دعت منظمة العفو الدولية في بيان، اليوم الأربعاء، إلى "نقل التحقيق بوفاة لاجئ سوري في أحد مرافق الاحتجاز في لبنان إلى القضاء العدلي لضمان الشفافية والنزاهة"، مشددة على أن ما حصل يفترض أن يشكل إنذاراً للسلطات اللبنانية لمعالجة مسألة التعذيب الوحشي ووضع حدّ له فوراً.
وبتاريخ 31 أغسطس/ آب الماضي، ضجت الساحة اللبنانية بخبر وفاة أحد الموقوفين في مركز احتجاز في الجنوب، لأسباب رُبِطت بداية بنوبة قلبية استدعت نقله إلى المستشفى حيث فارق الحياة، بيد أن الصور التي انتشرت لاحقاً للموقوف، وهو سوري الجنسية، وبيّنت آثار التعذيب الوحشي الذي تعرّض له؛ فضحت العملية التي أقدم عليها ضباط وعناصر من جهاز أمن الدولة، وأكدت أن الوفاة ارتبطت بالتعذيب الذي نتجت عنه ذبحة قلبية، في حين أوقف الجهاز العناصر المسؤولين لاستجوابهم.
ألقى عناصر أمن الدولة القبض على عبد السعود من منزله في بيروت في 31 أغسطس/آب، من دون إبراز مذكرة اعتقال
وأصدرت المديرية العامة لأمن الدولة في 2 سبتمبر/ أيلول الجاري بياناً، أشارت فيه إلى أنه "نتيجة التحقيقات التي أجرتها مع أفراد خلية تابعة لتنظيم داعش بعد توقيفهم اعترفوا بمعلومات أدت إلى توقيف شريك لهم، وأثناء التحقيق معه، اعترف أنه ينتمي إلى تنظيم داعش الإرهابي، وأنه كان من عداد مقاتليه، ويدين بالولاء لهم".
وقالت إن "المديرية سارعت إلى وضع الحادثة بيد القضاء المختص، والذي كانت تجرى التحقيقات بإشرافه، ويعود إليه حصراً جلاء كامل ملابسات ما حصل، واجراء المقتضى القانوني بإشرافه".
بيان صادر عن المديرية العامة لأمن الدولة:
— Lebanese State Security (@statesecuritylb) September 2, 2022
نشرت جريدة "الأخبار"، في عددها الصادر اليوم الجمعة، 2-9-2022، مقالاً حول ظروف توقيف خليّة تابعة لتنظيم داعش الإرهابيّ، ووفاة أحد الموقوفين... https://t.co/aAPnph6eUC
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة "العفو الدولية" إنّ "وفاة بشار عبد السعود أثناء احتجازه لدى جهاز أمن الدولة في لبنان كانت قاسية، وتُشكل صور جسده المغطّى بالكدمات والجروح البليغة تذكيراً مؤلماً بالحاجة إلى التطبيق العاجل لقانون مكافحة التعذيب لسنة 2017، فمن غير المقبول أن يستمر التعذيب في مراكز الاحتجاز اللبنانية بهذه الوحشية، إذ يتعين على السلطات وضع حد له فوراً".
وبحسب بيان المنظمة، فقد ألقى عناصر أمن الدولة القبض على عبد السعود من منزله في بيروت في 31 أغسطس/آ ب، من دون إبراز مذكرة اعتقال. وتبعاً لما قاله محمد صبلوح، المحامي الموكّل في قضية عبد السعود؛ تلقت الأسرة اتصالاً من مسؤول في جهاز أمن الدولة بعد أربعة أيام في 3 سبتمبر/أيلول طلب منها فيه تسلّم الجثمان من مقرهم في تبنين بجنوبي لبنان. ويرفض صبلوح والأسرة تسلّم الجثمان قبل الحصول على تقرير جنائي مستقل وشامل من الطبيب الذي عاين الجثمان.
وأشارت المنظمة إلى أنه في 2 سبتمبر، عاين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية الجثمان وأمر باحتجاز 5 أفراد في فرع أمن الدولة في تبنين، من ضمنهم الملازم الأول المسؤول والأفراد الذين يُشتبه بارتكابهم التعذيب.
وأبلغ محمد صبلوح منظمة العفو الدولية أن "السلطات وجّهت حتى الآن ثلاث تهم لعبد السعود، قالوا إنه كانت بحوزته عملة مزورة، وإنّه تعاطى الكبتاغون وتاجر به، وإنه كان عضواً في داعش. وهذه كلها أكاذيب. ونحن بحاجة إلى تحقيق شفاف لدى القضاء العدلي لمعرفة ما حدث ومَن ينبغي مساءلته".
و"كان بشار عبد السعود في سن الثلاثين عندما توفي، وكان لديه ثلاثة أطفال، بينهم طفل عمره شهر واحد. وفد فرّ من الجيش السوري قبل ثماني سنوات وانتقل إلى لبنان للعمل كعتّال. ويعيش مع أسرته في مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في بيروت". وفق ما ذكرت المفوضية.
وقالت المنظمة إن "الحادث ليس فردياً، ففي مارس/ آذار 2021، أصدرت تقريراً يوثق مروحة من الانتهاكات ضد 26 لاجئاً سورياً ضمنهم أربعة أطفال احتُجزوا بتهم تتعلق بالإرهاب بين عام 2014 ومطلع عام 2021. وكان من جملة الانتهاكات محاكمات جائرة وتعذيب شمل الضرب بالقضبان الحديدية، والكبلات الكهربائية، والأنابيب البلاستيكية. وقد تقاعست السلطات عن التحقيق في مزاعم التعذيب، حتى عندما أبلغ المحتجزون أو محاموهم القاضي في المحكمة أنهم تعرضوا للتعذيب".