تحدد وزارة الزراعة في تونس سنوياً فترة زمنية لممارسة هواية الصيد البري، في إطار التدابير التي تتخذها للحفاظ على الثروة الحيوانية ومنع انقراض الأنواع. ويخضع ممارسو هذه الهواية منذ عام 1988 لضوابط تحددها "مجلة الغابات" في التعامل مع أصناف الحيوانات البرية، من أجل تجنب استنزاف ثروتها. ولا يُمكن لأحد أن يمارس الصيد البري من دون الحصول على ترخيص أو في فترات غير قانونية تحددها وزارة الزراعة. وتضبط "مجلة الغابات" التي تنظم عملية الصيد المعدات التي يمكن استعمالها والأماكن المتاحة، وتنشر قائمة بالعقوبات قد يتعرض إليها مخالفو القوانين والتي تتراوح ما بين غرامات مالية ومواجهة أحكام بالسجن، من أجل التصدي لأي انتهاك للثروات الحيوانية، خصوصاً في المحميات بالإضافة إلى منع تهديد الحياة البرية في المناطق الريفية والجبلية.
وأعلنت وزارة الزراعة أخيراً افتتاح موسم الصيد البري 2021 - 2022، وسمحت بصيد 27 صنفاً من الطيور والحيوانات وفق مواعيد مضبوطة، كما حددت آليات الصيد وطرقه بالنسبة إلى كل أنواع الحيوانات. وجاء في بيان أصدرته الوزارة أن "موسم صيد الأرانب البرية والحجل والسمانة القارة والحمام الأزرق والقطار الحر انطلق بدءاً من 26 سبتمبر/ أيلول (الماضي) ويستمر حتى 28 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل". أضاف البيان: "بدأ في 26 سبتمبر/ أيلول الماضي السماح بصيد الخنزير الوحشي في محافظات توزر وقبلي وقفصة وقابس وتطاوين وصفاقس وسيدي بوزيد والقصرين، وسيستمر ذلك حتى نهاية مايو/ أيار 2022. كما يمكن صيد أنواع العصافير مع إمكان استعمال كلب في بعض المحافظات بدءاً من 17 أكتوبر/ تشرين الأول (الجاري) وحتى 13 مارس/ آذار 2022، وصيد طير البكاشة المهاجر في مناطق الغابات بمحافظات جندوبة وبنزرت ونابل وباجة والكاف وبن عروس وزغوان بدءاً من 7 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل وحتى 13 مارس/ آذار 2022". كذلك أقرّت الوزارة الرسم المطلوب لانضمام كل هاوٍ إلى جمعية الصيادين بـ15 دولاراً بالنسبة إلى التونسيين المقيمين، و35 دولاراً بالنسبة إلى المقيمين المؤقتين، وأصدرت قائمة بالأيام التي يُسمح الصيد فيها.
وأكدت الوزارة ضرورة احترام شروط السماح بالصيد البري في الأراضي الدولية وتلك الخاضعة لنظام الغابات، وعدد الطرائد التي يمكن قنصها، مع وضع قائمة بالحيوانات التي يُمنع صيدها مثل الثدييات والبط والسلاحف البرية.
وأشارت وزارة الداخلية إلى إصدار 45 ألف رخصة صيد قانونية، في حين يتجاوز عدد الطلبات المقدمة للحصول على ترخيص 50 ألفاً. أضافت أنّها منحت أكثر من خمسة آلاف رخصة جديدة في خلال السنوات الثلاث الأخيرة. وأوضحت أن توفير المتقدم الشروط المطلوبة لا يمنحه موافقة آلية على نيل الترخيص بحمل سلاح صيد، إذ يخضع ذلك لتقدير الهيئة المعنية بمنح الموافقة أو الرفض.
