انخفضت مشتريات الحكومة السورية، هذا العام، من القمح الذي ينتجه المزارعون السوريون عن الكميات التي اشترتها في موسم العام الماضي، والتي كانت بدورها في أدنى مستوياتها، مما قد يرسل إشارة إضافية إلى انسحاب الحكومة التدريجي من القطاع الزراعي.
في بداية شهر تموز/يوليو، اشترت مؤسسة حبوب (وهو اسم المؤسسة الحكومية التي تتولى عمليات شراء الحبوب من المزارعين) قرابة 325 ألف طن من القمح، وعلى الرغم من أن موسم التسوق لم ينته بعد، فإنه لا يتوقع أن تتسوق هذه المؤسسة كميات إضافية هامة. وقد اشترت مؤسسة حبوب، في العام الماضي، كمية 400 ألف طن فقط، وهي الكمية الأقل خلال عقود. فعلى سبيل المثال، اعتادت مؤسسة حبوب أن تشتري كميات من الحبوب كانت تصل، في منتصف السنوات العشر من العقد السابق، إلى 4 ملايين طن سنوياً.
اقــرأ أيضاً
يعود أحد أسباب تدني مستويات مشتريات الدولة من القمح إلى التكاليف الباهظة لنقله من مناطق الإنتاج المتركزة في الشمال الشرقي السوري، إلى المناطق الغربية من البلاد، حيث تسكن غالبية السكان. ولأن نقل الحبوب سيمر، حتماً، بمناطق تقع تحت سيطرة مجموعات غير حكومية، ومن ضمنها داعش، فهذا يلزم الحكومة دفع رسوم وإتاوات إضافية. نتيجه لهذه السياسة، أصبحت الحكومة تعتمد بشكل كبير على المساعدات الإنسانية وعلى الاستيراد المموَل من إيران وروسيا.
قبل عام 2011 كانت تكاليف إنتاج الحبوب محلياً أعلى من تكاليف استيراده بسبب سياسات الحكومة الهادفة إلى تحقيق الاكتفاء الغذائي عبر تشجيع الفلاحين زراعة القمح. لكن الآن، أهملت الحكومة هذا الهدف في سعيها للتوفير في نفقاتها قدر المستطاع.
اقــرأ أيضاً
القمح ليس المحصول الوحيد الذي تأثر. فمؤسسة حبوب اشترت بالكاد 5 في المائة من إنتاج الشعير المقدر بـ 700 ألف طن بعد أن طلب المصرف التعاوني الزراعي الحكومي أن يقوم المزارعون بتسديد قروضهم المستحقة عليهم قبل أن يحصلوا على قيمة محصولهم. ونتيجة لذلك، فإن كثيراً من الفلاحين يفضل أن يبيع إنتاجه للتجار بدلاً من تسليمه لمؤسسة الحبوب الحكومية.
سواء أكانت الأسباب متعلقة بسياسات المصرف الزراعي أو بامتناع الحكومة عن شراء الحبوب من الفلاحين أو توقفها عن تقديم الدعم لأكثر مدخلات الإنتاج التي يستخدمها المزارعون في عملية الإنتاج كالمازوت مثلاً، فإنه من الواضح أن الحكومة تنسحب من دعم الزراعي، ويُظهر ذلك لحظة تاريخية فارقة نشهدها، بعد عقود من التدخل الحكومي القوي في هذا القطاع.
(باحث اقتصادي سوري)
في بداية شهر تموز/يوليو، اشترت مؤسسة حبوب (وهو اسم المؤسسة الحكومية التي تتولى عمليات شراء الحبوب من المزارعين) قرابة 325 ألف طن من القمح، وعلى الرغم من أن موسم التسوق لم ينته بعد، فإنه لا يتوقع أن تتسوق هذه المؤسسة كميات إضافية هامة. وقد اشترت مؤسسة حبوب، في العام الماضي، كمية 400 ألف طن فقط، وهي الكمية الأقل خلال عقود. فعلى سبيل المثال، اعتادت مؤسسة حبوب أن تشتري كميات من الحبوب كانت تصل، في منتصف السنوات العشر من العقد السابق، إلى 4 ملايين طن سنوياً.
قبل عام 2011 كانت تكاليف إنتاج الحبوب محلياً أعلى من تكاليف استيراده بسبب سياسات الحكومة الهادفة إلى تحقيق الاكتفاء الغذائي عبر تشجيع الفلاحين زراعة القمح. لكن الآن، أهملت الحكومة هذا الهدف في سعيها للتوفير في نفقاتها قدر المستطاع.
سواء أكانت الأسباب متعلقة بسياسات المصرف الزراعي أو بامتناع الحكومة عن شراء الحبوب من الفلاحين أو توقفها عن تقديم الدعم لأكثر مدخلات الإنتاج التي يستخدمها المزارعون في عملية الإنتاج كالمازوت مثلاً، فإنه من الواضح أن الحكومة تنسحب من دعم الزراعي، ويُظهر ذلك لحظة تاريخية فارقة نشهدها، بعد عقود من التدخل الحكومي القوي في هذا القطاع.
(باحث اقتصادي سوري)