أفادت مصادر محلية مغربية بإقليم الناظور، أن 13 من المهاجرين غير النظاميين الذين كانوا ضمن تعداد المصابين خلال عملية اقتحام مدينة مليلية، يوم الجمعة 24 يونيو/حزيران 2022، لقوا مصرعهم مساء اليوم نفسه، جراء مضاعفات الإصابات البليغة التي كانوا يعانون منها، لترتفع بذلك الحصيلة إلى 18 حالة وفاة بين صفوفهم. ونفت المصادر ذاتها تسجيل أية وفاة لدى أفراد قوات الأمن المغربية.
وفي وقت سابق تم الإعلان عن ما عُدّ المحاولة الجماعية الأولى من نوعها التي يخوضها مهاجرون أفارقة غير نظاميين، منذ تطبيع العلاقات بين المغرب وإسبانيا، حيث لقي خمسة من هؤلاء مصرعهم، وهم يقتحمون السياج الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية المحتلة ومحافظة الناظور، شمال شرقي المغرب، في حين أُعلن عن إصابة 140 عنصراً من قوات الأمن المغربية.
وأفادت السلطات المحلية لمحافظة الناظور بأنّ مجموعة من المهاجرين غير النظاميين المتحدّرين من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، أقدمت، صباح يوم الجمعة، على عملية اقتحام لمدينة مليلية من خلال محاولة تسلّق السياج الحديدي بين مدينتَي الناظور ومليلية. وأوضحت السلطات، في بيان لها، أنّه في أثناء تدخّل القوات العمومية لإحباط هذه العملية التي شهدت لجوء المهاجرين إلى أساليب جدّ عنيفة، سُجّلت إصابات بين 140 من أفراد هذه القوات بجروح متفاوتة الخطورة، من بينها خمس خطرة، فيما رُصدت 76 إصابة بين المهاجرين، من بينها 13 بليغة. كذلك سُجّلت وفاة خمسة من المهاجرين، فيما سقط بعضهم من أعلى السياج.
وأضافت أنّ المصابين كافة، سواء أكانوا في صفوف القوات العمومية أم من بين المهاجرين، نُقلوا إلى مستشفى الحساني في مدينة الناظور والمركز الاستشفائي الجامعي في مدينة وجدة لتلقّي الإسعافات والعلاجات اللازمة.
De cette manière violentes et armés de pierre, bâtons et couteaux, les migrants ont attaqué ce matin la barrière avec Melilla. 150 boozas. Bcp de blessés. pic.twitter.com/gsG0rxHvb9
— AMDH Nador (@NadorAmdh) June 24, 2022
وعرف السياج الحدودي الفاصل بين مدينة مليلية المحتلة ومحافظة الناظور منذ الساعات الأولى من صباح يوم الجمعة، محاولات اقتحام لمئات المهاجرين الأفارقة، وصفتها وسائل إعلام إسبانية بـ"العنيفة والمنظمة"، مشيرة إلى أنّ المجموعة التي تمكنّت من الاقتراب من السياج كانت محمّلة بحقائب ظهر مليئة بالحجارة والأسلحة البيضاء.
وتمكّنت السلطات المغربية من صدّ المهاجرين بمعظمهم، في حين تمكّن 130 من عبور السياج الفاصل مع مليلية، بعد تحطيمهم إحدى بوابات معبر الحي الصيني. يُذكر أنّ الجانب الإسباني أشار إلى نحو ألفَي مهاجر غير نظامي.
قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن السلطات المحلية بمحافظة الناظور، كانت قد استبقت عملية الاقتحام بترحيل مجموعة من المهاجرين الأفارقة غير النظاميين، يوم الثلاثاء الماضي، إلى مناطق أخرى داخل البلاد، في محاولة لمنعهم من اقتحام السياج الحدودي لمليلية التي تحتلها إسبانيا شمال المغرب.
وباتت محاولات اقتحام المهاجرين للسياج الحدودي لمليلية، شبه يومية، حيث تم إفشال ما يقارب 47 محاولة لاقتحام المدينة خلال السنة الماضية، في حين كشفت الحكومة الإسبانية، أخيراً، أن مدينتي سبتة ومليلية شهدتا 6.800 عملية اقتحام للسياج المحيط بهما خلال السنوات التسع الأخيرة، وهو، بحسب رئيس جمعية الريف لحقوق الإنسان شكيب الخياري، رقم كبير يستدعي موارد مالية وبشرية مهمة من أجل التعاطي معها، خصوصاً بعد توقف المغرب عن استعمال الوسائل المميتة كما تم خلال سنة 2005، حين لقي 17 مهاجراً مصرعهم عند الحواجز السلكية باستعمال الرصاص الحي، ما أثار حينها انتقادات لاذعة للمغرب كانت سبباً مباشراً في تبني طرق أخرى للحيلولة دون ولوج المهاجرين لمدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، منها بالأساس إحداث خنادق وأسلاك بشفرات قاطعة، والتي لم تكن للأسف، محط استنكار من لدن الجهات الحقوقية الرسمية على وجه الخصوص.
