تتّجه وزارة التربية والتعليم الأولي والرياضة في المغرب إلى إنشاء فصول افتراضية تخوّل التلميذات والتلاميذ الولوج إلى المنصات التعليمية والمحتويات البيداغوجية (التربوية)، مع توفير الربط المجاني بشبكة الإنترنت، وذلك لمواجهة الاكتظاظ في المؤسسات التعليمية.
وكشفت الوزارة الوصيّة على قطاع التعليم في المغرب، اليوم الأربعاء، عن توقيع اتفاقية شراكة تجمعها بشركتي "إنوي للاتصالات" و"أورنج المغرب"، لدعم التعلّم الرقمي في المنظومة التعليمية بالبلاد. وأوضحت أنّ الاتفاقية سوف تمكّن من دعم جهود وزارة التربية الوطنية في إقرار نموذج تعليمي رقمي، وذلك من خلال توفير أجهزة لوحية إلكترونية تفاعلية تتضمّن محتويات تربوية لفائدة التلميذات والتلاميذ في مختلف الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وذلك في إطار مشروع نموذجي قابل للتطوير والتجديد يهدف إلى ضمان الاستمرارية التربوية، كما يستحضر إكراهات التعلم التي تعرفها بعض الأقسام الدراسية.
وفي هذا الإطار، قال وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، إنّ هذه التجربة سوف تتيح تحسين جودة التعليم وتساهم في تعزيز التعليم عن بُعد، وحلّ مشكلة الاكتظاظ في عدد من الأقسام، والرفع من جودة الدعم المدرسي. وكشف أنّ هذه التجربة ستنطلق في مرحلتها الأولى داخل أقسام نموذجية، مع مواكبتها ببرامج تكوينية لفائدة الكوادر التربوية حول توظيف التعليم الرقمي في العملية التعليمية، وذلك في أفق تعميمها على باقي المؤسسات بعد تقييم أثرها على مكتسبات الناشئة التعليمية. ولفت إلى أنّ "هذا البرنامج ليس سوى حلقة في مسلسل تنزيل الإصلاح داخل المنظومة التعليمية، الذي يهدف إلى ضمان الجودة والارتقاء بمستوى التحصيل الدراسي في مختلف مناطق المغرب".
وفي وقت تعاني فيه المدارس المغربية من الاكتظاظ، يرى الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم التوجه الديمقراطي، عبد الرزاق الإدريسي، أنّ "القضاء على أسباب الظاهرة غير مرتبط بالتعليم عن بُعد أو التعليم الافتراضي، وإنّما بإيجاد حلول لنقص المؤسسات التعليمية والحجرات الدراسية والموارد البشرية (المدرّسين بالأساس)"، مشدّداً على أنّ "غياب مؤسسة تعليمية في حيّ ما أو مدينة أو قرية يزيد من الطاقة الاستيعابية في مؤسسات أخرى".
ويؤكد الإدريسي لـ"العربي الجديد" أنّ "التعليم الافتراضي لا يستطيع تعويض، بأيّ حال من الأحوال، التعليم الحضوري، لما فيه من تفاعل وإبداع وعمل مشترك وتنافس منتج"، لافتاً إلى أنّه كان "في الإمكان تفهّم خطوة الوزارة بتوقيع اتفاقية مع شركات الاتصالات في زمن الحجر الصحي في مارس/ آذار 2020 حين طالبت النقابات التعليمية رئيس الحكومة المغربي السابق سعد الدين العثماني ووزير التربية الوطنية السابق سعيد أمزازي بتوفير وسائل العمل والتدخّل لدى تلك الشركات من أجل تعميم الهواتف والإنترنت في مختلف المناطق وبجودة للتعليم والبحث العلمي، إلا أنّ ذلك لم يتحقق حينها".
وكان بنموسى قد كشف قبل أسابيع، أمام البرلمان المغربي، معطيات رقمية عن الاكتظاظ بالمدارس، مفيداً بأنّه على الرغم من تراجعها نسبياً فإنّ نسبة الأقسام التي تضمّ أكثر من 40 تلميذاً في خلال العام الدراسي الحالي بلغت ستة في المائة في التعليم الابتدائي و11 في المائة في التعليم الثانوي الإعدادي و12 في المائة في التعليم الثانوي التأهيلي. وأوضح بنموسى في خلال جلسة الأسئلة الشفوية في مجلس النواب، أنّ لدى الوزارة برنامجاً تدريجياً للتقليص من الاكتظاظ في الأقسام الدراسية مستقبلاً، مشيراً إلى أنّه مرتبط بحركية السكان والتغيّر الديموغرافي.
ويحذّر متخصصون مغاربة من تداعيات هذه الظاهرة على عملية التحصيل العلمي وجودة الدراسة، مشدّدين على آثارها السلبية كذلك على الأوضاع الصحية للتلميذات والتلاميذ في ظل تفشّي فيروس كورونا الجديد.