المرضى في سورية يعانون من تعطل أجهزة الرنين المغناطيسي

03 يونيو 2024
أوضاع المستشفيات الحكومية السورية متردية (لؤي بشارة/ فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- في مناطق سيطرة النظام السوري، يعاني المرضى من صعوبات كبيرة في الحصول على خدمات التصوير بالرنين المغناطيسي بسبب تعطل الأجهزة في المشافي العامة، مما يؤدي إلى انتظارات طويلة تصل إلى أربعة أشهر أو أكثر.
- العقوبات المفروضة تحول دون إجراء الصيانة اللازمة أو توفير أجهزة جديدة، مما يضطر المرضى للجوء إلى المشافي الخاصة رغم التكاليف المرتفعة، وتعكس قصص مثل حسام العبد الله ووليد سليمان الصعوبات الشخصية والمالية الناتجة.
- الفساد وسوء الإدارة يساهمان في تفاقم الأزمة، حيث يتم استيراد أجهزة غير مطابقة للمواصفات وبدون عقود صيانة ملائمة، مما يزيد من تعطلها ويدفع المرضى نحو المشافي الخاصة، معززًا الفائدة المادية للقطاع الخاص على حساب صحة المواطنين.

يجبر الكثير من المرضى في مناطق سيطرة النظام السوري الذين يحتاجون إلى الخضوع لتصوير بجهاز الرنين المغناطيسي على الانتظار لفترات طويلة، قد تزيد عن أربعة أشهر، كون كثير من هذه الأجهزة معطلة في أغلب المشافي العامة، والذريعة وتتحجج وزارة الصحة بالعقوبات لعدم إجراء الصيانة، أو إيجاد أجهزة جديدة. 
من محافظة اللاذقية، يوضح حسام العبد الله (52 سنة) لـ"العربي الجديد"، أنه كان يعاني من خدر في يده اليمنى، وآلام في الرقبة، وتزيد هذه الآلام مع الجلوس لفترات طويلة، وبعد المعاينة طلب منه الطبيب صورة رنين مغناطيسي، لكن واجهته مشكلة فترة الانتظار الطويل للحصول على الصورة، والتي تتجاوز ثلاثة أشهر على أقل تقدير. 

ويقول العبد الله: "لم يكن لدي خيار سوى التوجه إلى مشفى خاص لإجراء الصورة، وتبين أن لدي ديسك في الرقبة، وبحاجة إلى علاج فيزيائي وأدوية لتخفيف الالتهاب. المشافي العامة لم تعد مجدية مطلقاً، فلا يوجد أطباء، والأجهزة معطلة دائماً".
بدوره، يلفت وليد سليمان إلى أنه أجرى خلال العام الحالي صورة رنين مغناطيسي في مشفى خاص في دمشق، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "إجراء الصورة في دمشق سببه تعطل جهاز الرنين في مشفى السويداء. لا نعلم متى يعمل الجهاز ومتى يكون معطلاً، وهذا الحال متواصل منذ أكثر من أربع سنوات. عانيت من ألم شديد وتشنج في ساقي اليمنى، وبعد إجراء الصورة تبين أن لدي انزلاقاً غضروفياً في الفقرة الخامسة. مجرد دخول الجهاز أشعرني بالخوف الشديد، فالصوت مخيف للغاية، ولم يخبرني فني التصوير بذلك. أخبرني فقط أن أبقى ثابتاً. كثير من الناس لا تساعدهم الحالة المادية على الذهاب إلى مشفى خاص، وهذه المشكلة أعتقد أنها مفتعلة كون العمل في القطاع العام لم يعد نافعاً".
ويوضح حسان أبو عبيد، من سكان مدينة حمص، لـ"العربي الجديد"، أن انتظار دوره لإجراء صورة رنين مغناطيسي في المشفى الوطني بحمص تجاوز خمسة أشهر، وأكد الرجل الستيني أنه لم يجد بداً من إجراء الصورة في مشفى خاص كونها ضرورية.
يضيف: "تحمل أولادي المقيمون خارج سورية التكاليف، فأنا أعاني من هشاشة في العظام، ومشاكل في مفصلي الركبة، واضطررت لإجراء أكثر من صورة رنين مغناطيسي، ومن المستحيل أن يتحمل أي موظف في البلد تكاليف صورة رنين، إذ تتجاوز نصف مليون ليرة (33 دولاراً)، ولا أدري كيف يمكن للمرضى الانتظار لثلاثة أو أربعة أشهر للحصول على صورة رنين؟".

