أمضى خالد العمر ليلة أمس السبت محاولاً منع مياه الأمطار من الوصول إلى خيمته التي يقيم فيها قرب مدينة أعزاز في شمال حلب (شمالي سورية). يقول لـ"العربي الجديد" إنه نقل عائلته إلى مكان أكثر أماناً لدى أحد أقاربه وبقي في المخيم. إلا أن اشتداد العاصفة التي تأثرت بها مناطق شمال غرب سورية أجبره على قضاء ليلته في شد الحبال وبناء السواتر الترابية لمنع المياه من الدخول إلى خيمته وإغراق الأثاث. ولم تنجُ خيامٌ أخرى في المخيم ذاته من الغرق.
وتأثرت مناطق شمال غرب سورية بعاصفة مطرية أمس السبت، خلفت أضراراً بالغة في مخيمات النازحين. ويقول المتطوع في الدفاع المدني حميد قطيني، لـ"العربي الجديد": "ضربت عاصفة مطرية غزيرة مناطق شمال غرب سورية مساء أمس السبت وفجر اليوم الأحد، ما أدى إلى تشكل سيول جارفة خلّفت أضراراً في 40 مخيماً للنازحين ومراكز الإيواء المؤقتة للمنكوبين من الزلزال. وبلغ عدد الخيام المتضررة بشكل مباشر نحو 650 خيمة، بالإضافة إلى انقطاع عدد من الطرقات في المدن والبلدات".
يضيف قطيني: "كما تضررت 254 خيمة للناجين من الزلزال في 18 مخيماً للإيواء، والتي أُنشئت حديثاً بمعظمها وبشكل عاجل، من دون تأمين بنية تحتية مناسبة تقي قاطنيها من عواصف الشتاء والتقلبات الجوية التي تضرب المنطقة. وكانت النسبة الأعلى من الأضرار في مخيمات النازحين، وقد استجابت فرق الدفاع المدني لـ22 مخيماً تضررت فيها أكثر من 400 خيمة. وتعاني هذه المخيمات وضعاً إنسانياً صعباً وضعفاً في الخدمات، وتشمل تلك الصحية".
ويوضح قطيني أن "الأضرار تركزت في مخيمات ريف إدلب الغربي، وغالبيتها من المجهزة حديثاً لإيواء الناجين من الزلزال. كما انقطعت طرقات عدة في ريف إدلب من جراء السيول القوية، مثل طريق معرة مصرين ـ أرمناز، وطريق إدلب ـ عرب سعيد، وطريق سهل الروج - عدوان، وغمرت مياه الأمطار منازل عدة في حفسرجة وبشمارون غربي إدلب. كما تسببت السيول بانهيار محال تجارية عدة في قرية عدوان غربي إدلب، بالإضافة إلى قطع عدد من الطرقات. كما تضررت مخيمات في ريفي حلب الغربي والشمالي الشرقي".
من جهته، يقول مدير فريق "منسقو استجابة سورية" محمد حلاج، لـ"العربي الجديد"، إن عشرات المخيمات في شمال غرب سورية خرجت عن الخدمة بشكل كامل نتيجة الأمطار الغزيرة التي تشهدها المنطقة، من بينها العديد من مراكز الإيواء التي شيدت حديثاً للمتضررين من الزلزال، عدا عن تضرر مئات العائلات، من دون أن تكون هناك أي حلول جذرية لمعاناة أهالي المخيمات شتاء".
ويطالب الحلاج السلطات المحلية والمنظمات الإنسانية بالتحرك فوراً لنقل العائلات المتضررة إلى أماكن آمنة، وفتح المدارس ودور العبادة بشكل مؤقت لإيواء المتضررين من العواصف المطرية.
وفي مناطق شرق سورية، لم يكن الوضع أفضل حالاً، إذ شهدت مناطق عدة فيضانات تركت أثراً كبيراً على الأهالي. ويقول الناشط أسامة أبوعدي لـ"العربي الجديد": "شهدت مناطق متفرقة من مدينة الرقة وريفها ومخيمات المنطقة كارثة إنسانية أصابت الأراضي الزراعية والمنازل في أحياء المدينة وقرى ريف الرقة الغربي، خاصة في دبسي عفنان ودبسي فرج. وتوفيت امرأة نتيجة انهيار أحد المنازل، كما أدت العاصفة المطرية إلى اقتلاع عشرات الخيام في مخيم الشلاش شمال الرقة، ومخيم البيت اليوناني في جنوب المدينة. كما شردت العاصفة عدداً من العائلات في مخيم سهلة البنات شرقي الرقة، وأدت إلى إصابة رجل وامرأة وطفلتين. وغمرت المياه عشرات الخيام في مخيم سهلة البنات، ما أدى إلى حدوث كارثة بحق النازحين إلى المخيم الذي يضم ما يقارب ألف عائلة".
يضيف: "انهارت أجزاء من جسر الرقة السمرة، وهو الجسر الوحيد الذي يربط مدينة الرقة بريفها الشرقي، نتيجة فيضان نهر البليخ. وسارعت لجنة الإدارة المحلية بالرقة إلى ترميم الجسر. كما أدى فيضان نهر البليخ إلى غمر آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية من القرى المتاخمة لنهر البليخ بريف الرقة الشمالي، وخصوصاً في منطقة حزيمة. وانهار أيضاً جسرا شريعان والجلاب الواقعين على طريق مدينة تل أبيض نتيجة للسيول المتشكلة بريف الرقة الشمالي، في وقت لا تزال الطرقات التي تربط بين المناطق شمالي المحافظة مقطوعة منذ ثلاثة أيام. وكان تأثير السيول الأكبر في منطقتي تل أبيض و سلوك، وشهدتا أضراراً مادية في الأراضي الزراعية وخسائر في الثروة الحيوانية. وسجل نفوق حوالي 100 رأس من الأغنام".
وناشد سكان الرقة المتضررون الوقوف على تدهور الوضع الخدماتي في عدد من قُرى وبلدات الريف الشمالي للرقة. إلا أن مناشداتهم لم تثمر سوى عن بضعة حلول إسعافية خجولة تضمنت إصلاح جسر الشاهر في الأحوس وجسر منقلان في الحمرات.
ويتوقع الخبراء استمرار العواصف المطرية مدة 48 ساعة، ما قد يؤدي إلى تشرد مئات العائلات الأخرى، لتضاف تلك الأزمة إلى قائمة طويلة من الأزمات التي يعيشها الأهالي في مناطق شمال غرب سورية.