قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، الأربعاء، إنَّها سجلت ما لا يقل عن 203 حالات اعتقال أو احتجاز تعسفي خلال شهر فبراير/شباط الماضي، من بينها 13 طفلاً و11 سيدة، مشيرة إلى أن النظام السوري يستهدف اللاجئين العائدين، وصحافيين بالاعتقال.
وأكدت الشبكة الحقوقية في تقرير أن 126 من المحتجزين تحولوا إلى مختفين قسرياً، واحتجز 96، من بينهم 4 أطفال و6 سيدات على يد قوات النظام السوري، و47 بينهم 9 أطفال وسيدتان على يد قوات سورية الديمقراطية، فيما سجَّل التقرير احتجاز 29، من بينهم 3 سيدات على أيدي فصائل المعارضة المسلحة، و31 على أيدي هيئة تحرير الشام.
وأوضح التقرير أنَّ معظم حوادث الاعتقال في سورية تتمُّ من دون مذكرة قضائية لدى مرور الضحية من نقطة تفتيش، أو أثناء عمليات مداهمة، وغالباً ما تكون قوات الأمن التابعة لأجهزة المخابرات الأربعة الرئيسة هي المسؤولة عن عمليات الاعتقال بعيداً عن السلطة القضائية، وبعدها يتعرَّض المعتقل للتَّعذيب، ويُحرَم من التواصل مع عائلته أو محاميه، كما تُنكر السلطات قيامها بعمليات الاعتقال التَّعسفي، ويتحوَّل معظم المعتقلين إلى مختفين قسرياً.
وجاء في التقرير أن قوات النظام لم تتوقف عن ملاحقة واستهداف المدنيين في مناطق سيطرتها على خلفية معارضتهم السياسية؛كما تواصل ملاحقة واعتقال الأشخاص الذين أجروا تسوية لأوضاعهم الأمنية في مناطق التسويات، ومنها محافظات ريف دمشق، ودرعا، ودير الزور، وحصل معظمها ضمن حملات دهم واعتقال جماعية، أو على نقاط التفتيش.
وسجلت عمليات اعتقال عشوائية في محافظة ريف دمشق، بذريعة التخلف عن الخدمة العسكرية الاحتياطية، وعمليات اعتقال بحق مواطنين، من بينهم سيدات، في مدينة اللاذقية، نفذها فرع الأمن الجنائي بتهمة نقلهم أخباراً لجهات إعلامية خارجية، كما تم اعتقال عدد من اللاجئين والنازحين العائدين بعد وصولهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، وتركزت في حماة وحلب.
تقرير: توثيق ما لا يقل عن 203 حالات اعتقال/ احتجاز تعسفي في شباط 2022 بينها 13 طفلاً و11 سيدة
— الشبكة السورية (@SN4HR) March 2, 2022
النظام السوري يعترف بمقتل عشرات المُختفين قسرياً لديه#سوريا #الشبكة_السورية
للاطلاع على التقرير كاملاً: https://t.co/vsEPtHALXK pic.twitter.com/YARYDzMBdh
ورصد التقرير إخلاء النظام السوري سبيل ما لا يقل عن 9 مدنيين، معظمهم من أبناء محافظات ريف دمشق، ودرعا، وإدلب، وذلك بعد انتهاء أحكامهم التعسفية، وقضى المفرج عنهم مدد اعتقالهم ضمن ظروف غاية في السوء شملت التعذيب، وشبه انعدام الرعاية الصحية، والاكتظاظ الشديد في مراكز الاحتجاز، فضلا عن كونهم اعتقلوا من دون توضيح الأسباب، وبدون مذكرة اعتقال.
ينكر النظام اعتقال المدنيين ثم يبلغ أهاليهم لاحقا بوفاتهم
وشهدت حصيلة الضحايا بسبب التعذيب المسجلة في شهر فبراير ارتفاعاً، ويعزى ذلك إلى إبلاغ النظام 56 عائلة من بلدة دير العصافير، أن معتقلين من أقربائها قد ماتوا، وقد تم إبلاغها عبر دائرة السجل المدني، وذكّر التقرير بظاهرة إبلاغ عوائل المعتقلين بأن أبناءها قد توفوا، لافتاً إلى أن هذا الإبلاغ هو بمثابة إدانة للنظام الذي اعتقل هؤلاء الأشخاص، ثم أصبحوا في عداد المختفين قسرياً؛ لأنه أنكر وجودهم لديه، قبل أن يخبر الأهالي بوفاتهم.
وسجل التقرير استمرار قوات سورية الديمقراطية "قسد" في سياسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري، ورصد حملات دهم واحتجاز جماعية استهدفت مدنيين بذريعة محاربة خلايا تنظيم داعش، وبعض هذه الحملات جرى بمساندة مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي.
كما سجلت عمليات احتجاز استهدفت مُدرّسين بذريعة دعوتهم طلاباً للاحتجاج على الأوضاع المعيشية والخدمية في مناطق سيطرة "قسد"، وتركزت في محافظة الرقة، إضافة إلى عمليات احتجاز استهدفت إعلاميين في محافظة الحسكة، كما اختطفت قوات سورية الديمقراطية أطفالاً بهدف اقتيادهم إلى معسكرات التجنيد التابعة لها.
وشهدَ شهر فبراير عمليات احتجاز قامت بها "هيئة تحرير الشام" بحق مدنيين، على خلفية التعبير عن آرائهم التي تنتقد سياسة إدارة الهيئة لمناطق سيطرتها، وتمَّت عمليات الاحتجاز بطريقة تعسفية على شكل مداهمات واقتحام، أو عمليات خطف من الطرقات، أو عبر نقاط التفتيش المؤقتة، كما سجل التقرير احتجاز مدنيين على خلفية مشاركتهم في احتجاجات شعبية في أعقاب إصابة سيدة بطلق ناري في الرأس مصدره أحد عناصر الهيئة.
وقامت قوات المعارضة أيضا بعمليات احتجاز تعسفي وخطف، وحدث معظمها بشكل جماعي، واستهدفت قادمين من مناطق سيطرة النظام، كما رصد التقرير حالات احتجاز جرت على خلفية عرقية وتركزت في مناطق سيطرة المعارضة في محافظة حلب، وحدث معظمها من دون إذن قضائي ودون مشاركة جهاز الشرطة، وهو الجهة المخولة بعمليات الاعتقال والتوقيف عبر القضاء، وبدون توجيه تهم واضحة.
واعتبر التقرير أن قضية المعتقلين والمختفين قسرياً من القضايا الحقوقية التي لم يحدث فيها أيُّ تقدم على الرغم من تضمينها في قرارات عدة لمجلس الأمن الدولي، وقرارات للجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي بيان وقف الأعمال العدائية الصادر في 2016، وفي قرار مجلس الأمن رقم 2254 الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2015.
وشدَّد التقرير على ضرورة إطلاق سراح الأطفال والنِّساء، والتَّوقف عن اتخاذ الأُسَر والأصدقاء رهائنَ حرب، والكشف عن مصير قرابة 102 ألف مختفٍ في سورية، 85 في المائة منهم لدى النظام، والضَّغط على الأطراف جميعاً من أجل الكشف الفوري عن سجلات المعتقلين لديها، والكشف عن أماكن احتجازهم، والسَّماح للمنظمات الإنسانية بزيارتهم.