يدفع تردي المشافي الحكومية السوريين إلى المشافي الخاصة (لؤي بشارة/ فرانس برس)
مرضى سورية مجبرون على مراجعة المشافي الخاصة (لؤي بشارة/ فرانس برس

ويقول فني صيانة الأجهزة الطبية محمود العمر لـ"العربي الجديد"، عن أزمة أجهزة الرنين المغناطيسي المعطلة في معظم المشافي التابعة لوزارة صحة النظام، إن "الفساد كان يحكم استيراد هذا النوع من الأجهزة، وفي غالب الحالات كان يتم استيراد أجهزة غير مطابقة للمواصفات، أو من دون عقود صيانة، وهذا الأمر لا يقتصر على أجهزة الرنين المغناطيسي، وإنما على كثير من الأجهزة الطبية. في الوقت الحالي، زاد سوء الأمر، وتحول من مجرد فساد إلى تربح. لكن يمكن لمن لديه واسطة أن يجري صورة الرنين خلال وقت قياسي، أما المواطن العادي فعليه الانتظار لأشهر، أو الذهاب إلى المشافي الخاصة".
يتابع العمر: "الأجهزة في عموم المشافي العامة مستهلكة، وبعضها لم يعد ممكناً إجراء صيانة له، وغالبية هذه الأجهزة كانت مستعملة في بلد المنشأ، وهذا يقلل العمر الافتراضي لها. هناك آليات لتحديد العمر الافتراضي لأجهزة الرنين المغناطيسي وفق الشركات المصنعة، منها عدد الصور، ووقت خروج الجهاز من الخدمة. الجهاز يستخدم للكشف عن أمراض الدماغ والأذن والعين وغيرها، وهو مهم للغاية في أي مشفى، وتعطله في المشافي الحكومية هو من باب التضييق على الناس، وإجبارهم على التوجه إلى المشافي الخاصة، فالأطباء والفنيون يعملون أيضاً في تلك المشافي، ومن مصلحتهم أن يذهب المريض إلى المشفى الخاص".
وكشف مدير مشفى المواساة في دمشق، عصام الأمين، لوسائل إعلام محلية، أن جهاز الرنين في المشفى قيد الصيانة بعد أن عمل لفترات طويلة، وخضع عدد كبير من المرضى للتصوير باستخدامه، وتذرع بالعقوبات المفروضة على النظام لتبرير عدم صيانة الجهاز، مؤكداً أن "مشفى المواساة مفروضة عليه عقوبات اقتصادية مثل بقية المنشآت الحكومية، ما يؤدي إلى صعوبة في تأمين قطع الغيار اللازمة من قبل الوكلاء".

بدوره، أوضح مدير مشفى المجتهد، أحمد عباس، أنه المشفى الحكومي الوحيد في دمشق الذي يمتلك جهاز رنين قيد العمل، مشيراً إلى أن التصوير يجرى حسب الأولوية لمرضى الحالات الإسعافية والاضطرارية، وأن "المرضى الذين يتم تحويلهم من خارج المشفى ينتظرون في الدور لمدة تتراوح بين أربعة إلى ستة أشهر". 
وبالإضافة إلى مشكلة تعطل أجهزة الرنين المغناطيسي في معظم المشافي العامة في مناطق سيطرة النظام، فإن كثيراً من أجهزة الأشعة الاعتيادية معطلة، الأمر الذي يجبر المرضى أيضاً على التوجه إلى المشافي الخاصة لتلقي العلاج، حيث يعانون من الاستغلال بسبب التكاليف المرتفعة.