تخطّط الحكومة المغربية لإنشاء مؤسسات من أجل إيواء الأطفال ضحايا الاغتصاب، بالتنسيق بين وزارة العدل ووزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة.
وتأتي الخطوة في سياق ما أثارته جريمة اغتصاب جماعي استهدفت طفلة (12 عاماً) ونتج عنها حمل، في منطقة تيفلت وسط المغرب. وقد تحوّل اغتصاب الطفلة إلى قضية رأي عام في المغرب في الأيام الماضية، وخلّفت مجموعة من التساؤلات حول مدى توفير القوانين المعمول بها الحماية اللازمة لضحايا الاعتداءات الجنسية خصوصاً الأطفال منهم.
وكان وزير العدل المغربي عبد اللطيف وهبي قد تساءل، أوّل من أمس الإثنين، في خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) عن مصير طفلة بينما تم إيداع مرتكبي جريمة اغتصابها السجن ورفع العقوبة الصادرة ضدهم.
وقال وهبي في الجلسة العمومية: "أنا ووزيرة التضامن قمنا بتهيئة تصوّر من أجل إقامة مؤسسات للإيواء خاصة بمتابعة ومسايرة ضحايا الاغتصاب من الطفلات والأطفال".
وأوضح وهبي أنّ السبب وراء هذه الفكرة هو إغفال وعدم متابعة ضحايا الاغتصاب، والإهمال الذي يلاحقهم، بعد بتّ القضاء في ملفاتهم وانتهاء حالة الصخب لدى الرأي العام، في إشارة منه إلى ما قد تعانيه طفلة تيفلت مستقبلاً.
ونبّه وزير العدل إلى أنّ طفلة تيفلت، وإن بتّ القضاء في ملفها وإن أتى الدعم الذي لاقته من قبل الجمعيات كبيراً، فإنّها ما زالت تعاني من الظروف نفسها، وما زالت تقيم بالقرب من الجناة، الأمر الذي يجعل سلامتها ومستقبلها مجهولَين.
من جهتها، قالت منسّقة "شبكة الرابطة إنجاد ضدّ عنف النوع" سعاد بنمسعود إنّ "أيّ إجراء يُتَّخَذ لمصلحة ضحايا العنف لا يمكن إلا تثمينه، خصوصاً في ما يتعلق بالإجراءات والتدابير الحمائية للنساء والفتيات ضحايا العنف والناجيات منه". أضافت لـ"العربي الجديد" أنّ "توفير الإيواء مسألة بالغة الأهمية في مسار وحلقة التكفّل بالنساء والفتيات ضحايا العنف، لأنّ الإيواء يُعَدّ من الآليات المهمّة لحماية الضحايا"، موضحة أنّ "التكفّل بضحايا العنف عموماً وضحايا الاغتصاب والاعتداءات الجنسية خصوصاً هو تكفّل خاص يشمل جوانب عدّة. ومن هذه الجوانب الدعم القانوني، ومتابعة الملف، والدعم النفسي وكذلك الاجتماعي، والمواكبة، والدعم الاقتصادي، والدمج الاجتماعي-الاقتصادي للضحايا".
وتابعت بنمسعود أنّ "الايواء حينما يلبّي هذه الشروط والمعايير فإنّه يؤدّي دوراً مهماً في إخراج الضحية من حلقة العنف، والعمل على إعادة دمجها في المجتمع". وأكّدت أنّ أيّ خطوة تهدف إلى تعزيز منظومة التكفّل بضحايا العنف والاعتداءات الجنسية والاغتصابات خصوصاً هي خطوة قيّمة جداً.
تجدر الإشارة إلى أنّ حالة من الغضب تُسجَّل في الشارع المغربي في الأعوام الأخيرة، بعد توالي جرائم اغتصاب وقتل الأطفال. وقد طالبت منظمات تُعنى بقضايا الطفولة بتنفيذ عقوبة الإعدام في حقّ مرتكبي تلك الأفعال الإجرامية، وعمدت منظمات غير حكومية عديدة إلى إجراء نقاش حول صرامة القوانين المغربية في هذا السياق.