تباينت آثار زلازل 6 فبراير/ شباط الماضي على المدن والبلدات في الشمال السوري، إلا أن غالبيتها شهدت مبادرات طبية فورية لمعالجة المصابين، خاصة في مناطق الشمال الغربي التي كانت الأكثر تضرراً. وقتل وجُرح وشُرّد عشرات الآلاف في محافظة إدلب وريف عفرين شمال غربي حلب غالبيتهم من النازحين والمهجرين ما شكل تحدياً غير مسبوق للقطاع الطبي في المناطق المنكوبة الذي يعاني كما بقية قطاعات الشمال السوري من ضعف شديد في الإمكانات.
وفتحت مستشفيات ومراكز طبية خاصة في محافظة إدلب أبوابها مجاناً لاستقبال المصابين ومعالجتهم، ما جعلها تلعب دوراً مهماً في تخفيف تبعات الزلزال.
يتحدث مدير مستشفى الرازي في بلدة الدانا شمالي إدلب، سالم عبدان، لـ"العربي الجديد" عن استقبال المستشفى عشرات من الجرحى الذين تنوعت حالاتهم بين كسور في العظام وإصابات داخلية وعصبية، ويقول: "قدمنا مجاناً كل ما احتاج إليه المصابون من صور شعاعية وأدوية وتحاليل مخبرية، وأسعفنا عشرات وقدمنا لهم ما احتاجوا إليه بعد إجراء عمليات جراحية".
ويصف المدير الإداري في مستشفى ظلال ببلدة الدانا في ريف إدلب، عبد الله فاروق، استجابة القطاع الطبي الخاص في شمال غربي سورية بعد الزلزال بأنها "رائعة"، ويشير إلى أن "عدد الإصابات كان كبيراً جداً منذ الساعات الأولى للزلزال. وفي اليوم الأول عالجنا أكثر من 300 حالة احتاجت إلى تجبير كسور وإجراء عمليات وتصوير بالرنين المغناطيسي وتحاليل ومراقبة وأدوية. وكان العلاج مجانياً في المستشفى فمن واجب القطاع الطبي في شمال غربي سورية تخفيف معاناة المصابين، وجرت تلبية احتياجات مستشفيات إلى تحاليل دم مكلفة عموماً".
ويشير الصيدلاني حذيفة سليمان في حديثه لـ"العربي الجديد" إلى أن "بلدة الدانا شهدت تقديم أطباء أدوية تخص حالات المصابين بالزلزال لمعالجة حروق وجروح والتهابات وتسكين الآلام، وكانت معاينات الأطباء مجانية، كذلك الأدوية الممنوحة للمصابين والمرضى".
ويكشف مدير هيئة الصحة في منطقة غصن الزيتون (عفرين وريفها) أحمد حاجي، في حديثه لـ "العربي الجديد"، أن "المنطقة تحتاج الى مستشفى جراحي متخصص، علماً أن عدد المستشفيات الموجودة لا يكفي لخدمة 700 ألف شخص يسكنون في المنطقة، وهناك نقص كبير في المستلزمات الطبية خاصة الأجهزة في منطقة مهمشة ومهملة طبياً في الأصل، كما هو حال مدن وبلدات عدة في شمال غربي سورية".
ويسكن نحو 4 ملايين شخص في شمال وشمال غربي سورية، جلّهم من النازحين والمهجرين من مناطق مختلفة في سورية، والذين عمّقت كارثة الزلزال مآسيهم في ظل عدم اكتراث كافٍ من المجتمع الدولي الذي لم يقدم ما يخفف من تبعات الزلزال على عشرات الآلاف من المصابين والناجين والمشردين الذين تغيّرت حياتهم".
الدعم النفسي في الرقة
وفيما وصل تأثير الزلازل الى محافظة الرقة شمال شرقي سورية الخاضعة لسيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، لكن من دون أن يتسبب في سقوط قتلى ومصابين وتشريد ناجين كما الحال شمال غربي البلاد، أصيب أشخاص كثيرون بحالات هلع وفزع انعكست سلباً على العديد من المصابين بأمراض مزمنة وأطفال وكبار في السن، علماً أن المحافظة تعاني أيضاً من قطاع طبي ضعيف يفتقر إلى الإمكانات المناسبة.
وتقول الناشطة في منظمة "شباب تفاؤل"، ريم ناصيف، لـ"العربي الجديد": "لم يتأخر فريق المنظمة الإسعافي الذي يضم أطباء وممرضين في تلبية الاحتياجات على الأرض، ونزل إلى الشوارع فور وقوع الكارثة للاطمئنان إلى الأحوال الصحية للأهالي خاصة كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة بينها السكري والضغط والقلب، وكذلك الأطفال".
وأشارت إلى أن الفريق الإسعافي أجرى العديد من التحاليل الطبية للأهالي، وقدم أدوية، وعمله مستمر وسيقدم كل ما يستطيع للناس.
من جهته، يذكر مدير منظمة "شباب تفاؤل" والعيادات الطبية الخاصة المجانية في الرقة، عبد الحميد السالم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "فريق الدعم النفسي في المنظمة رافق الفريق الطبي في مراكز الإيواء المؤقتة، وتابع حالات أطفال يعانون من خوف شديد وهلع، وحاول دعمهم نفسياً من خلال تقديم ألعاب لهم، وتنظيم نشاطات ترفيهية. وهو مستمر في تقديم الدعم النفسي للأطفال منذ وقوع الزلزال".