العدوان على غزة يفاقم معاناة طلاب فلسطين في جامعات مصر

27 نوفمبر 2023
تظاهرة طلابية داعمة لغزة في جامعة الإسكندرية (حازم جودة/فرانس برس)
+ الخط -

يعد الطلاب الفلسطينيون الذين يسعون إلى مواصلة تعليمهم في الجامعات المصرية من بين الفئات الأكثر تضرراً من العدوان على قطاع غزة، ويواجه الكثير منهم تحديات لا يستطيعون تجاوزها، إذ فقد بعضهم أفراداً من عائلاتهم، أو تعرضت أسرهم للنزوح بعد تهدم منازلهم، الأمر الذي انعكس على أوضاعهم النفسية، وعلى أحوالهم المادية، وقدرتهم على توفير نفقات الحياة عموماً، وسداد المصروفات الدراسية خصوصاً.
وكشف وزير التعليم العالي المصري، أيمن عاشور، في بيان، أن عدد الطلاب الفلسطينيين يبلغ قرابة 6 آلاف طالب، من أصل نحو 26 ألف طالب غير مصري يدرسون في جامعات مصر.
يقول الفلسطيني عمر طميزة، الطالب في السنة الخامسة بكلية الطب في جامعة الإسكندرية، إن هناك الكثير من التحديات التي يواجهها الطلاب الفلسطينيون في الجامعات المصرية، فإلى جانب القلق والخوف على الأهل، وعذاب الغربة، فإنهم لا يعرفون مصيرهم في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة. ويوضح لـ"العربي الجديد": "يعجز الكثير من الطلاب المقيدين في الجامعات المصرية الذين تعيش عائلاتهم في فلسطين عن سداد الرسوم الدراسية، فضلاً عن توفير أعباء المعيشة اليومية بعد انقطاع التواصل مع أهاليهم، ما يتسبب في عدم حصولهم على شهادات القيد من الجامعات، ويعوق بالتالي حصولهم على الإقامة في مصر، وتمتد المعاناة لتشمل أزمة عدد من الطلبة العالقين في قطاع غزة، والذين لا يستطيعون السفر إلى مصر لاستكمال دراستهم؛ ومن بينهم طلبة في كليات عملية مثل الطب والهندسة".

عجز طلاب فلسطينيون مقيدون في جامعات مصرية عن سداد الرسوم الدراسية

ويقول الطالب الفلسطيني أمين أبو عوض: "نحن في مصر، لكن أرواحنا وقلوبنا في غزة التي تتعرض لحرب إبادة. نفكر في عائلاتنا التي فرقتها الحرب، وجل الطلاب لا يتحدثون إلا عن مشاهد القصف والدمار، ويسعون إلى متابعة الأحداث للاطمئنان على الأهل والأقارب والأصدقاء".
وحول كيفية التواصل مع أسرته في قطاع غزة، يقول أبو عوض: "لا أستطيع التواصل معهم، فكل شيء تغير بعد (طوفان الأقصى)، وأشعر بالقلق الدائم عليهم، ونأمل أن يُوقف إطلاق النار كي نتمكن من العودة والاطمئنان عليهم. أنتظر احتضان أهلي، حتى لو كان ذلك فوق أنقاض منزلنا، فهذا أفضل من عذاب الانتظار، أو معاناة القلق على مصيرهم".
ويتحدث إسماعيل غيث، الطالب في كلية الطب بجامعة الزقازيق، عن أزمة الطلاب الفلسطينيين في مصر بعد انقطاع المساعدات المالية التي كانت ترسلها إليهم عائلاتهم منذ العدوان، بعد إيقاف صرف الرواتب نهائيّاً بسبب تضرر المصارف، سواء رواتب السلطة الفلسطينية أو حكومة غزة.
ويناشد غيث وزارة التعليم العالي المصرية لإعفاء الطلاب الفلسطينيين من مصروفات العام الدراسي الحالي بسبب الحرب، كما يطالب السفارة الفلسطينية في القاهرة، بتوفير مصروف شهري للطلاب، حتى يستطيعوا توفير مستلزماتهم الحياتية، ويتمكنوا من شراء الكتب وأدوات الدراسة.

