يلاحظ مصلون، منذ أغسطس/ آب الماضي، وجود حشرات في بعض مساجد أحياء زناتة والأندلس وتاورغاء في العاصمة الليبية طرابلس، وأبلغ بعضهم الجهات المختصة بحماية البيئة بهذا الأمر، فطالبت بإغلاق بعض المساجد لأيام، من أجل مكافحة انتشار هذه الحشرة.
وفي الأسابيع الأخيرة من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، شكلت هيئة الإصحاح البيئي، بالتعاون مع جهاز الأمن الداخلي، فرقاً نفذت جولات تفتيش في عدد من مساجد العاصمة، بعد رصد انتشار كبير لحشرة البق، في حين أكد بشير الغنيمي، المسؤول عن مسجد في تاورغاء، ضرورة أن تطاول حملات التفتيش مساجد في مناطق خارج طرابلس، بعد تلقي بلاغات عن رصد انتشار الحشرة فيها.
وعكس تشكيل فرق للتفتيش عن حشرة البق في المساجد اعتراف السلطات ضمنياً بتفشيها. وأكد مدير إدارة شؤون الإصحاح البيئي بوزارة الحكم المحلي إبراهيم الدخيل، في تصريحات صحافية، سعي الإدارة إلى توفير كميات من مبيدات الحشرات لمكافحة آفة البق المنتشرة هذه الفترة، وأوضح أنها ستوزع عبر المخاتير والبلديات وفق الحاجة. وعزا الدخيل انتشار حشرة البق إلى العمال الوافدين الذين جلبوها في مقتنياتهم وملابسهم، بحسبه، ما جعلها تنتشر في فضاءات عدة، على رأسها المساجد التي تعتبر أكثر الأماكن التي يرتادها العمال الوافدون.
وأشار الدخيل إلى أن "انتشار حشرة البق يشبه انتشار حشرة القمل في المدارس، ويرتبط بالنظافة العامة والشخصية، والمكافحة التي تبدأ من داخل البيت". ودعا الأمهات إلى "التركيز على النظافة والتهوية، وتعريض محتويات المنازل لأشعة الشمس باستمرار، وعدم الاعتماد على الكيماويات التي لن تكون ذات فائدة في حال عدم الاهتمام بالنظافة، أما جلب مبيدات الحشرات فليس من اختصاص إدارة شؤون الإصحاح البيئي". وشدد الدخيل أيضاً على أن إدارته تعكف على "تجهيز نشرات لتوعية الناس بطرق انتشار ومكافحة هذه الآفات بعيداً عن الاعتماد على المواد الكيماوية".
لكن الغنيمي رأى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "تصريحات الدخيل التي تدعو الأمهات في البيوت الى العناية بالنظافة، تشير الى تنصل السلطات من مسؤولياتها، فليس الأطفال من يعانون من انتشار الحشرة، وهم لا يرتادون المساجد إلا قليلاً". كما اعتبر أن "الحديث عن اختصاص توريد المبيدات الخاصة بحشرة البق بين جهة وأخرى، فيعني أنها لن تتوفر قريباً".
لكن الغنيمي اعترف أيضاً بأن زيارات فرق الإصحاح البيئي مستمرة لمساجد العاصمة، وأنه يجرى رش مبيدات بالاعتماد على جهود ذاتية في الغالب ينفذها من يرتادون المساجد أو من يشرفون عليها بالتنسيق مع فرق الاصحاح".
وعن إجراءات إغلاق المساجد، أوضح الغنيمي أنها "حصلت بقرارات ذاتية اتخذها القائمون على المساجد بعد تكاثر انتشار الحشرة. وحتى هيئة الأوقاف المسؤولة عن المساجد لم تعط تصريحاً بإغلاق مساجد طالبت بهذا الأمر".
ولم تنشر هيئة الأوقاف أي بيانات أو توضيحات في شأن معاناة المساجد من انتشار الحشرة، باستثناء قولها، في بيان أصدرته في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، إن "مسجد حي الحشان بطرابلس أقفل بناء على طلب قدمه أهالي الحي، وأن عملية رش المبيدات استمرت عشرة أيام"، فيما نفت الهيئة ذاتها إغلاق أكثر من مسجد في طرابلس.
محلات السجاد
وبعدما تداولت وسائل إعلام محلية أنباء انتشار حشرة البق وعلاقتها بالسجاد والفرش، عانت متاجر السجاد من ردود فعل المواطنين ومخاوفهم من إمكان وجود الحشرة في الفرش والسجاد، وهو ما أكده مصعب بالراس علي الذي يدير محلاً للسجاد في طرابلس، والذي قال لـ"العربي الجديد": "زادت أسئلة الزبائن عن كيفية التخزين، وأين تقع المخازن، وهل السجاد المعروض للبيع جديد أم أنه مخزّن منذ مدة. وهذه الهواجس أثرت بشكل كبير على عمليات شراء الفرش والسجاد".
من جهتها، تؤكد رحاب الشحومي، المسؤولة في مكتب الصحة المدرسية، أن حشرة البق لا تسبب أمراضاَ خطيرة، باستثناء حساسية جلدية عالية لمدة قد تتراوح بين عشرة أيام وأسبوعين، لافتةً الى إمكان أن تكون أكثر ضرراً بالنسبة إلى الأطفال تحديداً إذا استمر انتشارها ووصل الى المدارس أو الأماكن العامة مثل الأسواق.
وقالت لـ"العربي الجديد": "تسمى الحشرة أصلاً حشرة الفرش، وأعتقد بأن أوضاع بلادنا لا تحتمل مزيداً من القلق إذا انتشرت الحشرة في المدارس، فالقرار الأسهل للسلطات يتمثل في وقف الدراسة ربما لأسابيع. ومن المهم تكثيف الحملات للتوعية بكيفية اتقاء أضرار هذه الحشرة".