المغرب: الحرب على "سماسرة المحاكم" تطيح مزيداً من القضاة

21 يونيو 2023
أثار ملف السمسرة في المغرب "زلزالاً قضائياً" بحسب وصف المراقبين (فاضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

 

وصلت القضية المعروفة إعلامياً في المغرب باسم "سماسرة المحاكم" إلى منعطف جديد، بعدما أمر قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف بالعاصمة الرباط، مساء أمس الثلاثاء، بسجن مستشارين عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، وملاحقة آخرين في حالة سراح وإغلاق الحدود، إلى جانب حفظ الملف في قضية مستشار لعدم كفاية الأدلة.

وبموازاة ذلك، قرّر قاضي التحقيق في محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، الذي ينظر في الملف الذي أطاح شبكة تتألّف من أكثر من 40 وسيطاً معظمهم في حالة اعتقال، أمس الثلاثاء، إيداع قضاة منتسبين إلى النيابة العامة سجن "عين السبع" المحلي في الدار البيضاء. كذلك تَقرّرت ملاحَق نائبة وكيل الملك لدى محكمة الأسرة في المدينة نفسها، في حالة سراح.

وتأتي الاعتقالات الجديدة في سياق التحقيقات التي فُتحت على خلفية القضية التي هزّت محاكم الدار البيضاء، في صيف عام 2022 الماضي، على أثر اعتقال شبكة من السماسرة والوسطاء والقضاة والعناصر الأمنية في قضية "شبكة الرمال". ومن المنتظر أن تُمكّن التحقيقات الجارية منذ نحو شهرَين، الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء من الوصول إلى متورّطين جدد في الأيام المقبلة، وذلك في سياق الملفات المُتلاعب فيها بالوساطة من قبل المشتبه فيهم بعد اعتراض مكالمات هاتفية بينهم فُرّغت لدى الضابطة القضائية.

وأدّت التحقيقات، خصوصاً تلك المتعلقة بالمكالمات الهاتفية، إلى اعتقال ثمانية قضاة وأربعة محامين بالإضافة إلى مياومين وتجّار ومسيّري شركات ومنتدَبين قضائيّين وعاطلين من العمل، ووجهوا في خلال التحقيقات بمضامين الاتصالات الهاتفية التي أجروها في ما بينهم.

ويلاحَق الوسطاء في ملف السمسرة الذي أحدث زلزالاً قضائياً في محاكم مدينة الدار البيضاء، بتهم ارتكاب جنح وجنايات "إفشاء السرّ المهني واستغلال النفوذ والارتشاء والوساطة في ذلك لدى موظفين عموميّين في مقابل دفع وتلقّي رشاوى بمبالغ مالية كبيرة والنصب"، في حين يستمرّ التحقيق مع عدد من المحامين الذين وردت أسماؤهم كذلك في خلال التحقيق مع الوسطاء المعتقلين.

وتعليقاً على عمليات التوقيف الجديدة التي جاءت في سياق ارتدادات "الزلزال القضائي" الذي أحدثه اعتقال شبكة "سماسرة المحاكم" في الدار البيضاء، قال رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي لـ"العربي الجديد" إنّ "الأمر الأكثر خطورة في أيّ بلد هو أن يصل الفساد إلى العدالة؛ فساد لم تنفع معه كلّ الورش واللقاءات المتعلقة بالإصلاح والتخليق".

أضاف الغلوسي أنّه "لا بدّ اليوم من الإقرار بوجود فساد ورشوة في منظومة العدالة، اتّخذا أشكالاً متطوّرة فيما صارت البيئة مساعدة على توسّعهما في ظلّ تواطؤ بعض المهنيّين والمتدخلين في إنتاج العدالة". وأشار إلى أنّ "شبكة الدار البيضاء ليست الوحيدة بل ثمّة شبكات متعدّدة في محاكم أخرى تحتاج إلى التفكيك والضرب بيد من حديد"، شارحاً أنّها "شبكات محترفة تستغلّ سيادة الإفلات من العقاب وضعف آليات الرقابة للمتاجرة في القانون والعدالة بهدف مراكمة الثروات بمخالفة كلّ القواعد الأخلاقية والقانونية".

ولفت رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى أنّ "الشجاعة ومصلحة الوطن العليا تقتضيان الاعتراف بهذا الواقع وشنّ حرب لا هوادة فيها ضدّ الفساد والرشوة في جسم العدالة، مع اتّخاذ إجراءات حازمة وصارمة في حقّ المتورّطين في الاتّجار بالقانون لإشاعة الظلم والفساد وزعزعة الثقة في المؤسسات وفي مقدّمتها السلطة القضائية".