العدوان يحرم مسيحيي غزة من الاحتفال بعيد الميلاد

25 ديسمبر 2024
استهداف كنيسة الروم الأرثوذكس. 3 يونيو 2024 (حمزة قريقع/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تأثير الحرب على احتفالات عيد الميلاد: للعام الثاني، لن تُقرع أجراس الكنائس في غزة بسبب الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023، حيث تعرضت الكنائس الثلاث للقصف والتدمير، وتناقص عدد المسيحيين من 950 إلى 650 بسبب الشهداء والمغادرين.

- الحياة اليومية للمسيحيين: يعيش المسيحيون في ظروف صعبة، حيث دُمرت منازلهم واضطروا للنزوح، ويصرون على البقاء في أرضهم متحدين مع المسلمين، مع اقتصار الاحتفالات على الصلوات وزيارة قبور الشهداء.

- الأضرار المادية والمعنوية: تعرضت الكنائس لأضرار جسيمة، مثل تدمير كنيسة الروم الأرثوذكس جزئياً، وزادت المعاناة بسبب الحصار، حيث يواجه المسيحيون الجوع والفقر، ويأملون في انتهاء الحرب وعودة السلام.

لن تُقرع أجراس الكنائس في قطاع غزة إيذاناً ببدء احتفالات عيد الميلاد، وذلك للعام الثاني على التوالي، بسبب حرب الإبادة المستمرة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، والتي استهدفت خلالها قوات الاحتلال الإسرائيلي الكنائس كما المساجد.

كانت غزة في هذا التوقيت من كل عام تتحضر للاحتفالات، لكن لن يحتفل المسيحيون هذا العام أيضاً، ولن يشاركهم المسلمون الطقوس التي اعتادوا عليها، ولن يتبادل السكان الهدايا، ولن يُضيئوا شجرة الميلاد، فجيش الاحتلال نغّص عليهم هذه البهجة عبر القصف والنزوح المتواصلان، كما دمر أجزاء من الكنائس والمقار المسيحية في القطاع.

ويوجد في قطاع غزة ثلاث كنائس مسيحية، هي كنيسة القديس برفيريوس (الروم الأرثوذكس)، وكنيسة دير اللاتين، والكنيسة المعمدانية، ولم تسلم تلك الكنائس من التدمير والخراب خلال القصف الإسرائيلي.

وكان يعيش في قطاع غزة قبل العدوان قرابة 950 مسيحياً يشكلون نسبة صغيرة من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 2,4 مليون نسمة، وقد تناقص هذا العدد خلال الأشهر الماضية بنحو 300 شخص، ما بين شهيد ومتوفى ومغادر، ويتبقى في الوقت الراهن نحو 650 مسيحياً، وهم يتوزعون على كنيستين، إذ تضم كنيسة الروم الأرثوذكس نحو 250 منهم، فيما تضم كنيسة دير اللاتين نحو 400 آخرين.

يقول المسيحي الفلسطيني سهيل ترزي إنه لن يكون هناك احتفالات بعيد الميلاد المجيد هذا العام، وسيقتصر الأمر على تأدية بعض الشعائر الدينية، مثل الصلاة، وزيارة قبور الشهداء. ويضيف لـ "العربي الجديد": "كلنا شعب واحد، وأبناء قضية واحدة، ولا مكان للفرح في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية المسعورة على قطاع غزة، والتي لم تفرق بين مسلم ومسيحي، ولا بين البشر والحجر".

يقيم ترزي حالياً رفقة عائلته في مدرسة دير اللاتين في مدينة غزة، بعدما دمّر الاحتلال منزله، ويقول: "نحن صامدون في أرضنا، ولن نرحل منها رغم كل المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال في ظل صمت دولي وعربي مُريب. إسرائيل قتلت كل معاني الفرح لدى الأطفال والكبار، ودمّرت المستقبل. رغم هذه المعاناة والمجازر سننهض ونبني ونُعمر غزة، ولن نرحل عنها مهما كلفنا الأمر".

