الفلسطيني أحمد عفانة هبّ لإنقاذ جيرانه فقضى شهيداً

10 اغسطس 2022
الشهيد الفلسطيني أحمد عفانة (محمد الحجار)
+ الخط -

كان الشهيد الفلسطيني أحمد عفانة (33 سنة) من بين المشاركين في محاولات إنقاذ المتضررين، وانتشال المصابين من تحت ركام القصف الإسرائيلي الذي طاول منزل جيرانه من عائلة أبو جاسر، في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة، يوم الأحد 7 أغسطس/ آب، قبل أن ينهار حائط أحد المباني فوقه، حسب أسرته وشهود عيان.

عاش سكان مخيم جباليا عدة مجازر خلال العدوان الأخير، وشهد يوم الأحد الماضي، استشهاد أربعة أطفال من عائلة نجم، بينما كانوا يلعبون داخل مقبرة الفالوجا، كما قصفت طائرات الاحتلال منزل عائلة أبو جاسر بصاروخين، ما أدى إلى استشهاد اثنين، وإصابة سبعة آخرين من الأطفال والنساء.
وأظهرت صور تداولها نشطاء في قطاع غزة، الشهيد أحمد عفانة خلال محاولات إنقاذ المصابين من تحت أنقاض البناية المستهدفة، بعد إزاحة أبواب حديدية كبيرة، وأثناء مبادرته للإنقاذ، قضى شهيداً، وشهد أفراد أسرته وجيرانه نطقه للشهادة رافعا سبابته إلى السماء.
يقول شقيق الشهيد، أديب عفانة، إن "القصف الإسرائيلي كان شديداً، ولم نحدد إن كان ما أصاب المنزل صاروخين أو أكثر من شدة أصوات الانفجارات، ثم سمعنا صراخاً، خرجنا على إثره من منزلنا متجهين إلى منزل أبو جاسر، وكان أولنا شقيقي أحمد، والذي استطاع إنقاذ طفل وسيدة، وخلال البحث عن الأصوات، أخبره أحد الحاضرين أن ينتبه ويتراجع، فقال أحمد إن تحت الأنقاض أطفالا ونساء، وعندها انهار عليه حائط كبير، واستشهد".

يضيف أديب عفانة لـ"العربي الجديد": "تم قصف منزل عائلة أبو جاسر من دون سابق إنذار. نسمع الإعلام الأجنبي، ومن يساندون دولة الاحتلال المزعومة، يؤكدون أنهم يحذرون الناس، وأنهم لا يقصفون الأهداف عندما يشاهدون مدنيين فيها، لكنهم في الحقيقة يقصفون منازل المخيمات المتلاصقة، وفيها أطفال ونساء وكبار سن".
كان الشهيد أحمد عفانة يعمل في مكتبة للأبحاث المدرسية والجامعية، وهو كغيره من خريجي قطاع غزة، لم يتمكن من الحصول على فرصة عمل حكومية رغم تقدمه لعشرات الفرص بعد نيله درجة البكالوريوس في السكرتارية، وكان يعيش في منزل أسرته المتواضع، والذي يقيم فيه أشقاؤه، وهو أب لثلاثة أطفال، هم محمد (7 سنوات) وتالا (6 سنوات) وعمر (4 سنوات)، لكنه لن يتعرف إلى مولوده الرابع الذي كان يترقب ولادته بعد أشهر قليلة.

مكان استشهاد أحمد عفانة خلال محاولات إنقاذ الناجين (محمد الحجار)
مكان استشهاد أحمد عفانة خلال محاولات إنقاذ الناجين (محمد الحجار)

ويوضح خال الشهيد، راجح عفانة، أنه "نتيجة الاكتظاظ السكاني، وضيق الشوارع في المخيم، تجد طواقم الدفاع المدني صعوبة في الوصول إلى الأماكن التي تستهدفها طائرات الاحتلال، وبالتالي تفقد الوقت اللازم لإنقاذ الناس، ولهذا يسارع الجيران إلى الإنقاذ، وخلال السنوات الماضية، تمكن السكان من إنقاذ كثيرين، وفي بعض المرات يقومون بإيصال المصابين عبر سيارات الأجرة إلى المستشفيات".
يقول راجح عفانة إن "العديد من أسقف منازل المخيم من الصفيح، أو من مادة الإسبست، بينما تسند جدران المنازل بعضها البعض، والكثير منها بنيت من دون أساسات قوية، أو أحزمة إسمنتية، وأي قصف إسرائيلي لمنزل في المخيم يمكن أن يلحق الضرر بخمسة منازل أخرى، وهو ما حصل أثناء استشهاد أحمد، عندما انهار عليه حائط منزل مجاور".

عائلة الشهيد أحمد عفانة تودعه (محمد الحجار)
عائلة الشهيد أحمد عفانة تودعه (محمد الحجار)

ويضيف: "عند القصف تتطاير بقايا الصواريخ إلى المنازل المجاورة، فتصيب سكانها، وأحياناً تدمر المنزل الملاصق، وهذا ما حصل خلال القصف الأخير، ولا يستطيع سكان المخيم الهرب بعيداً، إذ إن الشوارع العامة بعيدة عن المخيم، لذا يقرر الجميع مساندة بعضهم، ويظهرون النخوة والتكاتف، لكن قوة الانفجارات تزيد في كل عدوان عن العدوان السابق، وصاروخ واحد يمكنه تدمير أكثر من منزل، وقد تعرض منزلنا لأضرار جزئية خلال العدوان الاسرائيلي السابق".

ويعتبر مخيم جباليا أكبر مخيمات اللاجئين الثمانية في قطاع غزة، وتبلغ مساحته 4335 دونماً، وفق موسوعة المخيمات الفلسطينية ( يساوي الدونم ألف متر مربع) ، ويضم حسب التعداد السكاني لوكالة أونروا، أكثر من 120 ألف نسمة، ويشكل أعلى كثافة سكانية، ويعيش سكانه ظروفاً إنسانية واقتصادية صعبة.
وأعلنت وزارة الأشغال العامة والإسكان في قطاع غزة، أن إجمالي أضرار المنازل خلال العدوان الأخير الذي تواصل لمدة ثلاثة أيام، بلغ: الهدم الكلي لـ18 وحدة سكنية، وأضرار جزئية في 71 وحدة سكنية باتت غير صالحة للسكن، أما إجمالي الأضرار الجزئية، فطاولت 1675 وحدة سكنية، مؤكدة أن هذه الاحصائيات أولية، وقابلة للزيادة بسبب عدم تمكن الطواقم الفنية من الوصول إلى جميع الوحدات السكنية المتضررة، خصوصاً في المخيمات.

ووصل عدد الشهداء بسبب العدوان الإسرائيلي إلى 45 شهيداً، فضلاً عن 360 جريحاً، وذكر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن عملية إعادة الإعمار تواجه مشكلات بسبب غياب التمويل.

يتولى السكان إنقاذ الناجين إلى حين وصول الدفاع المدني (محمد الحجار)
يتولى السكان إنقاذ الناجين إلى حين وصول الدفاع المدني (محمد الحجار)
المساهمون