غضب في جامعات مصر بسبب العدوان على غزة (حازم جودة/فرانس برس)
غضب في جامعات مصر تنديداً بالعدوان على غزة (حازم جودة/فرانس برس)

ويتفاعل طلاب جامعة الإسكندرية مع مشكلة أشقائهم الفلسطينيين. يقول عادل السيد، الطالب بالفرقة الثالثة في كلية الحقوق، لـ"العربي الجديد": "عدد كبير من الطلاب الفلسطينيين يعانون منذ بدء العدوان على غزة، ما تسبب في تغيب كثيرين منهم عن الدراسة لعجزهم عن تأمين النفقات. يجب ألا تتحول الجامعات المصرية إلى ساحة معاناة إضافية للطلاب الفلسطينيين، أو نسمح بتسلل مشاعر اليأس والإحباط إليهم من جراء عدم قدرتهم على تحمل تكاليف المعيشة أو مواصلة التعليم، فالعدوان الإسرائيلي الأخير زاد حاجتهم إلى المساعدة والدعم كي يتمكنوا من تحقيق أحلامهم المشروعة".
ويؤكد السيد أنه لا يملك حصراً دقيقاً بعدد الطلاب الفلسطينيين بالجامعات المصرية، لكن جامعة الإسكندرية تضم أكثر من 300 طالب وطالبة، والغالبية العظمى منهم يدرسون في كلية الطب، وغالبيتهم يعانون عدم القدرة على تسديد المصروفات الدراسية التي تتراوح بين 3 إلى 7 آلاف دولار، حسب الكلية التي يدرسون بها.
يتفق معه مازن محمد، الطالب بكلية الحقوق، قائلاً: "في ظل المعاناة الإنسانية الشديدة التي يعيشها الفلسطينيون في الداخل والخارج، يجب أن يبحث الطلاب عن طريقة لتقديم الدعم المادي والمعنوي لزملائهم الفلسطينيين المتضررين". ويضيف لـ"العربي الجديد": "لا بد من التفكير في سبل لتخفيف العبء المادي عن الطلاب الفلسطينيين، وتوفير فرص حصولهم على تعليم لائق، وبناء مستقبل أفضل، خاصة في هذه الأوقات العصيبة، ويجب النظر في إعفاء طلاب غزة في الجامعات المصرية من المصاريف بعد أن تقطعت سبل تواصلهم مع الأهل، وفقد كثيرون منهم أسرهم".

وانطلقت مبادرات مصرية عدة لدعم الطلاب الفلسطينيين، فكشف "التحالف الوطني الأهلي"، وهو منظمة تضم 34 مؤسسة وجمعية، عن مبادرة لسداد المصروفات الدراسية للطلاب الفلسطينيين. وقال منسق الأمانة المركزية للتحالف بمحافظة الإسكندرية، إيهاب زكريا، إن "التحالف أطلق المبادرة بالتعاون مع شباب جامعة الإسكندرية، وتستهدف جمع وسداد المصروفات الدراسية للطلاب الفلسطينيين. ولا يعني هذا أن الفلسطيني غير قادر على دفع المصروفات الدراسية، ولكنها رسالة تضامن مع شقيق، وتأكيد أنه ليس ضيفاً في مصر".
وأعلنت اللجنة الطلابية الفلسطينية في جامعة الإسكندرية إطلاق مبادرة مماثلة، تستهدف المساهمة في سداد المصروفات الدراسية، والمساعدة على تأمين الاحتياجات الأساسية، وذلك عبر تنسيق بين القنصلية الفلسطينية في الإسكندرية وإدارة جامعة الإسكندرية، والعمل على إقرار تسهيلات، من بينها تأجيل دفع المصاريف الدراسية لطلبة فلسطين في الجامعة، على أن يحق للطالب استخراج شهادة قيد من الكلية، والشروع بإجراءات استخراج أو تجديد الإقامة، كما تم الاتفاق على خصم نصف قيمة الرسوم الإدارية اللازمة لاستخراج الأوراق، والتي تبلغ قيمتها 100 دولار أميركي، لتصبح 50 دولاراً فقط.

المساهمون