بدوره، يقول عضو مجلس وكلاء الكنيسة الأرثوذكسية العربية في قطاع غزة، إلياس الجلدة، إن هذا هو العام الثاني الذي يحل فيه عيد الميلاد وسط الحرب والدمار والقتل والنزوح في قطاع غزة. ويبيّن لـ "العربي الجديد" أن "الاحتفالات ستقتصر على أداء الصلوات والدعاء بإنهاء الحرب والمأساة التي خلّفتها في القطاع. الأوضاع صعبة جداً، وجميعنا يحمل في داخله الألم والمعاناة والحزن على فقدان الكثير من أبناء شعبنا. ما يحدث لا يدعو إلى الفرح، وإنما يدعو إلى الحزن الشديد على الأرواح والدمار ومعاناة آلاف الأطفال والنساء، فأي احتفالات ستكون في ظل هذه الأجواء؟".

نازحون داخل كنيسة القديس برفيريوس. 30 يوليو 2024 (داود أبو الكاس/الأناضول)
نازحون داخل كنيسة القديس برفيريوس. 30 يوليو 2024 (داود أبو الكاس/الأناضول)

يتابع الجلدة: "اعتدنا كشعب فلسطيني أن نحتفل بعيد الميلاد في أجواء من البهجة والسعادة، والأمل بأن تكون الأوضاع أفضل، لكن هذا العام ستغيب الاحتفالات، كما ستغيب كل الطقوس المعتادة من إنارة شجرة الميلاد، وتوزيع الهدايا، وفرحة الأطفال، وشراء الملابس الجديدة. رسالة السيد المسيح هي الأمل والمحبة والفرح رغم كل الظروف، ونأمل أن يتغير هذا الواقع الأليم، وأن يحفظ الله غزة ويجنبها الويلات، ونستعيد السلام والأمن والاستقرار".

وتخيم حالة من الحزن والألم على جموع المسيحيين في قطاع غزة بسبب العدوان الذي حرمهم من إدخال الفرحة على قلوب عائلاتهم وأطفالهم في العيد، ما يجعلهم غير قادرين على البوح بما يجول في خواطرهم، ويكتفون بالدعاء أن تنتهي الحرب، وتعود الحياة إلى طبيعتها في القطاع.

ويوضح إلياس الجلدة أن "عدداً من الكنائس والمؤسسات المسيحية تعرضت للقصف، ودمر بعضها بشكل كلي وأخرى جزئياً، إضافة إلى قصف غالبية بيوت المسيحيين في القطاع، ما دفعهم للنزوح إلى الكنائس، وأماكن أخرى مختلفة. الجميع تعرضوا للضرر، فمنهم شهداء، ومصابون، ومنهم من خسروا بيوتهم، حتى أن أن الكنيسة الارثوذكسية في غزة تعرضت للقصف، ووقعت فيها مجزرة مروعة في 19 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، حين قصفتها طائرات الاحتلال، ما خلف 18 شهيداً، فضلاً عن إصابة عشرات آخرين، عدا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمكان".

وتُعد كنيسة "الروم الأرثوذكس" الموجودة في قطاع غزة واحدة من أقدم الكنائس في العالم، إذ يعود تاريخ بنائها إلى القرن الخامس الميلادي، ما يجعلها ثالث أقدم كنائس الروم الأرثوذكس.

ووفق الجلدة، فقد تعرضت كنيسة دير اللاتين للقصف أيضاً، ما أسفر عن تضررها جزئيا، وتدمير محول الكهرباء فيها، إضافة إلى تدمير المركز الثقافي الاجتماعي الأرثوذكسي بالكامل، والذي كان يضم مسرحاً وأماكن ترفيهية. ويضيف: "استمرار العدوان وحالة الحصار التي فرضها الاحتلال على قطاع غزة انعكس سلباً على أوضاع المسيحيين كما باقي أبناء شعبنا، والجميع يعانون من الجوع والفقر، ما يجعلهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم ومستلزماتهم، كما أنهم تجرعوا أصنافاً مختلفة من العذاب، أبرزها حالات الفقد".