أصدرت الرئاسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم، في "الإدارة الذاتية" لشمال وشرق سورية، تعميماً يقضي بتعطيل كلّ المدارس الرسمية، اليوم الخميس، بمناسبة اليوم العالمي للمعلّمين الذي يوافق الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول من كلّ عام. يأتي ذلك في وقت يُحتفل بعيد المعلّم في مناطق النظام السوري يوم الخميس الثالث من شهر مارس/ آذار من كلّ عام. ولا تأتي الازدواجية في مجال الاحتفال بالمعلّمين فحسب، إنّما كذلك في ما يتعلق بالأنظمة التي يخضع لها هؤلاء والعملية التعليمية لدى الجهتَين.
وهنّأت هيئة التربية والتعليم لشمال وشرق سورية المعلّمين، اليوم الخميس، في ظلّ مصاعب عديدة يعانون منها في المنطقة لجهة سوء الأحوال المعيشية وتدنّي الرواتب وغياب الضمان الاجتماعي وكذلك الصحي، بالإضافة إلى سوء الظروف الأمنية نتيجة النزاعات المسلحة وتعرّض المدارس لاعتداءات ونهب محتوياتها.
يقول المعلّم رضوان محمد من مدينة القامشلي لـ"العربي الجديد": "مارست مهنة التعليم لمدّة 23 عاماً لدى مديرية التربية التابعة للنظام السوري، ولم يتجاوز راتبي مبلغ 200 ألف ليرة سورية، لذلك قدّمت استقالتي والتحقت بمدارس الإدارة الذاتية". يضيف أنّه "على الرغم من أنّ راتبي اليوم يساوي أضعاف ما كان عليه، فإنّنا نفتقر إلى الضمان الصحي إلى مزايا كثيرة كنّا نتمتّع بها قبل عام 2011. كذلك، قياساً على قيمة صرف الدولار الأميركي، كان راتب المعلّم يصل إلى حدود 700 دولار، أمّا الآن فلا يتجاوز 85 دولاراً".
من جهتها، تشير المعلّمة حياة طاهر من ريف القامشلي الجنوبي لـ"العربي الجديد": "بدأت التدريس لدى هيئة التربية التابعة للإدارة الذاتية في العام 2015، وأحمل شهادة جامعية في التربية". وتشكو من أنّه "على الرغم من أنّ رواتبنا أعلى من رواتب المعلّمين لدى النظام السوري، فنحن نواجه مشكلات وصعوبات عديدة، أبرزها عدم توفّر ضمان صحي أو راتب تقاعدي وقوانين ناظمة، إلى جانب عدم وضوح الآفاق المستقبلية وضمان استمرارية التجربة"، مشيرة إلى أنّ "كلّ ذلك مرهون بالوضع السياسي ومستقبل القوى المسيطرة عسكرياً على المنطقة".
أمّا المعلّم بروسك مجيد من مدينة القحطانية فقد انضمّ أخيراً إلى التعليم لدى الإدارة الذاتية. ويقول لـ"العربي الجديد": "أنا سعيد جداً لهذه التجربة الجديدة التي تحمل مميّزات كثيرة، لعلّ أبرزها فرصة التعليم باللغة الأمّ"، ويوضح "أنا أدرّس تلاميذي بلغتهم الأمّ، أي الكردية، وهي لغتي التي حُرمنا من التحدّث بها لعقود طويلة. كذلك يدرس العرب والسريان، كلٌّ بلغته. وهذا التنوّع اللغوي والثقافي يكرّس مفاهيم إيجابية في المجتمع، وتقبّل الآخر، والتعرّف إلى الثقافات المتنوّعة".
في سياق متصل، يقول الإداري في هيئة التربية والتعليم في شمال وشرق سورية مظلوم هسام، إنّ "الإدارة الذاتية تقف إلى جانب المعلّمين وتوظّفهم وسط الظروف المهجّرة والحياة المعيشية الصعبة". يضيف هسام لـ"العربي الجديد"، أنّ "التحدّي الأكبر أمامنا هو تحقيق الاعتراف الدولي والرسمي بشهادات الإدارة الذاتية التي نعمل عليها بجدّ". ويتابع هسام: "بمناسبة اليوم العالمي للمعلّمين، نطالب كلّ الجهات المعنية بتقديم يد العون والاعتراف بهذا العمل والجهد المبذولَين من قبل المعلّمين الذين عانوا من ظروف الحرمان والحرب"، مشيراً إلى أنّ "لا سقف محدداً لرواتب المعلّمين، لكنّ ثمّة فوارق وفقاً لتاريخ التعيين ومدّة الخدمة".
وكانت الأمم المتحدة قد خصّصت الخامس من أكتوبر/ تشرين الأوّل للاحتفال باليوم العالمي للمعلّمين، منذ عام 1994، وذلك من أجل إحياء ذكرى توقيع توصية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) ومنظمة العمل الدولية لعام 1966 بشأن أوضاع المدرّسين.
ويقدّر عدد المدرّسين في محافظة الحسكة وحدها بنحو 17 ألفاً و500 معلّم، فيما يبلغ عدد المدرّسين في منطقة شمال شرقي سورية نحو 43 ألف معلّم، بحسب إحصاءات الإدارة الذاتية، وهم يعملون بمعظمهم لدى الإدارة الذاتية، مع عدد قليل ما زال يعمل في المدارس الواقعة في المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام السوري في شرق سورية.