ماذا تتمنى في العام الجديد؟ سؤال وجهه "العربي الجديد" لمصريين من مختلف الأعمار والفئات، وكانت إجابتهم الأبرز الممزوجة بسخرية مريرة أنهم "لم يحققوا بعد أمنيات العام الماضي وما قبله، ما يعني أن تلك للعام الجديد هي فعلياً مؤجلة من العام الماضي ولم تتغير، وربما باتت أقل من العام الماضي".
راوحت الإجابات في معظمها حول أمنيات بسيطة، تتعلق بالدار الآخرة أحياناً، رغم أن أصحابها شباب، فيما تركزت إجابات عدد من الكبار على أمنيات دنيوية لأبنائهم، مع نبرة إشفاق عليهم.
قال أكرم أحمد، وهو عامل خمسيني في إحدى المطابع بالقاهرة: "أحلم باستمرار المطبعة في العمل العام المقبل، رغم الارتفاع الباهظ في أسعار الورق والحبر الذي أبطأ العمل، وأدى إلى تخفيض الرواتب. أما صاحب المطبعة محمود، فتمنى أن يؤمن لأولاده ما يسترهم ويكفيهم ويعينهم على مواجهة متاعب الحياة، ويتمكن من الحفاظ على المستوى المعيشي الذي اعتادوه، مشدداً على أن مخاوفه كبيرة على مستقبل أبنائه "لأنه بلا أفق واضح".
ويرى هيثم هاني الذي تخرّج حديثاً من كلية الآداب في جامعة القاهرة، أن الوظيفة باتت حلماً عزيزاً، وهو يتمنى أن يجد وظيفة مناسبة لمؤهله العام المقبل، بعيداً من تلك الخاصة بالتسويق الإلكتروني وخدمة العملاء التي يقول إن "الجميع باتوا يعملون فيها، وتستهلك الوقت والصحة من دون جدوى، خصوصاً أنها لا تجلب خبرات حقيقية".
وتهفو نفس وائل محمد، وهو مقاول شاب من الجيزة، إلى تأدية فريضة الحج هذا العام، بعدما لم يستطع ذلك العام الماضي بسبب ارتفاع الأسعار، ويقول: "الإجراءات الجديدة التي أقرتها السعودية تبشر بخفض التكاليف، فيما تبقى عقبات انهيار الجنيه أمام الريال السعودي، وتراجع حركة البناء التي اعتمد عليها لكسب رزقي".
من جهتها، تأمل إسراء محمود، وهي طالبة في الصف الثالث الإعدادي، أن تحصل على الشهادة الإعدادية بتفوق كي تُسعد والديها بحصولها على درجات عالية، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها، وتؤكد أنها لا تكتفي بإطلاق الأمنيات، بل تدعمها بالاجتهاد.
وبالنسبة إلى اختصاصي التحاليل الطبية وليد صلاح، فقد تحقق حلمه بالحصول على عمل مناسب لمؤهله الدراسي، لكنه وجد نفسه غير سعيد، لأن أجره لا يكفي احتياجات أسرته بعدما ارتفعت الأسعار أخيراً، ما حتم تخطي أحلامه حدود مصر إلى أوروبا التي يريد الهجرة إلى إحدى دولها. ويقول: "أتقدم كل عام لإعلانات الهجرة المتاحة، كما أبحث عن فرص عمل في الخارج، بعدما انحدر وضعي الاجتماعي من الطبقة الوسطى إلى الطبقة التي يحاول أفرادها التمسك بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية القديمة في ظل تدني قيمة المداخيل".
أيضاً، تقلصت أمنيات حازم إبراهيم الذي يعمل في التسويق العقاري، من شراء سيارة حديثة كان يدخر ثمنها على مدى أعوام، إلى شراء سيارة مستعملة بعدما أبلغه الوكيل أن لا سيارات جديدة لديه بسبب فرض قيود مشددة على الاستيراد. ويقول: "لا أعلم إذا كنت سأستطيع تحقيق هذا الحلم يوماً أم لا؟".
أما داليا رشيد، وهي مرشدة سياحية، فتتحدث بسخرية عن أمنيتها للعام الجديد التي تتمثل بتنفيذ رحلة سياحية إلى بلد آسيوي، لكن تحقيقها صعب بسبب تقليص إمكان السحب من بطاقات الائتمان خارج مصر إلى 200 دولار، والشراء إلى 100 دولار فقط، ما لا يساوي تكلفة الإقامة والتنقلات ليوم واحد في الخارج".
من جهته، يأمل المزارع حسين بهنسي في العام الجديد الحصول على الشتول والمبيدات من الجمعية الزراعية في الموعد المحدد لزرع أرض يملكها بمساحة فدانين بالأرزّ، علماً أن الحكومة تلزم مزارعي مناطق في الدلتا بزراعة الأرزّ مقابل منحهم الشتول والمبيدات المدعمة، ثم تشتري منهم الكميات المزروعة، بموجب ما يُسمى "الزراعة التعاقدية".
ويقول حسين: "حدثت مشكلات هذا العام لأسباب لا ذنب لنا فيها، ما كبدنا خسائر، وهو ما لا نريد أن يتكرر في العام الجديد".
وفي صعيد مصر، يعرب عادل عماد، وهو عامل بأجر يومي في المزارع، أن يستطيع الزواج العام المقبل. ويوضح أنه يلاحق منذ فترة أسعار الذهب التي تقفز يومياً، لأنه يريد أن يشتري كمية 50 غراماً التي اتفق عليها مع أهل عروسه.
وتتطلب الزيجات في الصعيد تأمين 100 غرام من الذهب في المتوسط، وتزيد هذه الكمية أو تقل بحسب الطبقة الاجتماعية. ولجأت أسر أخيراً إلى تقليل حجم الذهب المطلوب عند الاتفاق على الزيجات، أو استبداله بالذهب الصيني، أو استئجار شبكة قيمة لتخفيف التكاليف بعد ارتفاع أسعار الذهب خلال السنوات القليلة الماضية.