لا يزال الطفل مهند أبو عليان (13 عاماً) يرقد في سرير العناية المركّزة في مستشفى العريش العام، نتيجة تعرّضه لشلل رباعي إثر شظية صاروخ إسرائيلي أصابته أثناء مرافقته والده في سوق شعبي بمدينة خان يونس، جنوبي قطاع غزة، خلال العدوان الأخير على غزة الشهر الماضي. إلاّ أنّ لمعاناة الطفل مهند وجها آخر، يتمثّل في رفض السلطات المصرية سفر والده تيسير أبو عليان عبر منفذ رفح البري، لمرافقة نجله الذي لا يسأل عن شيء في المستشفى سوى والده، فيما تزداد حالة الطفل الجريح سوءاً مع مرور الأيام داخل المستشفى. إذ هو بحاجة إلى اهتمام طبي على مستوى عالٍ خارج مستشفيات سيناء، إلاّ أنّ الإدارة الطبية في مستشفى العريش العام ترفض نقله حتى الآن.
وفي اتصال مع "العربي الجديد"، قال تيسير أبو عليان: "منذ قرار نقل ابني للعلاج في مصر، رافقته إلى معبر رفح البري جنوبي قطاع غزة، إلاّ أنّ السلطات المصرية منعتني من إكمال السفر مع ابني إلى المستشفى، بحجة وجود منع أمني يحول دون دخولي مصر، حتى ولو لعلاج ابني، وقد أبلغتهم أنني مستعد لأي كفالة يطلبونها مقابل بقائي بجانب طفلي مهند نظراً إلى تعلّقه الشديد بي. وهو بكى كثيراً في الصالة المصرية حينما علم بالقرار القاضي بإرجاعي إلى قطاع غزة وسفره وحيداً إلى المستشفى، وحاولت مرة أخرى، بعد عدة أيام، السفر بعد وعود بتسهيل سفري، إلاّ أنّ ذلك لم يحصل، ما اضطرنا إلى سفر زوجتي بدلاً مني، رغم حاجة أطفالي لها في المنزل".
وأضاف أبو عليان: "حالة ابني تزداد سوءاً مع مرور الأيام، وهو يمكث منذ 32 يوماً في مستشفى العريش العام، من دون أي من مقومات الطب الحديث التي تحتاجها حالة مهند، ونتخوّف من مضاعفات بدأت تظهر على جسده خلال الأيام الماضية، وسط رفض الأطباء في المستشفى نقله إلى مستشفى حديث في القاهرة لاستكمال العلاج، وإعطائه الاهتمام الكافي، والاعتناء بحالته".
وأشار إلى أنّ الحالة النفسية للطفل مهند تؤثر سلباً على حالته الصحية، نظراً إلى رغبته الملحّة في حضور والده وبقائه بجواره، وكذلك عدم شعوره بأي تحسن أو اهتمام في المستشفى، فيما لا تزال السلطات المصرية ترفض سفره للقاء ابنه واستكمال علاجه خارج مستشفيات سيناء. وأضاف الوالد: "أوجّه ندائي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والقيادة الفلسطينية ممثلة بحركتي حماس وفتح، بضرورة التدخل لدى مصر لإنهاء معاناة ابني، والسماح لي بالسفر في أقرب وقت، ونقل ابني للعلاج في مستشفى ذي قدرات عالية".
وفي تفاصيل الموقف، قال مصدر طبي في مستشفى العريش العام، لـ"العربي الجديد"، إنّ الطفل مهند أبو عليان أصيب بشظية صاروخ في رقبته، أدّت إلى قطع في الحبل الشوكي، ما أصابه بشلل رباعي مدى الحياة، إذ "لا يمكنه التحرّك من الفراش أبداً، ولكن نعمل على تثبيت حالته الصحية، ومنع أي مضاعفات للإصابة، نظراً إلى عدم قدرته على الحركة، وإمكانية إصابته بالتهابات وتقرّحات نتيجة المكوث لفترة طويلة على السرير دونما أي حركة".
وأوضح أنّ الطاقم الطبي في المستشفى لا يرى حاجة لنقله للعلاج خارج سيناء، لعدم وجود علاج لحالته، ولا يمكن لأي مستشفى فعل شيء أكثر مما فعله الأطباء في مستشفى العريش العام، حيث يلقى المصابون اهتماماً عالياً بناءً على تعليمات من قيادة وزارة الصحة، بضرورة تقديم كل ما يلزم للمصابين الفلسطينيين.
وكان "العربي الجديد" قد كشف، مطلع الشهر الحالي، عن تفاصيل سفر الجرحى الفلسطينيين من غزة إلى مصر، حيث تمكّن 36 جريحاً فلسطينياً، جرّاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الشهر الماضي، من الوصول إلى المستشفيات المصرية التي فتحت أبوابها بقرار سيادي، وهو عدد قليل مقارنة مع إجمالي عدد الجرحى الفلسطينيين الذي بلغ ما يقارب ألفي إصابة. إذ أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في آخر إحصاءاتها، أنّ عدد المصابين جرّاء العدوان بلغ ما يقارب ألفي إصابة، بينها عشرات الإصابات الخطيرة، ما يشير إلى أنّ عدد المصابين الذين وصلوا إلى مصر للعلاج هو أقل من 2 بالمائة من العدد الإجمالي، وهي نسبة متواضعة بالمقارنة مع إعلان وزارة الصحة المصرية حالة الاستنفار في عدد من المستشفيات والمراكز الطبية، وأنها أوفدت طواقم طبية متخصّصة إلى تلك المستشفيات.
وواكب "العربي الجديد" كواليس سفر المصابين من غزة إلى مصر، وفي التفاصيل، كشف مصدر حكومي مسؤول في منفذ رفح البري أنّ "عدد المصابين الذين وصلوا من الجانب الفلسطيني بلغ 36 مصاباً، وذلك خلال الفترة الممتدة من 17 مايو/أيار الماضي حتى 7 يونيو/حزيران الحالي، بالإضافة إلى 34 مرافقاً معهم، نقلوا بواسطة سيارات الإسعاف المصرية إلى مستشفى العريش العام". ولفت إلى أنّ "مستشفى العريش كان يقيّم الحالات، وفي حال توافر العلاج اللازم في المستشفى يتم بقاء المصاب فيها، وفي حال احتاجت لتدخلات أكبر يتم نقل المصاب إلى معهد ناصر للبحوث والعلاج بالقاهرة، لتوفير العلاج اللازم والعمليات المتخصصة فيه، حيث تمّ نقل ما يقارب 10 مصابين إلى المعهد، بينما تعافى 3 مصابين وعادوا إلى غزة مجدداً".