الغزيون يبحثون بأظافرهم عن ضحاياهم تحت الركام

13 أكتوبر 2023
الاحتلال يتعمد تكرار استهداف طواقم الدفاع المدني (العربي الجديد)
+ الخط -

بعد قصف أي منزل في قطاع غزة يهب رجال الدفاع المدني متوجهين نحو المكان المستهدف، ليبدأوا مهمة جديدة في عمل تشوبه المخاطر، في ظل عدم احترام الاحتلال الإسرائيلي الطواقم الطبية والدفاع المدني. ويعاني الدفاع المدني من جراء اهتراء المعدات التي يزيد عمرها عن عشرين عاماً في ظل منع الاحتلال إدخال أي معدات جديدة منذ فرض الحصار على غزة عام 2006. وعلى الرغم من أن قطاع غزة شهد عدداً من الحروب والأزمات على مدار العقدين الماضيين، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتحرك العالم من أجل مدها بأدوات الإنقاذ، ولا سيما أن غزة أطلقت مناشدات متكررة. لم يتحرك أحد وبدأت الحرب وغزة بلا معدات ثقيلة تساعدها على رفع الركام عن صدور أطفالها ونسائها.
ظهر يوم الاثنين الماضي، ثالث أيام الحرب على قطاع غزة، قصفت طائرات الاحتلال منزلاً مأهولاً بالسكان يعود لعائلة أبو مذكور، شرق مدينة رفح، جنوب قطاع غزة. ونظراً إلى تزامن الغارة الإسرائيلية على منزل عائلة أبو مذكور مع غارات أخرى في المدينة نفسها، لم تتمكن الآليات الثقيلة من الوصول إلى المنزل الذي يقع في منطقة قريبة من الحدود مع الاحتلال الإسرائيلي، ما دفع الأهالي للبحث مستعينين بآليات هندسية صغيرة الحجم لا تفي بالغرض، ليستمر العمل على مدار يومين كاملين، من دون الوصول إلى كافة الجثامين.  

ويقول أحمد أبو مذكور لـ"العربي الجديد"، إن قوات الاحتلال قصفت المنزل الواقع في منطقة الشوكة، شرق رفح، من دون سابق إنذار أو تحذير. يضيف: تمكنا من إخراج الشهيدين شادي العرمي ووليد توفيق أبو صهيبان. وبعد عدة ساعات، تمكنا من إخراج عبد الفتاح يوسف أبو مذكور شهيدا أيضاً، وجثمان أسامة هاني فوجو، مضيفاً أنه لا تزال تحت الأنقاض جثث عدد آخر من الشهداء لا يعرف عددهم، وإن كانوا أصلاً شهداء أم ما زالوا مصابين أو ناجين.

إمكانيات الدفاع المدني محدودة جداً (العربي الجديد)
إمكانيات الدفاع المدني محدودة جداً (العربي الجديد)

يضيف أن العائلة أطلقت نداءات مناشدة لكل الجهات للتدخل من أجل الوصول إلى الشهداء تحت الركام من دون استجابة، في ظل استمرار القصف الجوي والمدفعي على المناطق الشرقية لكل محافظات قطاع غزة وانشغال طواقم الدفاع المدني والإسعاف في مناطق أخرى، مشيراً إلى أنه لو توافرت الآليات الثقيلة من اللحظة الأولى لوقوع الهجوم الإسرائيلي على المنزل لكان من الممكن أن نصل إلى بعض من كانوا في المنزل وهم على قيد الحياة، وإنما مع مرور الوقت يتأكد لنا أن كل من كان في المنزل شهداء.
وفي ظل هذه المعاناة التي ترافق كل قصف إسرائيلي على قطاع غزة، ناشدت المديرية العامة للدفاع المدني بغزة الشركات الخاصة والمواطنين الذين لديهم آليات ثقيلة من نوع باقر، الاتصال فوراً عبر الرقم 102 لاستخدامها في استخراج المواطنين العالقين تحت أنقاض المنازل المدمرة بفعل القصف الإسرائيلي، في ظل اتساع نطاق الاستهداف وكثافته وعدم قدرة الأطقم المختصة على التعامل مع الكم الكبير من المنشآت المقصوفة.

إمكانيات الدفاع المدني محدودة جداً (العربي الجديد)
أمل في إنقاذ ناجين (العربي الجديد)

ويقول المتحدث باسم الدفاع المدني بغزة، الرائد محمود بصل، لـ"العربي الجديد"، إن طواقمنا وبإمكاناتها المحدودة استجابت لنداءات المواطنين منذ بدء هذا العدوان الغاشم على شعبنا، وبلغت المهام التي نفذتها طواقمنا في مختلف محافظات غزة منذ بدء العدوان حتى مساء الأربعاء أكثر من 570 مهمة، ما بين الإسعاف والإطفاء والإنقاذ وانتشال الشهداء من بين الأنقاض، ولا تزال المهام إلى تزايد مطّرد.

يضيف بصل أن "الاحتلال تعمد تكرار استهداف طواقم الدفاع المدني في أكثر من منطقة، ما أدى لاستشهاد وإصابة عدد من عناصرنا، وتسبب بإعاقة عملنا في إغاثة أبناء شعبنا، وزاد من خطورة الوضع الكارثي"، محذراً من "استمرار تعمد الاحتلال الإسرائيلي استهداف طواقم الدفاع المدني ومقدمي الخدمات الإسعافية، بما ينتهك بشكل صارخ القانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان"، ويؤكد أن "كثافة الغارات العنيفة والمتزامنة بالآلاف والقصف المكثف، وتدمير البيوت والأبراج السكنية، بات يفوق طاقة وقدرة طواقم الدفاع المدني وإمكاناتها البشرية ومقدراتها المتهالكة أصلاً في ظل الحصار"، مشيراً إلى أن "الطواقم أصبحت عاجزة عن التعامل مع الكم الهائل من المنشآت والبيوت والأحياء المدمرة بشكل كلي، وليس لديها ما يكفي من آليات ومعدات ثقيلة لإخراج العالقين الأحياء من تحت الأنقاض".
ويكشف أنه "لا يزال هناك الكثير من المواطنين الأحياء تحت أنقاض المساكن والمنشآت المدمرة، وطواقمنا غير قادرة على الوصول إليهم نظراً للعجز الكبير لديها، ما يهدد بارتفاع كبير في أعداد الشهداء. ويدعو الدول العربية وأحرار العالم إلى إرسال طواقم دفاع مدني بما لديها من معدات وآليات ثقيلة، من أجل مساندة طواقمنا في التعامل مع الوضع الكارثي الخطير، وإزالة أنقاض البيوت المدمرة". ويختم حديثه قائلاً: "الكثير من المواطنين فقدوا حياتهم تحت الأنقاض بسبب تأخر وصول فرق الإغاثة نظراً لقلة الإمكانات المادية والبشرية وضعف المعدات". 

المساهمون