يُعَد دور الرياضة أساسياً في منع الفظائع بالنسبة إلى القائمين على اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا جرائم الإبادة الجماعية وتكريمهم ومنع هذه الجريمة، الذي يُحتفَل به في التاسع من ديسمبر/ كانون الأول من كلّ عام.
وبعيداً عن كلّ التوقّعات، تُربط الرياضة باحتفالية هذا العام. ويؤكد القائمون على هذا اليوم العالمي أنّ الرياضة تاريخياً، لطالما كانت آلية أساسية للجمع بين المجتمعات وتجاوز الانقسامات، إذ مثّلت على الدوام وسيلة مهمّة لتعزيز الرسائل الإيجابية التي تساهم في الدمج والتماسك الاجتماعيَّين، وتعزيز التفاهم واحترام التنوّع والحدّ من الصور النمطية. وإلى جانب قدرة الرياضة على توحيد الناس على الصعد المحلية والوطنية والعالمية، فإنّها تُستخدَم بصورة متزايدة كوسيلة لتمكين الشباب والنساء، وتحسين الرفاه والصحة، ودعم التعليم وأهداف التنمية الاجتماعية، وتقوية صمود الأفراد والمجتمعات ومرونتها. وبالتالي، لا بدّ من تسخير الرياضة لدعم جداول أعمال السلام والتنمية ومنع مخاطر الجرائم الفظيعة، في كلّ أنحاء العالم.
"We must do more to live up to our commitment to liberate humanity from the scourge of genocide."
— United Nations (@UN) December 9, 2022
On Friday's #PreventGenocide Day, @antonioguterres warns that discrimination & hate speech - the early warning signs of genocide - are on the rise. https://t.co/qh5sk5IXFd #NoToHate pic.twitter.com/0GWBZlZ3Ud
وفي رسالته الخاصة بمناسبة هذا اليوم، قال الأمين العام للأمم المتحدة إنّه "على الرغم من أنّ الالتزام الأساسي بمنع الإبادة الجماعية يقع على عاتق الدول، فإنّ ثمّة دوراً أساسياً في هذا السياق للزعماء الدينيين وقادة المجتمعات المحلية والمجتمع المدني والقطاع الخاص ووسائل الإعلام، بما في ذلك منصّات وسائل التواصل الاجتماعي".
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أقرّت في عام 2015 التاسع من ديسمبر يوماً عالمياً لإحياء ذكرى ضحايا جرائم الإبادة الجماعية، وتكريمهم ومنع هذه الجريمة. وفي عام 2022، يحلّ هذا اليوم بالتزامن مع الذكرى الـ74 لاتفاقية عام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وتُعَدّ "اتفاقية الإبادة الجماعية" معاهدة حقوق الإنسان الأولى التي اعتمدتها الجمعية العامة. وهي تشير إلى التزام المجتمع الدولي بعدم تكرار ذلك أبداً وواجب الدول الأطراف في منع هذه الجريمة والمعاقبة عليها، فقد أطلقت الاتفاقية التعريف القانوني الدولي الأوّل لمصطلح "الإبادة الجماعية" الذي يُعتمَد على نطاق واسع على المستويَين الوطني والدولي.
"No child is born with hate. Hate is taught."
— United Nations (@UN) December 9, 2022
-- UN adviser on genocide prevention Alice Nderitu on the dangers of hate speech and intolerance on Friday's #PreventGenocide Day. https://t.co/z8jsVXraZl pic.twitter.com/PrUDsVsRbJ
وفي المادة الثانية من الاتفاقية، تُعرَّف الإبادة الجماعية بأنّها "أيّ من الأفعال الآتية المرتكَبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو عرقية أو دينية (أو غير ذلك) بما في ذلك: قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو نفسي خطِر بأعضاء من الجماعة، وإخضاع الجماعة عمداً لظروف معيشية يُراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً، وفرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال في داخل الجماعة، ونقل أطفال من الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى.
وتشدّد الاتفاقية على أنّ الإبادة الجماعية، سواء ارتُكبت في زمن السلم أو في زمن الحرب، هي جريمة بمقتضى القانون الدولي، وتتعهّد الأطراف ’"بمنعها والمعاقبة عليها" (المادة 1). وتقع المسؤولية الأساسية في منع الإبادة الجماعية ووقفها على عاتق الدولة التي تقع فيها هذه الجريمة.
وفي عام 2005، أكّد المجتمعون في مؤتمر القمة العالمي أنّ "مسؤولية حماية السكان من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية تقع على عاتق كلّ دولة على حدة". واتّفقوا على وجوب أن يقدّم المجتمع الدولي مساعدة للدول، عند الاقتضاء، حتى تتمكّن من الوفاء بهذه المسؤولية، فتُعزَّز قدراتها في مجال الحماية قبل أن تندلع الأزمات والنزاعات.
ولمنع الإبادة الجماعية والنزاعات التي تؤدّي إليها، فإنّ الأهمية الحاسمة هي في فهم أسبابها الجذرية. وفي حين تكون للنزاعات أسباب عديدة، فإنّ تلك التي تشتمل على إبادة جماعية تتمحور حول الهوية. فالإبادة الجماعية والفظائع المرتبطة بها تقع في العادة في المجتمعات التي تضمّ جماعات قومية أو عرقية أو دينية متنوعّة تشتبك في نزاعات تتصل بالهوية. وليست الاختلافات في الهوية، سواء أكانت حقيقية أو متصوّرة، هي وحدها التي تولّد النزاع، بل الآثار المترتّبة على هذه الاختلافات لجهة فرص الوصول إلى السلطة والثروة، والخدمات والموارد، وفرص العمل، وفرص التنمية، والمواطنة والتمتّع بالحقوق والحريات الأساسية. وهذه النزاعات يغذّيها التمييز، وخطاب الكراهية الذي يحرّض على العنف، وغير ذلك من انتهاكات حقوق الإنسان.
(العربي الجديد)