشهرية. وغالباً ما استُخدِمَت إعلانات موحية، مثل الفاكهة أو المعطرات كأداة للترويج، وتعتبر كل من Knix و Aisle و Bambody من العلامات الشائعة في المملكة المتحدة التي غيرت في الكثير من المفاهيم الخاصة بالمنتجات والوسائل الخاصة بالحيض.
بدأت الكثير من الناشطات المهتمات بدعم صحة المرأة بحملات للتوعية على وسائل التواصل الاجتماعي، ويُعَدّ موقع أوكاموتو على "تيك توك" الذي تديره أوكاموتو نفسها، البالغة من العمر 25 عاماً، من أكثر المواقع المثيرة للجدل، إذ تظهر على مقاطع الفيديو وهي تضع سدادات قطنية وتغير فوطها على TikTok، ولديها 4 ملايين متابع. تتضمن مقاطع الفيديو الخاصة بها بانتظام لقطات مقرّبة للدم والجلطات التي تظهر على فوطها الداخلية. تسعى من وراء هذه الحملة الترويجية لحثّ الناس على التعامل مع الأمر بشكل طبيعي وتلقائي.
تقول: "تبين بحسب الكثير من الدراسات الإحصائية، أن 99 في المائة من النساء مهتمات بالسدادات القطنية والفوط الصحية، ويخشين أو يخفن من فكرة لمس الدم، إذ يعتقدن أن ذلك سيؤدي إلى ظهور الأمراض. لذا، كان هدفها من المقاطع المصورة إظهار السلاسة في التعامل مع الدماء.
الشركات التقنية
خاضت الشركات التقنية دوراً أيضاً في دعم صحة المرأة، ولتقديم الكثير من الابتكارات في المنتجات المستخدمة خلال الدورة الشهرية.
فعلى سبيل المثال، تستخدم Vyld، وهي علامة تجارية مقرها برلين أسسها Ines Schiller، عشب البحر لصنع سدادات قطنية. على الرغم من أن Vyld لم تُطرَح في السوق بعد، ولا تزال في طور البحث والتطوير، يأمل القيمون عليها أن تتمكن العلامة التجارية من تلبية رغبة المتسوقين في منتج فترة زمنية يكون صديقاً للبيئة ومقاوماً للتسرب. فيما تقوم شركة ناشئة في ماساتشوستس بإنشاء منصات تُعبّأ تمامًا مثل لفافة مناديل الحمام، ما يجعلها مثالية للحمامات العامة.
تستخدم شركة أخرى "Emm" أدوات جديدة على غرار "جهاز حيض ذكي" يتكون من كوب قابل لإعادة الاستخدام يمكن لأي شخص تطبيقه باستخدام أداة وضع منفصلة تشبه السدادة. يحتوي الكوب على خيط يشبه السدادة القطنية، لذا يمكن سحبه دون الحاجة إلى وضع الأصابع داخل الجسم. وعندما لا يكون الكوب قيد الاستخدام، فإنه يعيش داخل منظف للأشعة فوق البنفسجية يمكنه تعقيمه في دقائق.