كشفت مصادر أمنية عراقية لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، عن وفاة ثلاثة سجناء في سجن الناصرية المركزي "الحوت" في جنوب البلاد لأسباب ما زالت مجهولة، في حادثة هي الخامسة من نوعها في أقلّ من شهر واحد.
ويقع سجن "الحوت" في مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار الجنوبية، ويؤوي نحو 40 ألف سجين، ويُعَدّ أكبر سجون العراق بعد إغلاق سجن "أبو غريب"، ويلقّبه مراقبون بـ"ذي الصيت السيّئ".
وأوضحت مصادر "العربي الجديد" أنّ "السجناء الثلاثة، الذين توفّوا أمس الخميس، أوّلهم من محافظة الأنبار (غرب) ويبلغ من العمر 62 عاماً وهو محكوم بالإعدام بتهم تتعلق بالإرهاب، في حين أن الثاني من محافظة واسط (وسط) ويبلغ من العمر 80 عاماً ومحكوم كذلك بالإعدام على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب. أمّا الثالث فهو من محافظة ميسان (شرق) ويبلغ من العمر 55 عاماً ومحكوم بالسجن مدّة خمس سنوات بتهمة تجارة المخدّرات".
أضافت المصادر نفسها أنّ "أسباب وفاة السجناء الثلاثة ما زالت مجهولة، والتحقيقات جارية لمعرفة ما الذي أدّى إلى حالات الوفاة تلك في سجن الحوت"، وتابعت أنّ "جثث الثلاثة تخضع للتشريح حالياً من قبل الطب العدلي لتحديد تلك الأسباب، ثمّ وضع تقرير يفيد بذلك وإحالته إلى الجهات الأمنية المختصة لاستكمال التحقيقات".
يُذكر أنّ هذه الحادثة، الخامسة من نوعها في أقلّ من شهر واحد، سُجّلت في سجن يواجه فيه نزلاؤه مشكلات تتعلق بالتغذية السيئة وباكتظاظ الزنازين وانتهاكات إنسانية مختلفة.
من جهته، قال الناشط في مجال حقوق الإنسان مصطفى الزبيدي لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة قلقاً ومخاوف من زيادة الوفيات المماثلة في سجن الناصرية المركزي، خصوصاً أنّها تأتي بمعظمها مجهولة الأسباب في حين أنّ السجناء في الغالب لا يعانون من أمراض".
وبيّن الزبيدي أنّ "التقارير تتكرّر عن حالات تعذيب، بالإضافة إلى عدم توفير التغذية والرعاية الصحية المناسبتَين وكذلك شروط السلامة الصحية في السجون العراقية، خصوصاً في سجن الناصرية المركزي (الحوت) الذي يشهد وفيات بين نزلائه بوتيرة شبه يومية في بعض الأحيان، وهذا مؤشّر خطر جداً".
وشدّد الناشط في مجال حقوق الإنسان على "ضرورة أن تتابع المنظمات الدولية ملفّ السجون العراقية، وكيفية التعامل مع السجناء لا سيّما لجهة الرعاية الصحية والتغذية وسوء معاملة السجناء وأهاليهم الذين يزورونهم، إذ ثمّة تعامل غير إنساني وغير أخلاقي وبعيد كلّ البعد عن القوانين". أضاف: "لهذا يجب الوقوف بحزم في ما يخصّ هذا الملف المهمّ، وعدم الاعتماد على الجهات الحكومية التي تعمل دائماً على إخفاء الحقائق من خلال لجان تحقيق لا تُنجز تحقيقات حقيقية".
ويُعَدّ ملف السجناء في العراق من الملفات المعقّدة، وتتعدّد المشكلات من قبيل إدخال الممنوعات إلى مراكز الاحتجاز بالإضافة إلى انتهاكات مختلفة وخروقات واكتظاظ. وتعاني السجون العراقية من إهمال كبير، وغياب رقابة الجهات الحكومية والجهات المسؤولة عن حقوق الإنسان، في وقت يجرى فيه الحديث عن سيطرة بعض الجهات السياسية على السجون.
ولا تتوفّر إحصائية رسمية تفيد بعدد السجناء في العراق، لكنّ ثمّة أرقاماً تشير إلى نحو 100 ألف سجين موزّعين على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، بالإضافة إلى سجون أجهزة أمنية، مثل الاستخبارات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب و"الحشد الشعبي"، علماً أنّ ثمّة إشارات إلى سجون سرية تنتشر في البلاد وتؤوي الآلاف.