الشقيقان الفلسطينيان جواد وظافر الريماوي.. معًا في الحياة والنضال معًا في الشهادة
عُرف عن الشقيقين الفلسطينيين جواد (22 عاماً) وظافر الريماوي (21 عاماً) تنافسهما الأكاديمي، ووجودهما الدائم إلى جانب بعضهما، قبل أن يغتالهما رصاص قناصة إسرائيليين، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في بلدة كفر عين شمال غرب رام الله المجاورة لبلدتهما بيت ريما فجر الثلاثاء.
يقول عمّ الشهيدين ظافر الريماوي المعتقل منذ 21 عاما في سجون الاحتلال برسالة صوتية متداولة: "كنت أظن أن جواد وظافر يتنافسان فقط في التحصيل الدراسي، لكنهما كانا يتنافسان أيضا في التضحية، والإباء، والعزة، والكرامة، جواد الحبيب، وظافر الذي منحته اسمي، فكافأني بفعل يضاهي معنى الظفر والفوز".
ويتابع "استشهاد جواد وظافر معاً لم يكن مصادفة، إنما دلالة على ثنائية الانتماء والوفاء، والفعل والعطاء، رسالتهما؛ فلسطين لا يمكن أن تستعيد كرامتها وعافيتها إلا بالدم الطهور".
عاش جواد وظافر في كنف عائلة تحمل إرثاً نضالياً، تأثرا به، فعمهما ظافر الأسير كان من قادة كتائب شهداء الأقصى الذراع المسلحة لحركة فتح خلال انتفاضة الأقصى، حكم بالسجن 32 عاماً، وعمهما الآخر منيف، كان كذلك من قادة كتائب شهداء الأقصى، ووالدهما عبد الرحمن أسير محرر، وابن خالتهما عمر سمير الريماوي أسير محكوم بالمؤبد مدى الحياة بسبب تنفيذه عملية ضد مستوطنين شرق رام الله.
يقول والدهما لـ"العربي الجديد": إنه أطلق اسم ظافر على ابنه، تيمناً بشقيقه الأسير، "أبنائي بفضل الله تربوا في أسرة مناضلة، عمهم كان مطارداً وقائدًا في كتائب شهداء الأقصى وآخر كذلك قبل اعتقاله، ومن الطبيعي أن يكونوا مثل أبناء الشعب الفلسطيني، ونحن نتوقع من الاحتلال ما فعل، لكن ذلك لن يؤثر فينا وسنبقى صامدين وموجودين بعزيمتنا وإرادتنا".
ويعتقد عبد الله البرغوثي قريب الشهيدين في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ظافر وجواد راقبا حالة عائلتهما بعمق بكل تفاصيلها فهما سليلا عائلة مناضلة، ولم يكونا حالة انعزالية عن الواقع، بل كانا من المبادرين في كل الأبعاد في البلدة، اجتماعياً وثقافياً ووطنياً وإغاثياً وثقافياً، وفي المقدمة دوماً سواء في مناسبات الأسرى أو جنائز الشهداء، أو في بيوت العزاء، واصفاً إياهما بالحالة الطليعية.
يلفت انتباه عبد الله الذي يعيش بمنزل مجاور لمنزلهما أنهما دائما أول المشاركين في كل المناسبات، وأنهما كانا دائمي التفاعل مع القضايا الوطنية، في الضفة وغزة، واصفاً إياهما بأنهما كانا كالتوأم لأنهما دائما مع بعضهما.
وفي إجابة عن سؤال لـ"العربي الجديد" حول تواجدهما فجر الثلاثاء للتصدي لاقتحام الاحتلال في قرية مجاورة وليس في بيت ريما، قال البرغوثي: "هما هكذا، تربيا أن يكونا في طليعة تأدية الواجب، دون طلب إذن من أحد، أو استشارة أحد، هما يفهمان الواجب ويعملان بناء على ذلك، سواء في بيوت الأسرى، وتوديع الشهداء، أو الإضرابات والمواجهات".
وأشار عبد الله إلى أن الشهيدين كانا قد تأثرا كثيرا بالشهيد إبراهيم النابلسي، وشهداء مجموعة عرين الأسود في نابلس، "حين استشهد النابلسي تأثرا بشكل قوي، وتصدرا المشهد في الفعاليات والمسيرات والإضرابات والمواجهات على الحواجز العسكرية الإسرائيلية القريبة من البلدة، لقد كانا حالة متقدمة لكنها أصبحت أكبر بعد أحداث نابلس".
درس الشهيدان الشقيقان في جامعة بيرزيت، وتخرج جواد من كلية التجارة والاقتصاد، بينما كان ظافر الأصغر سناً يدرس هندسة الحاسوب، عادا بعد استشهادهما إلى الجامعة محمولين على الأكتاف، وسط مئات الطلبة الذين انتظروا الجثمانين، بهتافات غاضبة، فجواد وظافر كانا من الناشطين المعروفين في حركة الشبيبة الطلابية الذراع الطلابية لحركة فتح، كما يقول صديقهما ومنسق الشبيبة أمير وهدان لـ"العربي الجديد".
حالة تفاعل كبيرة شهدتها جامعة بيرزيت، تدلل على حجم الحدث، ومكانة الشهيدين بين زملائهما، يؤكد وهدان أنهما كانا من أوائل من يلتحق بأي نشاط وطني، وكانا من المفوهين والمميزين في إلقاء الكلمات والخطب خلال الفعاليات، وكانا يقفان وقفة قوية لكل ما يتعلق بالوطن، وفي كل النشاطات يتواجدان سواء الاعتصامات الوطنية أو النشاطات الأكاديمية، كانا سباقين لمواجهة الاحتلال.
يذكر وهدان مزاحه معهما بأنهما لا يتركان أي جيب من جيبات الاحتلال إلا ويتركان عليه بصمتهما، يشتبكان بالحجارة، ويلاحقان الجيبات حتى أثناء انسحابها.
كان جواد كما يقول وهدان قد استقبل الشهيد فادي وشحة قبل سنوات، داخل الجامعة بجنازة طلابية مشابهة لهذه التي جاءت له ولشقيقه ظافر، واستقبله أصدقاؤه بمشهد يتكرر على الجامعة.
وإضافة للشهيدين الريماوي، استشهد يوم أمس، الشاب رائد غازي النعسان من قرية المغير شرق رام الله، والشاب مفيد أخليل من بلدة بيت أمر شمال الخليل جنوب الضفة، واستشهدا معا خلال مواجهات مع الاحتلال، والشهيد الخامس هو الشاب راني أبو علي من بلدة مخماس شمال شرق القدس والذي استشهد بعد ملاحقته وتنفيذه عملية دهس أصيبت بها مجندة إسرائيلية.