وفي سياق متصل، أبدى حزب "التجمع الوطني للأحرار"، قائد الائتلاف الحكومي الحالي في المغرب، عن تضامنه الإنساني مع ضحايا وجرحى أفراد القوات العمومية، وضحايا شبكات التهريب والاتجار بالبشر، عقب الأحداث الأليمة.
وحمّل الحزب، في بيان له، مسؤولية الحادث لشبكات تهريب البشر، التي تستغل الظروف الاجتماعية لمواطني بعض بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، مشيداً بـ"مهنية القوات العمومية والمجهودات الكبيرة التي تبذلها في الحفاظ على النظام العام وحماية الأرواح والممتلكات".
في سياق متصل، كان نحو 500 مهاجر أفريقي قد هاجموا، أمس الخميس، قوات الأمن المغربية المرابطة في محيط غابات إقليم الناظور حيث يتمركز المهاجرون. وأسفر الأمر بحسب وسائل إعلام إسبانية عن إصابة ما مجموعه 116 عنصراً أمنياً مغربياً نُقلوا إلى المستشفى الحسني في الناظور لتلقي العلاج، كذلك أُلحق ضرر بمجموعة من السيارات والمركبات الأمنية. أمّا يوم السبت الماضي، فأصيب نحو 100 عنصر من القوات العمومية المغربية في اشتباك مع نحو 700 مهاجر غير نظامي، معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء.
ويأتي مصرع المهاجرين الأفارقة الخمسة الجمعة، بعد ستة أشهر على وفاة ثلاثة أطفال ووالدتهم في حريق أدّى إلى اختناقهم وتفحّم جثثهم في مأوى للمهاجرين غير النظاميين في غابة غوروغو القريبة من مدينة مليلية المحتلة، وذلك في مأساة جديدة من مآسي الهجرة غير النظامية نحو أوروبا. ويختبئ المهاجرون الراغبون في العبور إلى مدينة مليلية المحتلة بمعظمهم، في غابة غوروغو، في انتظار الفرصة الأولى لاقتحام سياج ثلاثي يبلغ طوله نحو 12 كيلومتراً.
وفي غابة غوروغو، يعيش الأفارقة في قسمة بحسب الأغلبية العددية والجنسية؛ فثمّة مخيّم خاص بالمهاجرين الوافدين من الكاميرون وآخر للمهاجرين من مالي وثالث لهؤلاء الآتين من النيجر، إلى جانب مخيّمات أخرى. يُذكر أنّ الظروف مزرية في كلّ المخيّمات، مع عدم تطبيق الشروط الصحية.
Dicen que sólo hay 5 muertos en el lado marroquí de la valla de Melilla, ALGUIEN SE LO CREE??? pic.twitter.com/AWAz4LZ9ZX
— Rittenhouse (@DeMarichalar2) June 24, 2022
وكانت السلطات المغربية قد فكّكت في فبراير/ شباط 2015 مخيمات المهاجرين الأفارقة غير النظاميين في غابة غوروغو التي شكّلت محطة لتجمّع هؤلاء الذين يرغبون في دخول مليلية تحديداً، لكنّ مئات منهم استمرّوا في التوجّه إلى تلك الغابة وقد عدّوها المحطة الأخيرة للتسلل إلى أوروبا عبر السياج الحدودي لمليلية.
ولم يمنع اعتقال نحو 9100 مهاجر وترحيل 3000 آخرين إلى مدن وسط وجنوبي المغرب و700 إلى بلدانهم الأصلية، في حملات أمنية نُفّذت في عام 2018، من استمرار المنطقة في جذب المهاجرين غير النظاميين الذين ينشدون الحلم الأوروبي.
ويورد تقرير أصدره المعهد المغربي لتحليل السياسات في سبتمبر/ أيلول من عام 2020 أنّ خريطة انتشار مهاجري جنوب الصحراء تظهر أنّهم في حركة مستمرّة تختلف بحسب الخطة التي يضعونها لمحاولة العبور إلى القارة الأوروبية. وبالنسبة إلى الذين يختارون اقتحام السياجَين الحدوديَّين في مدينتَي سبتة ومليلية المحتلّتَين، فهم يتحرّكون في اتّجاه واحد وصولاً إلى مدينة تطوان (شمال) أو الناظور (شمال شرق)، مع محاولتهم تأمين قوت يومهم من دون الحاجة إلى جمع المال، بخلاف أولئك الذين يختارون عبور البحر والذين يشكّلون الأغلبية، علماً أنّهم يدفعون مبالغ مالية تتراوح ما بين 2000 و5000 دولار أميركي للمهرّبين، وقد ترتفع في فصل الصيف عندما يكون البحر هادئاً وتنخفض مخاطر الرحلة.
ومن أجل مواجهة تدفق المهاجرين غير النظاميين، شيّدت سلطات مدينتَي سبتة ومليلية سياجَين شائكَين زوّدتهما بأجهزة لاستشعار الصوت والحركة على مسافة 12 كيلومتراً من مليلية وثمانية كيلومترات من سبتة. وموّل الاتحاد الأوروبي، عبر وكالته لحماية الحدود الخارجية (فرونتكس)، تشييد السياجَين بكلفة 66 مليون يورو (72 مليون دولار).