في سياق متصل، يضبط القانون رقم 33 الصادر عام 1969 واردات الأسلحة والاتجار فيها وإجراءات حصر استعمالها، من خلال مجموعة شروط تحدد كيفية تعامل وزارة الداخلية مع طلبات الحصول على رخص، والعقوبات المرتبطة بحيازة سلاح بلا رخصة.
انتظار طويل للرخص
وعموماً، يستهوي الصيد البري آلاف التونسيين، خصوصاً في المناطق الجبلية والريفية، علماً أن بعض محبي الهواية يطالبون بتوفير عدد أكبر من الرخص لامتلاك بنادق، ويُنددون بعدم منحها لهم أحياناً، واضطرارهم بالتالي إلى الانتظار سنوات للحصول على هذا الحق بعد موافقة لجنة منح الرخص في وزارة الداخلية على ملفاتهم المقدمة. ويتحدث عدد كبير من هواة الصيد عن حصول أشخاص على رخص في خلال فترات وجيزة، وحتى من دون إيداع ملفاتهم في الوزارة المعنية.
وهكذا قد يضطر بعض عاشقي الصيد البري إلى ممارسة هوايتهم من دون امتلاك رخص، أو فعل ذلك في خارج الأوقات التي تحددها وزارة الزراعة. وتسبب ذلك في المرحلة السابقة في استنزاف ثروات الغابات، وأوجد ممارسات الاتجار بأصناف عدّة من الحيوانات المهددة بالانقراض، علماً أنه جرى تسجيل تجاوزات عدة أيضاً منذ انطلاق موسم الصيد الحالي.
وبعد أيام قليلة فقط من انطلاق موسم الصيد البري الجديد، احتجزت وحدات الأمن سبع بنادق صيد غير مرخصة في محافظة القيروان، وأربعاً أخرى في محافظة المهدية، بالإضافة إلى أكثر من 20 بندقية في مناطق ريفية مختلفة بالشمال. وأظهرت التحقيقات أن المخالفين ابتاعوا البنادق من مصادر غير قانونية، ولا تخضع لمراقبة أجهزة الدولة.
مهمات حراس الغابات
يقول مدرب الصيد وليد بجاوي لـ"العربي الجديد" إنّ "جمعية الصيد البري تتعاون مع أجهزة الغابات في مراقبة عمليات الصيد، والتي تشمل إجراءاتها التثبت من امتلاك الصياد رخصة حيازة سلاح من وزارة الداخلية، وكذلك رخصة ممارسة الهواية من وزارة الزراعة، علماً أن الحصول على الرخصتين لا يكفي لاستثناء الصياد المعني من إجراءات المراقبة، فحراس الغابات يدققون في عدد الطرائد التي يجرى اصطيادها وأنواعها، ويقيّمون خضوعها للتدابير القانونية المفروضة، من بينها أيضاً المواعيد المحددة. وعلى سبيل المثال، يُمنع صيد الغزلان والسلاحف البرية والبط لأنّها مهددّة بالانقراض".
يضيف بجاوي أنّ "المخالفات بغالبيتها تشمل الصيد من دون ترخيص أو امتلاك بندقية صيد غير مرخصة، علماً أن عمليات المراقبة اليومية تتكثف في الأماكن المحددة في خلال موسم الصيد، على الرغم من النقص في عدد المراقبين أحياناً. ولا بدّ من الإشارة إلى أن عدداً من الممارسين يتعرّضون إلى إصابات في خلال عمليات الصيد بسبب افتقارهم إلى التدريب المناسب وقلة خبرتهم في الأماكن وفي ملاحقة أنواع مختلفة من الطرائد، أو حتى في استخدام السلاح". ويتابع بجاوي أنّ "الإصابات قد تزداد بسبب حيازة بنادق صيد بطرق غير قانونية. ومن بين المخالفات التي يجرى ضبطها أيضاً وإخضاعها لغرامات مالية كبيرة بيع أنواع من الحيوانات البرية التي يجرى اصطيادها في الأسواق التونسية أو تهريب بعضها عبر الحدود إلى الجزائر أو ليبيا".