في خضم عودة أفواج من اللاجئين الأفغان غير النظاميين إلى بلادهم، وانتظار قوافل العائدين على الحدود من أجل الإجراءات التي فرضتها السلطات الباكستانية على العائدين، والتي تشمل التسجيل وأخذ الصور والبصمات، يمر الأفغان المتبقون في باكستان بمرحلة حرجة، ليس فقط غير النظاميين منهم، بل النظاميون أيضاً، فالجميع معرضون لأصناف من الضغوط والمضايقات. يقول اللاجئ الأفغاني نجم الدين خان، من مدينة بشاور الباكستانية لـ"العربي الجديد"، إنه قرر أن ينتظر في باكستان أملا في أن تغير السلطات قرارها بعد زيادة الضغوط عليها، محلياً ودولياً، موضحاً أنه لا يحب العيش في باكستان، وأنه يؤثر البقاء من أجل تعليم بناته اللواتي يدرسن اللغة الإنكليزية، بينما في أفغانستان لن يسمح لهن بذلك.
يضيف: "تهيأت للعودة منذ اليوم الأول لصدور القرار، لكن زوجتي وبناتي ضغطن عليّ كي نبقى على أمل أن باكستان ستغير سياستها إزاء اللاجئين الأفغان نتيجة الضغوط، لكن يبدو أن هذا لن يحدث، ونحن معرضون لخطر الاعتقال حتى في حال التوجه إلى الحدود، فبعض من ذهبوا إلى الحدود الأفغانية الباكستانية بعد انتهاء المهلة الممنوحة لمغادرة اللاجئين غير النظاميين تعرضوا للاعتقال".
ويوضح خان: "بعض أقاربي توجهوا في الرابع من الشهر الجاري إلى الحدود، وعندما وصلوا إلى حاجز الأمن في منطقة جمرود، اعتقلت قوات الأمن ثلاثة رجال منهم، بينما سمحت لشاب واحد بالذهاب مع النساء إلى مركز خاص أنشأته الحكومة الباكستانية للعائدين الأفغان، والأوضاع في تلك المراكز صعبة للغاية، فلا توجد فيها أماكن الإيواء المناسبة أو المياه الصالحة للشرب".
يخشى لطف الله عامر زاي التوجه إلى الحدود الأفغانية الباكستانية للأسباب نفسها، كما أنه ينتظر أن يتقلص الزحام قليلاً حتى يعبر مع أهله الحدود إلى قريته في ولاية لوغر المجاورة للعاصمة كابول. يقول لـ"العربي الجديد": "كنت أنتظر حتى انتهاء المهلة لعل باكستان تعيد النظر في قرارها، لكن مع الأسف لم يحدث ذلك، ونحن في موقف حرج، فإن بقينا هنا فنحن معرضون لخطر الاعتقال، وإن خرجنا فنحن كذلك معرضون للاعتقال في الطريق، وإذا وصلنا إلى مركز اللاجئين قرب الحدود فالأمور هناك صعبة، وقد سمعت من بعض من نعرفهم أن نساءهم وأطفالهم ظلوا ليومين داخل الشاحنات، إذ لا مكان ليبقوا فيه، ولا توجد حمامات كافية، ولا مياه للشرب، ولا أماكن إيواء".
وعن حياتهم في باكستان حاليا، يوضح: "لا نخرج من المنزل، وهناك أقارب لنا يعيشون بالقرب من منزلنا، وهم يأتون إلينا بما نحتاج إليه، لكن ذلك الوضع لا يمكن أن يستمر طويلاً، وقد جمعنا أغراضنا ومحتويات المنزل، وننتظر الفرصة كي نذهب إلى بلادنا، ونشعر بغضب شديد حيال تعامل الحكومة الباكستانية مع اللاجئين الأفغان، فالعشرات تعرضوا للاعتقال، وهناك مداهمات من قبل الشرطة للمنازل، ويجري الاستيلاء على أموال من يتم اعتقالهم، خاصة إذا لم تكن لديهم أوراق ثبوتية، أو كانوا لاجئين غير نظاميين. القرار بحق اللاجئين الأفغان ظالم، ولا يمكن عملياً إخراج أكثر من مليون ونصف المليون شخص خلال أقل من شهر. إنها ذريعة لممارسة الظلم على أشخاص عاشوا لسنوات عديدة في هذه البلد".
ولا تقتصر عمليات القمع والضغوط على اللاجئين غير النظاميين، بل تمتد إلى النظاميين منهم. يقول محبة الله خان، والذي يعيش حاليا في كويتة، إن ثلاثة من أفراد عائلته تعرضوا للاعتقال بحجة أن بطاقاتهم مزورة، أو أن الشرطة بحاجة إلى التحقق منها، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "الشرطة الباكستانية لديها ذرائع كثيرة للاستيلاء على أموال الأفغان، وإهانة كرامتهم. أخذوني قبل عشرة أيام، وكانت لديّ بطاقة لاجئ، لكنهم قالوا إنها مزورة، وبهذه الذريعة أخذوا ثلاثة من أبناء عمومتي، واحتجزونا لثلاثة أيام في مركز الشرطة، حتى جاء أفراد أسرتنا ودفعوا لهم المال ليفرجوا عنا".
وطلب وزير الداخلية في حكومة طالبان، سراج الدين حقاني، في الخامس من الشهر الجاري، من الحكومة الباكستانية أن تعيد النظر في سياساتها مع اللاجئين الأفغان؛ مشدداً على أن السياسة الحالية تلقي بظلالها على العلاقات بين الدولتين، وأن تعامل باكستان مع اللاجئين الأفغان "أوجع جميع الأفغان" كونه "تعاملاً غير إنساني".
وقال حقاني، خلال اجتماع في العاصمة كابول، إن "باكستان استضافت اللاجئين الأفغان لأربعة عقود، لكن النهاية تبدو سيئة للغاية، وأقلقت وأوجعت كل أطياف الشعب الأفغاني، وعلى حكومة باكستان أن تعيد النظر في القرار الأخير". لكن باكستان مصرة على مغادرة كافة اللاجئين الأفغان غير النظاميين، والذين يبلغ عددهم نحو مليون و700 ألف أفغاني. وأكد وزير الداخلية الباكستاني، سرفراز بكتي، في الثالث من الشهر الجاري، أن إسلام أباد مصرة على قرارها، وأنه على جميع الأفغان غير النظاميين أن يخرجوا من باكستان.