في وقت تحوّلت فيه أنظار العالم عن الأزمة الوبائية لتُوجَّه إلى الحرب في أوكرانيا وأزمات أخرى محلية، عرضت منظمة الصحة العالمية ثلاثة مسارات قد تسلكها جائحة كورونا في هذا العام، لافتة إلى أنّ السيناريو الأسوأ يتضمّن ظهور متحوّر جديد أكثر ضراوةً من كلّ المتحوّرات السابقة التي ظهرت في خلال أكثر من عامَين. أمّا السيناريو الأكثر ترجيحاً بالنسبة إلى المنظمة الأممية فهو أقلّ مأساوية، ويرتكز على تراجع تدريجي لخطورة مرض كوفيد-19 الذي يتسبّب فيه فيروس كورونا الجديد، بفضل مناعة أفضل لدى الشعوب.
ونشرت الصحة العالمية نسخة معدّلة من خطتها الاستراتيجية لمكافحة الوباء، في حين عبّر المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس عن أمله بأن تكون هذه الخطة الأخيرة الخاصة بهذا الفيروس الذي اكتُشف للمرّة الأولى في الصين في نهاية عام 2019 قبل أن ينتشر في العالم كله ويسفر عن إصابة نحو نصف مليار شخص ويودي بحياة أكثر من ستّة ملايين بحسب الأرقام الرسمية، وهي من دون شكّ أقلّ بكثير من الأرقام الفعلية.
وقال غيبريسوس في مؤتمر صحافي إنّه "بناءً على ما نعرفه حالياً، السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أنّ الفيروس سوف يستمرّ في التطوّر، لكنّ ضراوة المرض الذي يتسبّب فيه سوف تتراجع شيئاً فشيئاً مع زيادة المناعة بفضل عمليات التحصين (باللقاحات المضادة لكوفيد-19) والإصابات"، مضيفاً أنّه "من الممكن أن ترتفع أعداد الإصابات إلى الذروة من وقت إلى آخر عندما تتراجع المناعة من جديد، الأمر الذي سوف يستدعي تزويد الناس بجرعات تعزيزية من اللقاح، خصوصاً الفئات الهشّة".
أمّا السيناريو الثاني بحسب غيبريسوس فهو أنّه "في أفضل الأحوال، سوف نشهد ظهور متحوّرات أقلّ ضراوةً ولن تكون ثمّة حاجة إلى تركيبات جديدة لجرعات تعزيزية ولقاحات" لمكافحتها. لكنّه لفت إلى "سيناريو (ثالث) أسوأ يظهر فيه الفيروس أكثر ضراوةً وشديد العدوى. وفي مواجهة هذا التهديد الجديد، سوف تتراجع بسرعة حماية الشعوب (المكتسبة) بفضل عملية تحصين سابقة أو إصابة، من الأعراض الخطيرة للمرض أو الوفاة". وينبغي في هذه الحالة تعديل اللقاحات المتوفّرة بشكل كبير والتأكّد من أنّها سوف تُعطى للأشخاص الأكثر ضعفاً.
من جهتها، أشارت المديرة الفنية لبرنامج الطوارئ المعني بكوفيد-19 في منظمة الصحة العالمية ماريا فان كيروف إلى أنّ "الفيروس ما زال يملك طاقة كبيرة بنسخته الحالية"، "لا يزال لدى الفيروس الكثير من الطاقة". وقد أُصيب في الأسبوع الماضي أكثر من 10 ملايين شخص وتوفي 45 ألفاً، بحسب الأرقام التي زُوّدت بها المنظمة، إلا أنّ الأعداد حتماً أعلى بكثير من تلك المعلنة بحسب المراقبين.
وفي حين تعود المنظمة إلى التشديد على الإجراءات الوقائية الواجب الالتزام بها لتفادي عدوى كوفيد-19، لا سيّما تلقّي اللقاحات المضادة بكوفيد-19، لفتت فان كيروف في وقت سابق إلى أنّه على الرغم من تراجع المناعة التي توفّرها تلك اللقاحات مع الوقت، فإنّها ما زالت فعّالة بطريقة هائلة في تفادي الإصابات الحادة والوفيات.
From tomorrow, free #COVID19 testing will be available for people with symptoms if they are:
— Department of Health and Social Care (@DHSCgovuk) March 31, 2022
▶️ patients in hospital
▶️ eligible for treatments because they are at higher risk of getting seriously ill
▶️ living or working in high-risk settings such as care homes or the NHS
تجدر الإشارة إلى أنّ دولاً عدّة رفعت القيود الصحية التي كانت مفروضة لمكافحة تفشي الوباء بمعظمها، وخفّضت في الوقت نفسه الفحوص الخاصة بكوفيد-19، الأمر الذي يجعل متابعة انتشار الوباء صعبة جداً. واليوم الخميس، أعلنت بريطانيا، على سبيل المثال، أنّه ابتداءً من يوم غد الجمعة الأوّل من إبريل/ نيسان 2022، سوف تُعلَّق الفحوص المجانية السريعة لكشف الإصابات، وذلك في إطار استراتيجيّة "العيش مع كوفيد"، وذلك على الرغم من أنّ العدوى ما زالت مرتفعة في حين يتوقّع مسؤولو الصحة مفاجآت سيّئة للوباء.
لكنّ ثمّة فئات محدّدة مستثناة من ذلك، وبالتالي تبقى تلك الفحوص مجانية للعاملين والمقيمين في أماكن تُسجَّل فيها خطورة عالية مثل المستشفيات ودور رعاية المسنّين والسجون، كذلك للمرضى في المستشفيات، وللأشخاص الذين يعانون من مشكلات مناعية.
(العربي الجديد)