استمع إلى الملخص
- المواطنون يواجهون صعوبات مالية بالغة في تحمل تكاليف العلاج، مما يدفعهم للتوجه نحو الصيادلة والممرضين للحصول على استشارات طبية، وفي بعض الحالات، بيع الأملاك لتغطية التكاليف.
- الارتفاع الشديد في تكاليف الرعاية الصحية يدفع السكان للجوء إلى الطب البديل وطب الأعشاب، مع تغيير سلوكيات العلاج بسبب الأزمة الاقتصادية والصحية، مما يعكس تحولاً في نهج العلاج بين المواطنين.
رفعت وزارة صحة النظام السوري أسعار الكشف الطبي والأجور في المشافي، في الوقت الذي يشتكي فيه المواطنون في مناطق سيطرة النظام السوري من التكاليف الباهظة للعلاج، خاصة في المشافي الخاصة التي غالباً ما يُجبرون على اللجوء إليها بسبب الخدمات المتدنية في المشافي العامة.
وذكرت صحيفة الوطن المقربة من النظام، اليوم الأربعاء، أن الوزارة رفعت أجرة الكشف الطبي للممارس إلى 25 ألف ليرة، والطبيب الاختصاصي في العيادة إلى 40 ألف ليرة، ومعاينة الطبيب المختص الذي تجاوزت ممارسته عشر سنوات إلى 50 ألف ليرة. وتضمن القرار رفع أجور سيارات الإسعاف والوحدات الجراحية، حيث رفعت سعر الوحدة الجراحية من 700 ليرة إلى خمسة آلاف ليرة بنسبة 600 بالمائة. كما رفعت أجور العمليات الجراحية والمتابعة الصحية، بالإضافة إلى إصدار لائحة أجور خاصة بمشافي القطاع العام تعادل نصف الحد الأعلى من مثيلاتها في المشافي الخاصة.
أسعار الكشف الطبي تتجاوز قدرات المواطنين
ويرى المواطنون في مناطق سيطرة النظام السوري أن رفع أجور الكشف الطبي والخدمات الطبية عموماً سيقلل بدوره عدد المراجعين للأطباء. إذ يقول فهد صائب المقيم في دمشق لـ"العربي الجديد" إنه في الحالة الطبيعية ومنذ حوالي عامين، أصبحت زيارة الطبيب من قائمة الرفاهيات لدى الكثير من السكان، مضيفاً: "أصبح المواطن يلجأ للتداوي، إما عن طريق الاستعانة بخبرات الصيادلة أو الممرضين، أو الصبر إلى أن يبلغ الألم والمرض مراحل متقدمة جداً".
وتابع: "منذ شهر تقريباً أصيبت زوجتي بأعراض حصى المرارة، فاضطررنا بعد محاولات لتسكين الألم والعلاج بالأدوية إلى إجراء عملية جراحية. لم نتمكن من إجرائها في المشفى العام بناءً على نصيحة أحد الأطباء في المشفى الذي قال لنا إن مواد التعقيم في المشفى غير متوفرة والعملية الجراحية التي تحتاجها زوجتي معقدة بعض الشيء، لامتلاء المرارة بحصوات من النوع البلوري ووجود شرخ في الجدار الداخلي، مما قد يعرض أجزاء أخرى في جسمها للتلوث في حال انفجرت المرارة أثناء العملية". مضيفاً: "أسعفناها إلى أحد المشافي الخاصة الذي طلب ما يعادل ستة ملايين لاستئصال المرارة، وقمنا بتأمينها بعد أن بعنا بعض أثاث منزلنا خوفاً على حياتها".
ويقول الصيدلي نورس حاتم لـ"العربي الجديد": "منذ أكثر من عام لجأ المرضى عموماً لاستشارة الصيدلي والممرض لعلاج معظم الأمراض الموسمية وغير المزمنة، وبهذا اختصروا مبالغ كبيرة من أجور المعاينة وتكاليف الصور والتحاليل الطبية، التي فاقت قدرات معظم الناس". معلقاً: "بات اعتيادياً لدى كثير من الناس وصف العلاج لمرضاهم أو إرسالهم إلى إحدى الصيدليات. أما اليوم وبعد الارتفاع الكبير لتكاليف المعاينة وما سيتلوه من ارتفاعات قريبة لتكاليف التصوير الشعاعي والتحاليل الطبية، فأرى أن غالبية الناس تفضل استشارة الصيدلي أو الاتجاه للعلاج بالطب البديل وطب الأعشاب بعدما أصبحت التكاليف تفوق إمكانات معظم الناس".
ويوضح أحد الأطباء في حديثه لـ"العربي الجديد" أن ارتفاع تكاليف العمليات الجراحية أو حتى تكاليف العلاج يعود لارتفاع أسعار المواد المستخدمة في العمليات والمعاينات التي تحتاج لأجهزة، عدا عن الغلاء المعيشي والضرائب التي تفرضها وزارة الصحة على المشافي الخاصة.
ويشتكي سليم العيدو المقيم في مدينة حمص من ارتفاع تكاليف العلاج في المشافي الخاصة، قائلاً لـ"العربي الجديد": "المبالغ التي تفرض على مراجعي المشافي الخاصة خيالية. والدي يخضع للعلاج منذ حوالي أربعة أشهر. المشافي الحكومية ليس فيها أي خدمات متاحة، عبارة عن مستوصفات ضخمة. أصيب والدي بقرحة المعدة، بعد إجراء عملية جراحية له، والمتابعات كلفتنا أكثر من 22 مليون ليرة. الأمر يفوق طاقتنا. أعتقد أنها مسألة وقت ويتحول القطاع العام لقطاع خاص أيضاً ويجبر من يخضع لعمل جراحي على بيع كل ما يملك".
(الدولار الأميركي يساوي 14850 ليرة سورية)