أثار تزايد تسجيل جرائم الاتجار بالبشر في العراق، قلقاً لدى مراقبين حذّروا من خطورة الجريمة على المجتمع، وبينما أكّدت جهات أمنية توسيع دائرة الملاحقات للعصابات والأشخاص المتورّطين بهذه الجرائم، دعا باحثون إلى معالجة الوضع سريعاً.
وسجّلت المحافظات العراقية، على فترات متقاربة، جرائم اتجار بالبشر، نفّذها أحياناً آباء باعوا أطفالهم، فضلاً عن وجود عصابات ناشطة ضمن إطار هذه الجريمة.
واليوم الخميس، اعتقلت قوة أمنية رجلاً حاول بيع طفلته في العاصمة بغداد. ووفقاً لبيان أصدرته مديرية مكافحة إجرام العاصمة، فإنّ "معلومات توفّرت عن وجود شخص كان يروم بيع ابنته بالاتفاق مع القابلة المأذونة، من خلال إجراء عملية قيصرية لزوجته ومن ثم بيع الطفلة". وأضافت أنه "تمّ على الفور تشكيل فريق عمل من مفارز لجنة مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، لمتابعة الحادث، وبعد التحرّي وجمع المعلومات تمّ نصب كمين محكم ضمن منطقة المنصور (وسط بغداد) وتمّ القبض على المتهم".
وأضاف البيان أنه "تمّ تدوين أقوال المتهم بالاعتراف ابتدائياً وقضائياً، وقرّر قاضي التحقيق توقيفه وفق أحكام قانون الاتجار بالبشر"، وأشار إلى أنّ "القابلة تمّ اعتقالها قبل فترة، وكانت قد أدلت بمعلومات عن الجريمة التي خطّطت مع الرجل لتنفيذها".
الجريمة وقعت بعد يوم واحد فقط، من القبض على امرأة تتاجر بالأطفال في محافظة ديالى المجاورة للعاصمة.
وقال المتحدث باسم مديرية شرطة المحافظة (شمال شرق بغداد)، العميد نهاد المهداوي، في بيان إنّ "قوة تابعة للمديرية تمكّنت، أمس الأربعاء، من القبض على امرأة بتهمة الاتجار بالبشر، داخل المحافظة"، وأشار إلى "توسيع دائرة ملاحقة الجريمة، ووضع استراتيجيات بهذا الاتجاه"، من دون ذكر المزيد من التفاصيل عن الحادث.
عدّ مراقبون تزايد جرائم الاتجار بالبشر مؤشراً خطيراً يتطلب وضع حلول ومعالجات عاجلة. وقال الباحث في الشأن الاجتماعي، مهند المعموري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تزايد تسجيل هذه الجريمة الخطيرة مؤشر على تراجع الأمن المجتمعي أولاً، ومن ثم وجود ظروف مناسبة لنمو هذه الجريمة الخطيرة جداً، استغلتها بعض العصابات والمافيات التي تسعى دائماً لتحقيق مكاسب مالية من خلال الجرائم".
وأضاف أنّ "الظرف الذي تعيشه البلاد، من معاناة الكثير من العوائل وعدم توفّر فرص العمل وغيرها من الأسباب، أسهم أيضاً بنمو هذه الجريمة، حيث يسجّل اليوم حوادث بيع أب لطفله أو طفلته، أو أم تقدم على هذه الجريمة". وأشار إلى أنّ "العوز وضيق العيش لا يعدان مبرراً لهذه الجرائم، لكن الأمر يحتاج إلى معالجات سريعة".
وأضاف أنّ "الجريمة خطيرة، ومن الممكن أن يتم استغلال الأفراد من خلال العمل القسري أحياناً أو الاستغلال الجنسي، فضلاً عن استغلالهم بتنفيذ جرائم مختلفة تؤثّر على أمن المجتمع بشكل عام"، وشدّد على "أهمية أن يتم الاهتمام بوضع حلول أمنية، وأن تهتم المؤسسات الأكاديمية والإعلامية بنشر الوعي والتثقيف بهذا الجانب".