أثار بيان للمستشفيات الجامعية في لبنان بلبلةً حقيقية، الجمعة، بعد إعلانه صراحة "الاعتذار عن استقبال المرضى بسبب النقص في المستلزمات والأدوية"، داعياً المسؤولين إلى "اتّخاذ إجراءات فورية لمعالجة الخلل".
وصدر بيان مشترك عن المركز الطبي في "الجامعة اللبنانية الأميركية"- مستشفى رزق، مستشفى "القديس جاورجيوس الجامعي"، مستشفى "سيدة المعونات الجامعي"، مستشفى "أوتيل ديو" الجامعي ومستشفى "جبل لبنان الجامعي"، جاء فيه أن قرار هذه المستشفيات جاء تبعاً لقرار نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية في لبنان ونقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات في لبنان والذي يدعو إلى تسديد قيمة فواتير الأدوية العائدة للمستشفيات بالليرة اللبنانية والعملة الأجنبية نقداً ويطلب موافقة والتزام المستشفيات بذلك كشرط للاستمرار بتسليم التجهيزات والأدوية.
ووضح البيان عدم قدرة المشافي على السداد ضمن هذه الشروط، لأن فواتير المستشفيات تُسدد من قبل مختلف الهيئات والصناديق الضامنة العامة والخاصة بواسطة شيكات أو حوالات مصرفية دون أي مبالغ نقدية، "وبما أنه لا يمكن للمستشفيات الطلب إلى المرضى، وخصوصاً في ظل الظروف الراهنة، أن يسددوا جزءاً من فواتيرهم نقداً، وبناء على هذا الواقع الأليم الذي دفعت إليه، فإن المستشفيات لتعتذر من المرضى عن عدم قدرتها على متابعة توفير الخدمات الطبية العلاجية والجراحية خلال الفترة القادمة"، وأكد البيان أن المشافي لا تتحمل مسؤولية هذا القرار، حيث إن قرارات النقابات بالدفع النقدي شلت قدرة المستشفيات ومنعتها من "متابعة تقديم رسالتها في خدمة المرضى بالرغم من التضحيات التي قدمتها وما زالت في سبيل خدمة الإنسان، فهي لا تتحمل تبعات تلك القرارات والتعاميم التي تبقى الجهات الصادرة عنها بمفردها مسؤولة عما قد يهدد أمن المواطنين الصحي والاجتماعي وحياة المرضى، ولا سيما ذوي الأمراض المزمنة".
وفي اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أسف مدير قسم طوارئ مستشفى "أوتيل ديو" الجامعي ورئيس الصليب الأحمر اللبناني، الدكتور أنطوان الزغبي، لـ"غياب التخطيط الصحي في لبنان، حيث تعاني المستشفيات مشكلة جوهرية، فالأمن الصحي كما الأمن الغذائي يجب أن يكون فوق كل اعتبار، كونهما يشكّلان أسس العيش الإنساني، ولا يجوز أن يحدّهما أيّ خلاف سياسي أو أن توقفهما أيّ حكومة"، متسائلاً "كيف نحارب فيروس كورونا الجديد وسواه من الأمراض، هل نحاربه بالفقر؟ وكيف لنا أن نجد الحلول في ظل غياب الخطط المطلوبة؟".
ولفت إلى أنّ "دول العالم تمتلك خططاً لمواجهة فيروس كورونا، كما بحوزتها خططا استباقية لعدد المرضى المتوقع، غير أنّ كل هذا مفقود في لبنان، فعوض أن يجهدوا لتمويل القطاع الصحي والاستشفائي سواء من البنك الدولي أو الأمم المتحدة، نراهم يناشدون التمويل لأغراض البناء أو للمطار على سبيل المثال، في حين أنّ المواطنين والمقيمين جميعهم مهدّدون. إنّها مشكلة صحة عامة".
وقال الزغبي "وضعنا في (أوتيل ديو) كغيرنا من المستشفيات، المعاناة واحدة، والمستشفيات مليئة بمرضى كوفيد – 19 وغيره من الأمراض، غير أنّ فيروس كورونا فاقم من الأزمة، لا سيّما أنّنا خصّصنا جزءاً من المستشفى كوحدة عزل ووحدة عناية لمرضى كوفيد – 19"، كاشفاً أنّ "الحل الراهن يكمن في استمرار تواصل كل مريض مع طبيبه ليقرّر مدى إمكانيّة تلقّي المعالجة في المنزل من عدمها".
من جهته، قال مدير عام مستشفى "القديس جاورجيوس الجامعي (الروم)"، إدغار جوجو: "وضعنا كغيرنا من المستشفيات، حيث إنّه بين اليوم والآخر سنضطر إلى الاعتذار عن استقبال المرضى وعن تقديم الخدمات الطبية العلاجية، وذلك بناءً على ما تبقى لدينا من مستلزمات طبية وأدوية".
وأضاف لـ"العربي الجديد": "قرار الدفع نقداً هو قرار تعجيزي، حيث من المستحيل أن ندفع نقداً ونحن لا نستوفي مستحقاتنا بشكل نقدي"، مؤكداً أنّ "العبرة في بيان مصرف لبنان الصادر منذ قليل، تبقى بالتنفيذ والتطبيق، فهل يعطوننا نقداً؟".
مصرف لبنان
وكان قد صدر عن مصرف لبنان البيان الآتي: "يعلن مصرف لبنان بما يتعلق بالمستلزمات الطبية التي تحتاجها المستشفيات تنفيذاً للتعميم 573 والذي ينص على تسديد كلفة المستلزمات الطبية بالأوراق النقدية بالليرة اللبنانية، إنّ هذه الأوراق النقدية مؤمنة وستقوم المصارف المعنية بتأمينها للمستشفيات لتسديد كلفة المستلزمات الطبية المطلوبة. هذا القرار تم الاتفاق عليه بين جمعية المصارف ومصرف لبنان، فكل الحاجات مؤمنة ولا ضرورة لأي تردد في تقديم كل الخدمات الطبية التي يحتاجها اللبنانيون".