يرفض عجيل الشمري، وهو مواطن كويتي يبلغ 67 عاماً، الحصول على اللقاح المضادّ لفيروس كورونا الذي أنتجته شركة فايزر الأميركية، وبدأت الكويت بالتطعيم وفقاً لقوائم الأسماء الموجودة لديها، حيث تكون الأولوية لكبار السن والطواقم الطبية وأصحاب الأمراض المزمنة، بعد وصول 150 ألف لقاح إلى الكويت منتصف شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
وتجري الكويت حملة تطعيم وطنية كبرى، دشنها رئيس مجلس الوزراء الشيخ صباح الخالد الصباح، وذلك بنصيحة من الفريق الطبي التابع لمجلس الوزراء الكويتي لإزالة الشك عند المواطنين حول جدوى التطعيم.
ووفقاً لإحصائيات مستقلة، أجرتها مجموعة من الأطباء في الكويت، فإنّ 50 في المائة من المواطنين الكويتيين، قالوا إنّهم لن يتلقوا لقاح كورونا لشكهم في جدواه ولرؤيتهم مجموعة من مقاطع الفيديو المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تصوّر اللقاح كـ"مؤامرة" لتغيير الحمض النووي. فيما أكد 30 في المائة من الكويتيين، أنّهم سيتلقون اللقاح فور وصول دورهم، وذلك بعد تسجيلهم في الموقع الإلكتروني المخصص للتقديم على اللقاح، والذي دشنته وزارة الصحة الكويتية، فيما لم يقرر 20 في المائة مصيرهم بعد.
من جهته، يقول مبارك الحربي، وهو طبيب كويتي يعمل في الصحة الوقائية، لـ "العربي الجديد": "ما يحدث من حملات تشويه إعلامية للقاح ولقضية فيروس كورونا، من قبل بعض الباحثين عن الشهرة، يتعدى المعقول. ففي بداية الأمر، كانت السلطات الصحية تنظم حملات توعية مستمرة حول الفيروس وخطورته، لكن مع مجيء اللقاح انهارت هذه الحملات التوعوية بفعل الضغوط التي يمارسها الرافضون للقاح".
ويقول تركي الشبيب، وهو مواطن متقاعد يبلغ 60 عاماً، إنّه لن يأخذ اللقاح، وذلك بناءً على نصيحة طبيبه المختص. لكن هذا الطبيب، بحسب ما يوضحه الشبيب لـ "العربي الجديد": "لا يستطيع التصريح بمثل هذه الأمور، خوفاً من سطوة المجتمع الطبي داخل الكويت". ويرى الشبيب، الذي عمل في السلك العسكري لسنوات طويلة، أنّ "مقاطع الفيديو والرسائل التحذيرية للخبراء الأوروبيين تظهر خطورة لقاح كورونا وأنّه يساهم بتغيير تركيبة جسم الإنسان". ويضيف أنّه وأفراد عائلته لن يأخذوا اللقاح أبداً، قائلاً: "كيف تطلبون مني أخذ دواء لم يستغرق اكتشافه أكثر من عام واحد، بينما هناك أدوية تعمل لعشرات السنين ولم يتم التأكد من موثوقيتها؟".
بدوره، يقول سعود الناصر، وهو طالب جامعي يبلغ 23 عاماً، لـ "العربي الجديد": "كنت أعتقد أنني مجنون لأنني أرفض أخذ اللقاح، لكن في الفترة الأخيرة، أجد تجاوباً كبيراً من قبل الناس، حتى أن عائلتي التي كانت خائفة من فيروس كورونا بدأت تتحدث عن إمكانية رفضها أخذ اللقاح".
كيف تطلبون مني أخذ دواء لم يستغرق اكتشافه أكثر من عام واحد؟
من جهته، يعتقد الطبيب الاستشاري، محمد جمال، أنّ المسؤولين عن علوم الطاقة، وما يُسمى بالطب البديل، يتحملون المسؤولية كاملة في تشويه صورة اللقاح، وذلك بسبب عدائهم للطب وأفكارهم التي يحملونها حول العلاج بالذبذبات وغيرها. ويؤكد أنّ "الطب الوحيد الذي يمكن تصديقه هو الطب الذي يخرج من المختبرات". يضيف جمال لـ "العربي الجديد": "هل يعقل أن تكون كل الهيئات الدوائية الموجودة في العالم غير موثوق بها، وبعض غير المتخصصين، من الذين لا يحملون أي شهادات في الطب، ولا يملكون أي بحوث علمية، هم أهل للثقة في ما يخص موضوع اللقاح؟".
وفي السياق، تقول الصيدلانية مها المطيري، لـ "العربي الجديد": إنّ الكارثة الكبرى لا تتعلق بعدم تصديق الكثير من المواطنين للقاح، بسبب الرسائل التي يتلقونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بل المصيبة في تقديم بعض الأطباء والصيادلة استشارات طبية تحرض على اللقاح من دون سبب معين، وهو ما يعدّ جريمة بحق القطاع الطبي". تضيف المطيري: "البعض منهم تجرأ وبدأ في التلميح عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنّه لن يتلقى اللقاح، فيما البعض الآخر يقول في السر إنّ اللقاح قد يكون خطراً، وعند سؤالهم عن سبب خطورته، لا يقدمون إجابات طبية".
ولم يُعلّق المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، عبدالله السند، على دعاوى وجود عددٍ من الأطباء الذين يحاربون اللقاح، ويوصون المواطنين بعدم أخذه، لكنّه يعترف بوجود توجهٍ شعبي بين فئات كبيرة، لرفض اللقاح. ويطالب الجميع بـ"عدم الاستماع لهذه الإشاعات". ويؤكد أنّ وزارة الصحة تؤدي الجهد المطلوب في توعية المواطنين بأهمية اللقاح. ويقول السند: "لو لم يكن اللقاح مهماً لما تلقيته وتلقاه رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة ورئيس مجلس الأمة وبقية قادة الدولة".