يُشكّل التصوير بالرنين المغناطيسي أحد أهم الفحوصات التشخيصية التي تُجرى لالتقاط صور عالية الدقة تقريباً لكل أعضاء ومكونات الجسم الداخلية. غير أن هذه التقنية تطرح العديد من التساؤلات عن أهميتها ومخاطرها، بالإضافة إلى الخرافات الشائعة المرتبطة بها.
لنتعرف أكثر على هذه التقنية واستخداماتها انطلاقاً من إضاءات البروفسور توبياس جيلك، خبير الأشعة وسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، ومدرِّب واستشاري في مجال الأشعة والتصوير بالرنين المغناطيسي لمقدّمي الرعاية الصحية، على موقع صحتك، ونجيب عن أسئلة من قبيل هل التصوير بالرّنين آمِن؟ وما المفاهيم الخاطئة الشائعة المتعلقة به؟ ما أبرز التحديات التي قد تواجِه مقدّمي الرعاية الصحية للتصوير بالرنين المغناطيسي؟
ما هو التصوير بالرنين المغناطيسي؟
يُعرّف موقع "صحتك" التصوير بالرنين المغناطيسي بكونه تقنية تشخيصية تصوّر معظم أجزاء الجسم، كالأعضاء والأوعية الدموية والعظام والعضلات، ويجرى ذلك باستخدام مغناطيس كبير وأمواج راديو، ولا ينتج جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي أي أشعة، بل يعمل من خلال إنشاء حقل مغناطيسي قوي حول المريض الموجود داخل الجهاز، ثم بإرسال موجات راديو من الجهاز الماسح، وتشبه بعض أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي نفقًا ضيقًا، بينما تكون أجهزة أخرى مفتوحة أكثر.
وتُسهم هذه التقنية في إعطاء صور للجسم والعظام والعضلات والأوعية الدموية بوضوح ودقة، ما يمنح الطبيب معلومات مفصلة تساعده في تشخيص حالة المريض، أو التخطيط لنظام العلاج الأمثل للحالة.
تسهم تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي في تشخيص حالة المريض، أو التخطيط لنظام العلاج الأمثل للحالة
وهناك أنواع مختلفة من التصوير بالرنين المغناطيسي لأهداف مختلفة، فهناك مثلاً تقنية تُعرف بتصوير الأوعية الدموية بالرنين المغناطيسي، تمكن من دراسة تدفق الدم في الأوعية، وتستخدم لتشخيص توسع الأوعية وغيرها من مشكلات الأوعية الدموية في الدماغ والحبل الشوكي وغيرها من أجزاء الجسم، وتوجد تقنية أخرى لتصوير الدماغ لتحديد مواقع محددة من الدماغ تجرى فيها وظائف معينة،
هل التصوير بالرنين المغناطيسي آمن؟
يقرّ البروفسور توبياس جيلك، في مقابلته مع موقع "صحتك"، بصعوبة هذا السؤال؛ مؤكدا وجود العديد من المخاطر المهمة التي يجب تداركها، فهناك مثلاً القوة المغناطيسية الهائلة لجهاز التصوير بالرنين المغناطيسي، وكيف يؤثّر هذا في بعض القطع المعدنية التي قد تكون داخل أو خارج جسم المريض، أو أن عملية التصوير بالرنين المغناطيسي تحفز جهودًا كهربائية في المرضى أثناء الفحص، أو أن المجال الذي يولِّده الجهاز قد يعطِّل عمل أجهزة طبية أخرى، مثل منظم ضربات القلب أو مضخات الإنسولين.
ويعتبر المتحدث، وهو أيضاً عضو في الكلية الأميركية للأشعة ACR MRI ولجنة سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي وعضو مجلس الإدارة والرئيس السابق لـABMRS وحاصل على البورد الأميركي لسلامة الرنين المغناطيسي، أن أفضل طريقة لاحتواء كل هذه المخاطر هي ضمان فحص المريض وتقييمه بشكل دقيق في ما يتعلق بالمخاطر الخاصة بالتصوير بالرنين المغناطيسي الذي سيخضع له، مع معرفة أن هناك مخاطر مختلفة إذا كنت ستخضع لتصوير الركبة مقارنة بتصوير الدماغ.
