وجّه ناشطون عراقيون ومنظمات من المجتمع المدني انتقادات لقرار حكومي جديد بشأن تكليف وزير العدل خالد شواني بمهام تسيير الشؤون الإدارية والمالية للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق. فهؤلاء رأوا فيه بداية للتشديد والرقابة على المؤسسات العاملة في مجال حقوق الإنسان بالبلاد.
وذكرت وثيقة مسرّبة، جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، أنّ قراراً حكومياً حمل رقم "23516" لعام 2023 الجاري، صدر في 12 سبتمبر/أيلول الجاري، قضى بتكليف وزير العدل لتسيير الشؤون الإدارية والمالية في المفوضية العليا لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى مهامه. وقد حملت هذه الوثيقة توقيع الأمين العام لمجلس الوزراء حميد الغزي.
وعلى الرغم من أنّ الحكومة العراقية كانت قد جمّدت عمل مفوضية حقوق الإنسان في يوليو/ تموز 2021، بسبب خلافات سياسية ما بين الكتل والقوى البرلمانية من جرّاء الإخفاق في الاتفاق على اختيار مجلس أمناء جديد للمفوضية (11 عضواً ورئيس)، فإنّ أعضاءها ما زالوا بمعظمهم يمارسون نشاطات مرتبطة بالمجتمع المدني ورصد المشكلات الاجتماعية والحقوقية.
ليس صدفة، بل هو مخطط واضح و مدروس وممنهج، والهدف هو إنهاء جوهر النظام الديمقراطي في العراق من خلال شل عمل أي مؤسسة لها علاقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، منذ انطلاق تظاهرات تشرين في ٢٠١٩ هنالك صراع خفي بين الحكومة و مفوضية حقوق الانسان ( بدأ بَمحاولة ضمها لمجلس الوزراء من خلال… pic.twitter.com/fefNR0L5ji
— Dr. Ali Al Bayati | د. علي البياتي (@aliakramalbayat) September 20, 2023
وفي منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، رأى علي البياتي، عضو سابق في مجلس المفوضية العليا لحقوق الإنسان، أنّ القرار الأخير لم يأتِ صدفة، واصفاً إيّاه بأنّه "مخطّط واضح ومدروس وممنهج"، أمّا الهدف منه فهو "إنهاء جوهر النظام الديمقراطي في العراق من خلال شلّ عمل أيّ مؤسسة لها علاقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان".
وتحدّث البياتي في منشوره نفسه عن "صراع خفي" يقوم بين الحكومة ومفوضية حقوق الإنسان، منذ تظاهرات أكتوبر/ تشرين الأوّل 2019. وبيّن أنّ ذلك أتى بداية من خلال "محاولة ضمّها إلى مجلس الوزراء من خلال المحكمة الاتحادية"، مشيراً إلى أنّ تلك المحاولة "فشلت". أضاف أنّ بعد ذلك، كانت "مضايقة وتهديد العاملين فيها وتأخير تشكيل مجلس المفوّضين، وانتهى (الأمر) اليوم بإحالة إدارة هذه المؤسسة إلى وزير أكثر وزارة من المفترض أن تراقب المفوضية عملها وأداءها والتزامها بحقوق الإنسان".
من جهتها، قالت الناشطة العراقية عذراء حميد لـ"العربي الجديد" إنّ "الخلافات والمضايقات التي تعرّضت لها مفوضية حقوق الإنسان وصولاً إلى تجميد عملها في عام 2021، أتت بمعظمها بسبب موقف مجلس المفوّضين من دعم الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في أكتوبر 2019، وهو ما جعل معظم القوى السياسية الدينية والفصائل المسلحة تعدّها مفوضية فائضة عن اللزوم".
أضافت حميد أنّ "الحكومة الحالية تضيّق على المؤسسات المدنية والمنظمات، بالإضافة إلى تخويف الناشطين، وهي تحاول الإيحاء بأنّ ملف حقوق الإنسان مدعوم خارجياً". ورأت حميد أنّ "مفوضية حقوق الإنسان تخضع حالياً لرقابة حكومية واضحة، على الرغم من أنّها هيئة مستقلة لا بدّ من أن تعمل بحرية".
وتُعَدّ المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق من الهيئات المستقلة التي تأسّست في عام 2008، وهي ترتبط عملياً بالبرلمان مثل الهيئات المستقلة الأخرى، مثل هيئة الإعلام والاتصالات ومفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة.
أمّا مهمّتها فرصد الانتهاكات الحقوقية في البلاد، وتلقّي الشكاوى والتحقيق فيها، ورفع الدعاوى القضائية ضدّ المتورّطين بجرائم العنف المختلفة، ومراقبة عمل السجون ومراكز الإصلاح، وأداء عمل المؤسسات الأمنية والعسكرية في الجانب الحقوقي.
لكنّ هذه المفوضية واجهت في العامَين الماضيَين اتهامات عديدة تتعلّق بالتقصير في رصد الانتهاكات، خصوصاً عقب تفجّر الاحتجاجات الشعبية في البلاد في أكتوبر 2019.