في وقت ترتفع الوفيات بسبب تعاطي المخدرات والمواد الأفيونية، يتصدر عقار فنتانيل قائمة المواد المخدرة الأكثر خطورة.
وتسلط صحيفة "ذا أندبندنت" البريطانية الضوء على ارتفاع معدلات وفيات الأميركيين تحديداً بهذه المواد، وتكتب أن "بين مائة ألف متوفٍ تراوحت أعمارهم بين 18 و45 عاماً، بسبب تعاطي جرعات مخدرات زائدة، تناول حوالى 64 ألفاً الفنتانيل".
ودفع ذلك إدارة مكافحة المخدرات الأميركية في إبريل/ نيسان الماضي إلى التحذير، في خطاب أرسلته إلى هيئات تنفيذ القانون الفيدرالية، من خطورة الجرعات لهذا العقار. وأعلنت رصد تعاط جماعي للمادة في أكثر من 7 ولايات أميركية بينها كولورادو وفلوريدا، والتي ارتفعت الوفيات فيها.
تعرّف مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في الولايات المتحدة الفنتانيل بأنه مادة أفيونية اصطناعية جرت الموافقة عليها لمعالجة الآلام الشديدة وأمراض السرطان المتقدمة، وتوضح أن مفعولها أقوى 50 أو 100 مرة من المورفين، وتوصف في شكل أقراص، وتستخدم بعناية كبيرة في المستشفيات أو المراكز الصحية، وتحت إشراف طبي.
وتشير إلى رصد حدوث وفيات نتيجة استخدام المادة بطريقة غير قانونية في الولايات المتحدة، وبيعها في أسواق المخدرات غير الشرعية كمادة ذات تأثير شبيه بالهيروين. وتشرح أنها قد تخلط بالهيروين والكوكايين كمنتج مركب، بعلم المستخدم أو من دونه، في سبيل زيادة تأثيرها.
ويورد تقرير نشره موقع "أن بي سي" الأميركي أخيراً أن "الفنتانيل ظهر للمرة الأولى في أسواق المخدرات غير الشرعية في الولايات المتحدة قبل نحو 10 سنوات، لا سيما في المناطق الواقعة شرقي نهر مسيسيبي. كان المسحوق الأبيض يشبه الهيروين تماماً، لكنه كان أرخص بكثير، ثم بدأ تجار المخدرات يخلطونه لزيادة إمدادات الهيروين لديهم، كما عثر على المادة في حبوب مقلدة يُزعم أنها أدوية موصوفة بينها أوكسيكودون وبيركوسيت وكزاناكس، وتناول أشخاص كثيرون المادة من دون أن يعلموا حقيقتها".
وإثر وفاة الممثل مايكل ويليامز في سبتمبر/ أيلول الماضي بجرعة زائدة من مزيج احتوى على كوكايين وهيروين وفنتانيل، أكد أحد أقاربه أن ويليامز لم يعرف أنه يتناول الفنتانيل.
وتنقل "ذا أندبندنت" عن مورغان جودفين من مؤسسة "بيتز أوفردوز" الخيرية التي تكافع المخدرات وتتخذ من مدينة بورتلاند مقراً، قولها إن "أشخاصاً عديدين لقوا حتفهم بجرعات زائدة من الفنتانيل احتوتها خلطات مركبة".
ويؤيد الدكتور رايان مارينو، أخصائي السموم الطبية وطب الإدمان في مستشفى جامعة كليفلاند الطبي، مقولة إن الجزء الأكبر من الوفيات يتعلق بالتلوّث العرضي، وليس مكونات خبيثة، "فالفنتانيل قوي جداً، وقد يتسبب تناول كميات صغيرة منه مع مواد أخرى في الوفاة. أما أفضل طريقة لتقليل الحوادث الناجمة عن الجرعات الزائدة فهي تقنين وتنظيم توريد كل الأدوية، فالوفيات تنتج بالدرجة الأولى من الافتقار إلى لوائح الصحة والسلامة في سلسلة التوريد".
ويرتبط استخدام الفنتانيل بآثار جسدية ونفسية كبيرة تشمل تقليل الألم وتوفير مشاعر الاسترخاء والشعور بالتخدير. وينجذب مستخدمو المادة إلى قدرتها على بث شعور السعادة المفرطة. وبمرور الوقت، قد يصبح الشخص أكثر حساسية تجاهها، ما يتطلب تناوله جرعات أعلى لتحقيق نفس التأثيرات، علماً أن التفاصيل الكيميائية العصبية لكيفية إنتاج هذا العقار الأفيوني معقدة نوعاً ما، لكنها على غرار باقي أنواع المواد المخدرة تزيد النشاط داخل نظام الناقل العصبي "الدوبامين"، وهي مادة عضوية يفرزها جسم الإنسان، وتلعب دور هرمون وناقل عصبي، ولها تأثيرات عدة خصوصاً على الدماغ.
وهكذا يؤدي تناول المادة الأفيونية، كما الحال لدى استخدام الهيروين والمورفين إلى حصول نوع من الراحة، والشعور بسعادة ومتعة لا حدود لها، فيدمن الناس على تناولها.
ووفق المعهد الوطني لتعاطي المخدرات، الوكالة الفيدرالية التي تدعم البحوث العلمية الخاصة بتعاطي المخدرات في الولايات المتحدة، تشمل تأثيرات الفنتانيل الشعور بالسعادة القصوى، ثم يصاب من يتناولها بنعاس وغثيان بعد انتهاء مفعولها، وقد يعاني من مشاكل في التنفس.
وتورد مواقع إخبارية أميركية بأن لاصقات الفنتانيل التي توضع على الجلد لتخفيف الأوجاع قد تزيد الوفيات، لكن مورغان جودفين ترى أن "هذه اللاصقات لا تؤدي إلى الوفاة، وليست جزءاً من الجرعات الزائدة، إذ اثبتت تجارب دراسة تأثير اللاصقات على الأشخاص أنها لا تسبب في الإدمان".
وتشير بيانات أصدرتها السلطات الأميركية إلى أن تفشي جائحة كورونا زاد تعاطي مادة الفنتانيل، وبالتالي معدلات الوفيات بجرعات زائدة منه بمقدار 18 ضعفاً عام 2020 مقارنة بعام 2013، وصولاً إلى أكثر من 56.000 شخص.
وتشير أعداد الوفيات المؤقتة من جرعة زائدة من المخدرات حتى يونيو/ حزيران 2021 إلى تسارع وفيات الجرعات الزائدة خلال الجائحة.