ويشير أيضاً إلى أنه من أبرز العقبات التي تقف في طريق جَعل التصوير بالرنين المغناطيسي أكثر أماناً هو النجاح الكبير لحملة العلاقات العامة المتعلقة بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، إذ تَمكّن علم التصوير الشعاعي من تسويقه على أنه "وسيلة تصوير طبية آمنة" بشكل ناجح، لدرجة أن الهيئات التنظيمية وهيئات الترخيص وحتى إدارات المستشفيات بدأت تعتقد أن المزيد من إجراءات السلامة غير ضرورية، ولهذا نواجه صعوبة في البحث بشكل أوسع في سلامة إجراءات موقِع معيّن، أو ما هي سياساتهم، وكيف يدرّبون العاملين لديهم.
ما هي أهم إجراءات السلامة؟
بحسب الخبير، لا توجد في العالم بأسره قوانين أو تنظيمات تحقق أفضل ممارسات السلامة للتصوير بالرنين المغناطيسي، وإن وُجِدت فهي قليلة، ويشمل هذا برامج الاعتماد المتّبعة في معظم المستشفيات.
ويشير إلى أنه يقع اليوم على عاتق كل مستشفى وعيادة تحديد إجراءات السلامة التي تريد تبنّيها، وربما أفضل ما يمكن أن تقوم به هذه المنشآت لتعزيز سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي هو تعيين أشخاص مسؤولين في وظيفة مدير طبي للتصوير بالرنين المغناطيسي، أو مسؤول أو خبير سلامة الرنين المغناطيسي.
ويعتبر أنه بالرغم من أن المستشفيات مطالَبة بوجود أشخاص محدَّدين للإشراف على سلامة التصوير الشعاعي، فإنه كثيراً ما يُهمَّش الموضوع، وهو ما ينعكس سلباً على الجودة والخدمة المقدمة للمرضى.
ويركز المتحدث على أهمية التعليم المستمر في سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، مشيراً إلى أن "متطلبات التدريب الأولية لخبراء وعلماء التصوير الشعاعي والفيزيائيين الطبِّيّين لا تشمل معرفة ضرورية للممارسات اللازمة في العالم الحقيقي، ويعني هذا أننا نُلقي بهؤلاء الخبراء في مياه عميقة لنرى إن كانوا قادرين على السباحة وحدهم! وهذا ليس عادلاً في حقّهم، وهو بالطبع عكس ما يتوقّعه المرضى من خبراء التصوير بالرنين المغناطيسي".
ويقول: "بسبب وجود هذا النقص في بداية التدريب المتعلق بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، فإن استمرار التطوير والتعليم المحترف في سلامته يصبح ضرورياً لكل الخبراء الذين يلعبون أدواراً في سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي".
كيف تُعزَّز سلامة المرضى ومقدّمي الرعاية؟
يؤكد جيلك أنه عندما ينطلق خبراء التصوير بالرنين المغناطيسي من نقصٍ في التدريب المتعلق بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، فهذا يعني أن قرارات رعاية المرضى، وما هو آمن لهم أو غير آمن، لا تكون مبْنِيّة على معرفة، وقد يؤدي هذا إلى السماح بإجراء فحوصات خطرة لمريض يحمل جهازًا طبيًا أو مصابٍ بحالة طبية معيّنة، وقد يعني أيضاً رفض إجراء فحص بالتصوير بالرنين المغناطيسي لمريض يمكنه الخضوع لهذا الفحص بشكل آمن، وقد يعني هذا أيضاً، في العديد من الأحيان، ضياع ساعات وحتى أيام من العمل في محاولة للحصول على المعلومات اللازمة لرعاية المريض.
ويشير إلى أن التدريب الأفضل على سلامة التصوير بالرنين المغناطيسي يمكن من تحقيق ثلاث نتائج مختلفة قد تبدو متناقضة وهي إجراء تقييمات بمقارنة المخاطر والفوائد، وتحسين سلامة خدمات التصوير بالرنين المغناطيسي من خلال مساعدة الخبراء على إدارة جهود السلامة في المواقع التي تُحقَّق فيها أفضل النتائج، والحد من تكاليف العمل بتعزيز تقييم المرضى، وبالتالي تحسين الأداء المالي لهذه المنشآت.
