ليس سهلاً النزوح الذي أجبر محمد بن هويان الناعس على مغادرة بلدته في ريف معرة النعمان إلى الجنوب من محافظة إدلب شمال غربي سورية، فكان التهجير بالتالي وترك البيت أشدّ صعوبة من فقدان البصر عليه.
يقيم السبعيني محمد بن هويان الناعس في مخيم أبو بكر الصديق في قرية باتنته شمالي إدلب، حيث حطّت به الرحال، في أرض تضاريسها صعبة لا يمكن له ككفيف اعتياد معالمها ولا التآلف مع مواقع حجارتها وصخورها. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "هذا النزوح أصعب عليّ من فقدان البصر. في السابق كنت أمشي وأعرف الأرض التي أمشي بها والأماكن، أمّا الآن فلا أعلم ايّ منطقة جبلية ووعرة".
يضيف الناعس: "فقدت البصر عندما كنت أبلغ من العمر خمسة أشهر، وبقيت حتى الرابعة عشرة من عمري تحت رعاية والدي الذي كان مسؤولاً عن إعالتنا جميعاً. كانت لدينا دواب وأغنام توفّر لنا الدخل والحمد لله. اشتغلت في الحصائر وحفر الجباب حتى أعيل أولادي". ويتابع أنّه يحفظ تواريخ العالم، وكذلك أسماء البحار والأنهار والجبال والرؤساء، وقد "أطلق عليّ أهل بلدي معصران تسمية فرخ أبو العلاء المعري، فما نسيت شيئاً حفظته".
يتحدّث ابنه أحمد عن حياة والده قبل مغادرة بلدتهما، فيقول لـ"العربي الجديد" إنّ "والدي كان يعيش في أرضه وبيته، ويتمّشى فيذهب إلى خارج المنزل ويزوره الناس. أمّا اليوم، فهو يعيش في خيمة ومنطقة جبلية وحالته النفسية تعبت، والنزوح عليه أصعب من فقدانه البصر".
وتفيد بيانات فريق "منسقو استجابة سورية"، بأنه قد بلغ عدد مخيمات الشمال السوري في النصف الثاني من عام 2021 الجاري، 1489 مخيماً يقطنها نحو مليون ونصف مليون نازح يعيشون في ظروف صعبة ويعانون من ضعف الاستجابة الإنسانية.