أطلقت السلطات العراقية في بغداد، بالتعاون مع منظمات أممية، سلسلة برامج نفسية وتعليمية تستهدف الأسر التي أُعيدت، أخيرا، من مخيم الهول السوري إلى الأراضي العراقية، واستقرت في مخيم الجدعة الواقع في ضواحي مدينة الموصل، شمالي العراق.
ومنذ أغسطس/ آب الماضي، أعادت بغداد نحو 500 عائلة عراقية، أغلبهم نساء وأطفال، كانوا داخل مخيم الهول ومعسكرات نزوح أخرى في شمال شرقي سورية.
وأكد مسؤولون في حكومة مصطفى الكاظمي أن العائلات تم تدقيق سجلاتها أمنيا، وتبيّن أن ظروفاً مختلفة أوصلتها إلى تلك المناطق، وأن عملية نقلها جزء من التزامات قانونية على العراق بإعادة مواطنيه، وذلك في معرض ردّ الحكومة على رفض فصائل مسلحة وأحزاب للخطوة.
أعادت بغداد نحو 500 عائلة عراقية أغلبها عبارة عن نساء وأطفال، كانوا داخل مخيم الهول ومعسكرات نزوح أخرى
واليوم الإثنين، كشف مسؤول عراقي في محافظة نينوى شمالي البلاد عن أن برامج التأهيل التي تستهدف الأسر العائدة من سورية تشمل أيضا برامج دراسية للأطفال والنساء، فـ"غالبية الأطفال يعانون من تخلف دراسي كبير بسبب انقطاعهم عن الدراسة".
وقال عضو لجنة المهجرين في ديوان محافظة نينوى، محمد الحمداني، لـ"العربي الجديد": "برامج التأهيل نفسية وأخرى توعوية وتثقيفية مختلفة، لمعالجة مخلفات خطاب وأفكار وطروحات "داعش"، وآخرون محسوبون على التنظيم الإرهابي خلال فترة وجودهم في تلك المناطق"، مبينا أن "جميع الأسر مسالمة، وظروف ذهابها إلى سورية مختلفة، لكن أغلبها كانت تريد الذهاب إلى تركيا عبر الأراضي السورية، وهي من سكان مدن عراقية حدودية مع سورية، وآخرون نزحوا خوفا من العمليات العسكرية والقصف، ومنهم من أجبرهم "داعش" على الانسحاب معه إلى سورية كدروع بشرية بعد خسارته المناطق التي كان يسيطر عليها".
وتحدث الحمداني عن "دورات مكثفة لتلك البرامج داخل المخيم واستجابة كبيرة من قبل تلك الأسر"، وفقا لانطباعات القائمين على هذه البرامج.
من جهته، قال قائم مقام قضاء القائم في الأنبار غربي البلاد، على الحدود مع سورية، أحمد الجديان، إنّ "البرامج الحكومية تهدف إلى إعادة تأهيل الأسر تمهيدا لدمجها في المجتمع الحمداني.
وأضاف الجديان، في تصريحات صحافية، أن "لجنة ضمّت ممثلين من مديرية الأمن الوطني، وقيادة العمليات المشتركة، ووزارة الهجرة والمهجرين، تشرف على البرنامج الحالي الذي يشمل 500 عائلة نقلت في وقت سابق للعراق"، مشددا على أن "العوائل التي جرى نقلها لا يمكن أن تشكل خطرا على مناطقهم أو العراق بصورة عامة، كونهم نساء وأطفالا فقط"، وفقا لتعبيره.
وأشار إلى أن "كل من تم نقلهم يتلقون حالياً دورات تثقيفية وتأهيلية لغرض إعادتهم إلى مناطقهم الأصلية، ودمجهم في المجتمع، لكن إلى الآن ما زالوا في مخيم الجدعة يتلقون الدورات".
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية علي عباس إن "مدة التأهيل النفسي للأسر العائدة ستكون بحسب مؤشرات وتقييم اللجنة، وقد تصل إلى شهرين"، وأشار إلى أن "الجهات الأمنية هي التي تحدد الأسر ونسب خطورتها على مدينة الموصل، وليس الوزارة، وتتعامل مع الملف ضمن إمكانياتها المحدودة، وبإسناد من منظمات دولية".
وحول البرنامج الجديد، قال الأستاذ الزائر لقسم المجتمع في كلية الآداب بجامعة بغداد، أحمد الحسني، لـ"العربي الجديد"، إنه "مهم، لكن الأهم أن يتم التعامل مع العوائل على أنها ضحايا لا أكثر".
وأضاف الحسني أن "الحكومة تتحمل مسؤولية فشلها في حماية المدن من "داعش" وحماية مواطنيها، وكل ما آلت إليه الأوضاع بعد عام 2014، ووجود برامج تأهيل نفسي وعلمي وثقافي لنساء وأطفال يجب أن تبقى ضمن إطار مساعدتهم، وليس كما يروج له البعض بأنه لحماية المجتمع منهم، أو من الخطر الذي يشكلونه، حيث إنها تمثل تحريضا عليهم، وتُصعّب من عملية اندماجهم بالمجتمع".
وأعرب المتحدث ذاته عن أمله بأن "يكون البرنامج تحت إشراف خبراء ومختصين في الأمم المتحدة، كونهم الأكثر قدرة على إدارة مثل هذه المهمات".