مع اقتراب الموسم الدراسي تشهد محال بيع الكتب المستعملة في محافظة الإسكندرية، شمالي مصر، انتعاشاً ملحوظاً، في ظل الارتفاع المطرد في أسعار مستلزمات الدراسة، وتراجع قدرة أولياء التلاميذ على توفيرها.
والكتب الخارجية تصدرها شركات خاصة، ويعتمد عليها الطلاب في المذاكرة والدروس الخصوصية بديلاً للكتب المدرسية الحكومية، إذ تكون أكثر شرحاً وإيضاحاً، وتحتوي على تدريبات متنوعة على الامتحانات.
وتنتشر محال بيع "الكتب الخارجية المستعملة" لجميع المراحل التعليمية في مختلف المناطق السكنية، بعد أن استقرت لسنوات طويلة في منطقة "محطة الرمل" بوسط المدينة، وذلك بعد ارتفاع الطلب عليها، والرواج الشديد الذي شهدته خلال السنوات السابقة، في ظل موجة تضخم قياسية تشهدها البلاد.
ويبدأ تسابق أولياء الأمور على شراء تلك الكتب المستعملة، عقب انتهاء العام الدراسي وظهور النتائج. من بين أرفف الكتب المستعملة في محل بمنطقة "الحضرة الجديدة"، يقول أحمد إسماعيل (26 سنة)، لـ"العربي الجديد": "أنهيت إجراءات إلحاق ابني الوحيد بإحدى المدارس الرسمية، وخرجت من المدرسة إلى هنا لشراء مستلزمات الصف الأول الابتدائي، من كراسات وأقلام وكتب خارجية. السعادة التي كانت تغمرني بعد قبول ابني في المدرسة، تحولت إلى دهشة ممزوجة بالغضب بعد سماعي أسعار الكتب الخارجية المطلوبة لطفل في أولى خطواته الدراسية، فالأسعار مرتفعة بشكل مفرط".
تتفق معه أمل حسني، وهي والدة طفل في الصف الرابع الابتدائي، وتشير إلى ارتفاع أسعار الكتب على نحو مفاجئ من 50 أو 60 جنيهاً إلى أكثر من 120 جنيهاً دفعة واحدة، مؤكدة أن "إجمالي سعر الكتب الخارجية التي يحتاجها ابني يتخطى 2500 جنيه، بعد أن كانت الكتب ذاتها قبل سنة واحدة لا يصل سعرها إلى 1000 جنيه. أصبحت الكتب المستعملة طوق النجاة الوحيد الباقي أمامنا لشراء الكتب الخارجية، فأسعار الكتب الجديدة أعلى من قدرات غالبية المواطنين الشرائية، بينما تحل المستعملة الأزمة بأقل من نصف التكلفة. مهمة الشراء تشمل التركيز خلال البحث على الكتب خفيفة الاستعمال، أو غير المستهلكة حتى يتمكن الطالب من استخدامها، والابتعاد عن الكتب الممزقة".
وتقول آسيا وهيب، وهي والدة طالبة في الصف الثالث الإعدادي: "نمر جميعاً باختلاف مستوياتنا بأزمة مالية طاحنة نتيجة ارتفاع الأسعار، ومن بينها أسعار الكتب الخارجية، ما يضطرنا إلى اللجوء للكتب المستعملة ذات الأسعار المنخفضة، والتي لا تختلف كثيراً عن الجديدة، فعلينا توفير المال لتكلفة الدروس الخصوصية المرتفعة، وأسعار باقي مستلزمات السنة الدراسية".
الأمر ذاته تؤكده حبيبة عبد الرحمن، وهي إحدى مؤسسات مجموعة "أولياء أمور مدارس مصر" على موقع "فيسبوك"، وتشير إلى أن "أسعار الكتب الخارجية أصبحت الشغل الشاغل لأولياء الأمور، فالأهالي فوجئوا بارتفاع سعر الكتاب الواحد من 75 إلى 135 جنيهاً خلال سنة دراسية واحدة".
في المقابل، يرفض محمد المصري، وهو معلم للغة العربية بالإسكندرية، فكرة شراء الكتاب المستعمل، ويقول لـ"العربي الجديد"، إن الكتاب المستعمل المكتوب فيه أجوبة الأسئلة لا يحفز الطالب على التمرين، بالإضافة إلى وجود تعديلات مستمرة على المناهج لا تشملها تلك الكتب المستعملة، والتي تحرم الطالب أيضاً من التطور الذي تشهده الكتب الجديدة سنوياً في التصميم والطباعة والألوان والنماذج. ويشير إلى أن "اعتماد الطلاب على الكتاب الخارجي خلال دراستهم في جميع المواد هو نتيجة لعدم اهتمام المسؤولين بوزارة التربية والتعليم بالكتاب المدرسي، سواء بالمحتوي أو طرق تقديم المعلومة".
ويشير بائع الكتب المدرسية المستعملة في منطقة الشاطبي، محمد زغلول، إلى إنه كان يعمل في بيع الكتب الخارجية الجديدة، لكنه غير نشاطه مع رواج بيع الكتب المستعملة، وعزوف الأهالي عن شراء الجديد بسبب ارتفاع الأسعار. يضيف: "أشتري الكتب من تجار الورق بالكيلو، وليس بعدد القطع، ثم أفرزها لاستخراج ما يصلح لإعادة البيع للطلاب، شرط أن تكون مطابقة للمناهج الحالية، والكتب غير الصالحة أعيد بيعها بالوزن مجدداً إلى بائعي العطارة. بمرور الوقت أصبح الزبائن أكثر تفهماً لمهنتنا، ويقصدوننا قبل التوجه إلى مكتبات بيع الكتب الجديدة، إذ نبيع بأسعار تتراوح بين 30 إلى 50 في المائة من سعر الجديد حسب حالة الكتاب، كما نشتري منهم كتب السنوات الدراسية السابقة بالوزن، ما يعتبر صفقة ناجحة للطرفين".
وحول الارتفاع الكبير في أسعار الكتب الخارجية الجديدة، يؤكد نائب رئيس شعبة الأدوات المدرسية بغرفة القاهرة التجارية، علاء عادل، في تصريحات صحافية، أن السبب هو "ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج من أسعار الورق وخامات الطباعة، فضلاً عن زيادة تكلفة الشحن الدولي. سعر طن الورق ارتفع بنسبة 47 في المائة، ما أدى إلى رفع أسعار الكتب 13 في المائة، والأمر ذاته تكرر مع الأحبار وبقية مستلزمات الإنتاج بنسب متفاوتة".