مع قرب استئناف الدراسة في العراق مع اعتماد الحضور ليوم واحد، يخشى البعض من انتشار فيروس كورونا بين التلاميذ. علماً أن التعليم الإلكتروني وحده غير كاف، بسبب ضعف خدمة الإنترنت وغير ذلك
من المقرّر أن يعود نحو 11 مليون تلميذ إلى مقاعد الدراسة في العراق نهاية الشهر الحالي، وسط مخاوف من كيفية تعامل وزارتي التربية والصحة مع استئناف الدراسة في ظل تفشي فيروس كورونا. ووصف مسؤولون الخطوة بأنها الأفضل بين المتاح، خصوصاً مع استحالة اعتماد التعليم عن بعد بشكل كامل، بسبب سوء خدمة الإنترنت، وعدم تمكّن نحو 60 في المائة من العائلات العراقية من توفير الأجهزة والمستلزمات لأبنائها لهذا الغرض.
ولا يملك العراق أي خيارات غير الحضور إلى المدارس جزئياً، بعد غياب الدوام المنتظم لأكثر من عام بسبب اندلاع التظاهرات الشعبية في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، ثمّ تفشي جائحة كورونا. ويتكامل الحضور مع خيار التعليم عن بعد الذي تبنته الكثير من البلدان منعاً لضياع العام الدراسي، من خلال اعتماد برامج تواصل إلكترونية.
وقالت وزارة التربية إن العودة إلى الدراسة تعد الطريقة الوحيدة للحد من التداعيات السلبية التي أثرت على هذا القطاع في ظل الجائحة، وإن كانت الأوساط التربوية والتعليمية في البلاد تخشى من تسجيل إصابات كثيرة بين التلاميذ، لا سيما في المراحل الابتدائية، إذ تصعب السيطرة على حركتهم والتزامهم بالتباعد الاجتماعي.
وتكشف الوزارة عن خطتها التي أعدتها للعام الدراسي الجديد 2021، مؤكّدة في بيان أن "دوام التلاميذ سيكون ليوم واحد في الأسبوع. كما أن التوجه الجديد للوزارة هو المزج بين التقليدي والإلكتروني. أما التلميذ الذي يتعذر عليه الحصول على الإنترنت، فيمكنه متابعة الدروس عبر التلفزيون التربوي" (محطة تابعة للدولة تموّل من ميزانية وزارة التربية العراقية). كما قررت الوزارة تعليق عطلة يوم السبت في جميع مدارس العراق لتمتد الدراسة ستة أيام في الأسبوع، خمسة منها إلكترونياً، كما سيوقع أولياء الأمور على تعهد بتعليم أبنائهم في المنزل من خلال الاعتماد على جدول حصص أسبوعي تعلنه الوزارة.
ورغم أن وزارة التربية العراقية حددت تاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري موعداً لاستئناف الدوام المدرسي في البلاد، إلا أن مصادر من الوزارة نفسها تؤكد لـ العربي الجديد" أنه "يحتمل أن يكون هناك تغيير تبعاً لتطور الوباء". وتشير إلى أن ممثل منظمة الصحة في العراق، أدهم إسماعيل، كشف في أكثر من مرة عن مخاوفه من عودة دوام المدارس الابتدائية، من دون أن يعرب عن تخوفه من العودة إلى الجامعات.
في هذا السياق، يؤكد المتحدث باسم وزارة التربية حيدر فاروق أن "خلية الأزمة المسؤولة عن متابعة ملف فيروس كورونا في البلاد، هي التي حددت طبيعة وآلية وشكل الدوام للتلاميذ في المدارس خلال العام الدراسي الجديد. أرادت وزارة التربية جعل الدوام ليومين في الأسبوع، إلا أن خلية الأزمة رأت أن يوماً واحداً يكفي كتجربة مبدئية". ويوضح لـ "العربي الجديد" أنه "لا مخاوف من عودة الدوام ليومٍ واحد فقط، لأن الفرق الطبية ستتابع المدارس وشروط السلامة والتباعد الاجتماعي، بالإضافة إلى إجراء الفحوصات المستمرة للتلاميذ".
ويشير إلى أن وزارة التربية قد تعمد إلى زيادة أيام الدوام إذا ما نجحت التجربة الحالية، وإذا لم يرتفع عدد الإصابات، لافتاً إلى أن "العراق لا يملك حالياً أي خيارات غير اعتماد هذه الطريقة لاستئناف التعليم في البلاد، بعد التراجع أشهرا عدة بسبب الجائحة. كما لا تملك وزارة التربية غير التوجه نحو التعليم عن بعد إلى حين الانتهاء من الأزمة أو تراجعها".
من جهته، يقول عضو لجنة التربية في البرلمان العراقي رعد المكصوصي، إن البرلمان كان قد قدم لوزارة التربية وخلية الأزمة سلسلة من المقترحات بشأن العودة إلى المدرسة، منها إنهاء عطلة يوم السبت، وتوزيع التلاميذ على أيام الأسبوع لتقليل أعدادهم في المدارس. وجاءت هذه المقترحات وغيرها بسبب المخاوف المتزايدة من انتشار كورونا بين التلاميذ، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن "عودة الدوام الجزئي بواقع يوم واحد قد لا تؤدي إلى انتشار المرض، بحسب غالبية أعضاء خلية الأزمة الحكومية، بشرط عدم التراخي في أداء الواجب التربوي من خلال التعليم الإلكتروني الذي أثبت نجاحاً مقبولاً خلال الأشهر الماضية".
إلى ذلك، يشير المشرف التربوي في وزارة التربية باسم الشمري، إلى "تعطّل العملية التعليمية خلال الأشهر الماضية نتيجة المشاركة في الاحتجاجات التي اندلعت في محافظات وسط وجنوب البلاد، ثم تفشي كورونا. بالتالي، لا بد من عودة عاجلة من أجل إرجاع التلاميذ إلى جو الدراسة الذي فقدوه أو استهانوا به خلال الفترة الماضية". ويشير لـ "العربي الجديد" إلى أن "أكثر ما نخشاه هو انتشار الفيروس بين التلاميذ في المرحلة الابتدائية، ما يعني أن الأجواء التربوية ستكون مقلقة. لذلك، لا بد من توزيع الطلبة على أيام الأسبوع ".
ولم يستطع العراق، طيلة السنوات الماضية، النهوض بالقطاع التربوي والتعليمي، بعد الاحتلال الأميركي عام 2003. ويعاني نقصاً كبيراً في عدد المدارس، ويحتاج العراق إلى 12 ألف مدرسة، بحسب مسؤولين، في وقت تتراجع المناهج التربوية ويعاني التلاميذ من صعوبات لكونها لا تتناسب مع أعمارهم.