توصيات ومقترحات
يرى البروفيسور جيلك أن كل قسم للتصوير بالرنين المغناطيسي في كل مستشفى يمكِنه إلى حدّ كبير رَسم مساره الخاص في ما يتعلق بممارسات السلامة.
ويعتبر أن أفضل استجابة هي تجنُّب محاولة الضغط على كل أقسام التصوير بالرنين المغناطيسي في نفس القالب بالضبط، وبناء المعرفة والمهارات والكفاءات لدى الإداريين واختصاصيي الأشعة ومصوري الأشعة، للسماح لهم بتكييف ممارساتهم بشكل آمن وتقديم رعاية بكفاءة لمرضاهم.
وللسماح بدرجة من المرونة في التنفيذ، يقترح أن يقوم كل قسم للتصوير بالرنين المغناطيسي بتعيين مدير طبي للتصوير بالرنين المغناطيسي، ومسؤول سلامة، وخبير سلامة، الذين هم مكلفون بسلامة الموظفين والمرضى في منطقة التصوير بالرنين المغناطيسي.
خرافات ومفاهيم شائعة
يرى البروفسور توبياس جيلك، خبير الأشعة وسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، أن إحدى الخرافات الأكثر انتشاراً هي أن التحسينات في السلامة تأتي فقط على حساب الكفاءة أو الإنتاجية، وهذا يفشل في إدراك أن العائق الأكبر الوحيد أمام إنتاجية التصوير بالرنين المغناطيسي (إلى جانب عدم حضور المرضى في الوقت المحدد لمواعيدهم) هو مقدار الوقت الذي يُقضى كل أسبوع في محاولة تحديد موانع الاستعمال المحتملة وتوضيحها لمرضى التصوير بالرنين المغناطيسي الذين لا يفعلون ذلك، فقد يكون لديهم تاريخ طبي كامل، وقد تكون لديهم زرعة معدنية، أو قطعة من الشظايا.
وفي بعض المستشفيات، قد يُقضى ما يصل إلى ربع وقت اختصاصي الأشعة في التحقق من التاريخ الطبي لهؤلاء المرضى، بينما تتأخر فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي الخاصة بهم. ويَنتُج عن هذا جهد ضائع كبير، وغالباً ما يكون هناك عدد من أوقات الفحوصات الفارغة.
لكن من خلال تحسين المعرفة والعمليات المتعلقة بسلامة التصوير بالرنين المغناطيسي، يمكن في كثير من الأحيان تقليل الوقت المستغرَق في الانتهاء من العمل مع المرضى بشكل كبير، ما يؤدي أيضاً إلى عدد أقل بكثير من الاختبارات "المفقودة" بسبب التأخير في الانتهاء من العمل مع المرضى، ويؤدي هذان التأثيران في نفس الوقت إلى تقليل التكاليف وزيادة الإيرادات.
كيف تستعد للتصوير بالرنين المغناطيسي؟
قد يطلب منك الطبيب القيام ببعض الأمور استعداداً للتصوير الذي ينوي القيام به، ومن هذه التحضيرات:
- عدم تناول أطعمة أو مشروبات معينة أو إيقاف دواء تتناوله في بعض الحالات، ولكن معظم تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي لا تتطلب أي تغييرات في النظام الغذائي والأدوية.
- خلع جميع المعادن التي نرتديها مثل الساعات والمجوهرات، ويفضل تركها في المنزل.
- الاستلقاء من دون حركة داخل جهاز أسطواني كبير مفتوح من الجهتين، وقد يطلب من الطبيب ارتداء سدادات للأذن بسبب صوت الجهاز المرتفع.
- تتطلب بعض أنواع التصوير بالرنين المغناطيسي استخدام صبغة طبية، ولهذا، يجب التحقق من الإجراءات المتعلقة بالحساسية من هذه المادة، والتأكد من سلامة عمل الكلية قبل التصوير.