مثل كلّ شيء آخر، فإنّ لتكنولوجيا المعلومات إيجابياتها كما أنّ لها سلبياتها، والأساس هو تحقيق التوازن. يقول الطبيب الياباني سوسومو هيغوتشي إنّ وزارة التعليم في اليابان أصدرت الصيف الماضي توصية بالسماح لتلاميذ المدارس الثانوية بأخذ هواتفهم الذكية إلى المدرسة. ويقرّ هيغوتشي، الذي يرأس "مركز كوريهاما للطبّ والإدمان" في محافظة كاناغاوا، أنّ هذه الخطوة تساعد الآباء في معرفة مكان أطفالهم متى ما أرادوا، لكنّ لديه مع ذلك موقفاً من خطوة الوزارة، إذ لم يجرِ التطرق إلى العيوب المحتملة لاستخدام هؤلاء الفتية والفتيات للهواتف، بحسب تقرير من موقع "جابان توداي".
يقول التقرير إنّ إدمان الأطفال الإنترنت بات مشكلة متنامية، مع ما يترتب على ذلك من آثار سلبية على صحتهم الجسدية وسلوكهم الاجتماعي. وبالنسبة لأولئك المتضررين بشدة، فإنّ العودة إلى السلوك والصحة الطبيعيين غير مرجحة، مما يجعل بعض أشكال التدخل ضرورية.
في عام 2011، أصبحت منشأة الدكتور هيغوتشي، الواقعة في مدينة يوكوسوكا، الأولى من نوعها في اليابان التي تعالج إدمان الإنترنت. وعلى الرغم من تأسيس المركز في الأصل للعلاج من إدمان الكحول، فإنّ نحو 1500 مريض سنوياً يتلقون العلاج من إدمان الإنترنت، وهو ما يجعلها أكبر منشأة من نوعها في البلاد. جرى تحويل المركز للبدء بعلاج إدمان الإنترنت بعدما قدّر مسح أجرته وزارة الصحة عام 2008 أنّ في اليابان نحو 2.75 مليون مدمن إنترنت. يعلق هيغوتشي أنّ الأكثر إثارة للدهشة هو أنّ نحو 70 في المائة من المرضى كانوا من القصّر، ونصفهم في المدرسة الإعدادية والثانوية، فيما النصف الآخر في المدرسة الابتدائية.
يستخدم العديد من القصّر هواتفهم الذكية للعب عبر الإنترنت في وقت متأخر من الليل، ما يجعل ليلهم نهاراً ونهارهم ليلاً تقريباً. وفي كثير من الحالات، طلب الآباء التدخل الطبي بعدما انتاب أطفالهم غضب من مصادرة الهاتف أو محاولة الحدّ من استخدامه. واستخدم بعض الأطفال بطاقة ائتمان الأهل لطلب الألعاب أو الدفع مقابل التحديثات. وفي إحدى الحالات المتطرفة، وصلت فاتورة قاصر واحد في ستة أشهر إلى مليوني ينّ (أكثر من 19 ألف دولار أميركي).
وجد استطلاع أجرته وزارة الصحة اليابانية عام 2017 أنّ إدمان الهواتف الذكية آخذ في الازدياد، إذ تبين أنّ 12.5 في المائة من تلاميذ الإعدادي و16 في المائة من تلاميذ الثانوي مدمنون، بزيادة تقدر بنحو ضعفي المسح الذي أجري قبل خمس سنوات من ذلك. وأولئك الذين يعانون من الإدمان قد تظهر عليهم أعراض الحرمان من النوم وانعدام الشعور بالأمان وانخفاض الدرجات في المدرسة، بل يمكن أن تؤدي قلة النشاط البدني إلى انخفاض كثافة العظام، بحسب هيغوتشي.
ويشير التقرير إلى أبحاث أجريت على مدمني اللعب على الإنترنت، تؤكد أنّ أداء الفص الجبهي للدماغ - وهو القسم المسؤول عن التحكم في العقل والمنطق - انخفض لديهم. وقد وجدت الأبحاث أنّ هؤلاء الشباب لديهم حجم أقل من المتوسط من المادة الرمادية في فصوصهم الأمامية مقارنة بأقرانهم. وأظهرت دراسات عدة أنّ هذه الحالة يمكن أن تؤثر على الجهاز الدماغي الذي يتحكم في الرغبة والعواطف، ما يزيد من صعوبة التعامل مع مثل هؤلاء الأطفال باستخدام الإجراءات التأديبية العادية في المنزل أو في المدرسة.