تعيش بلدة كُولوب الصومالية على وقع تحديات بيئية عصية أفقدتها بريقها نتيجة تغير المناخ، حيث وقعت بين فكي كماشة رياح عاتية تسببت في موجة تسونامي عام 2015، وزحف الكثبان الرملية عليها خلال السنوات العشر الماضية.
وتقع كُولوب، على الساحل الشرقي لولاية بونتلاند (شمال شرق)، ذات الحكم الذاتي الواسع، والمطلة على المحيط الهندي وبحر العرب.
ولا يتجاوز عدد العائلات التي فضلت البقاء في كولوب 50 أسرة فقط، تواجه مصيراً مجهولاً، حيث غطت الكثبان الرملية نصف منازلها، بينما ينتظر النصف الآخر المصير نفسه، وسط عجز السكان عن وقف زحف الرمال.
- 80% من منازل البلدة انهارت بعد أن ضربها تسونامي في 2015
- كثبان الرمال ابتلعت نصف منازل البلدة بعد أن أعيد بناء هدمه تسونامي
- 90% من السكان نزحوا من كولوب ولم يتبق منهم سوى 50 أسرة
واشتهرت كولوب، باعتبارها إحدى المحطات التي كان القراصنة يحتجزون، قبالة ساحلها، السفن التجارية المختطفة في عرض البحر، للحصول على فدية مالية مقابل الإفراج عنها وعن البحارة، بحسب شهادات السكان.
ويتهم سكان كولوب المسؤولين المحليين بإهمال البلدة، وتجاهل دعواتهم لإيجاد حلول لوقف زحف الكثبان الرملية حتى لا تبتلع ذكرياتهم وممتلكاتهم.
كانت تنبض بالحياة
كُولوب، كانت منطقة ساحلية تنبض بالحياة في كل زاوية من أرجائها، وسواحلها الغنية بالأسماك ساهمت في انتشار الصيد، كما اعتمد سكانها على حرفة الرعي نظراً للأراضي السهلة والوديان التي تحيط بها.
يقول محمود محمد كارشي، نائب عمدة كولوب، لـ"الأناضول"، إنّ البلدة كان لها تاريخ طويل، وتجمع بين الثقافة البدوية والحضرية، كما تشكل نقطة التقاء بين السكان القرويين والحضريين.
وأشار كارشي إلى أن كولوب، رغم قلة عدد سكانها، فإنها كانت في توسع ملحوظ من حيث البنية التحتية، قبل نحو 10 سنوات، أي قبل أن تضربها موجة تسونامي، وتدمر نصف منازلها.
ولفت إلى أن البلدة كان لها طابع سياحي، حيث كانت تستقبل الزوار من المدن والمناطق المختلفة في بونتلاند، في أيام العطلة الأسبوعية والأعياد، بسبب هدوئها وتاريخها الطويل.
منازل ابتلعتها الرمال
على وقع الإعصار المداري (تسونامي) في 2015، تضررت كولوب وانهار 80% من منازلها.
وبعدما أعادت مؤسسة "كير" الدولية بناء تلك المنازل، لم ينعم السكان طويلاً بها حتى اجتاحتها الكثبان الرملية.
وعلى مد البصر تمتد الكثبان الرملية في كولوب، لتبقى الأسقف والأعمدة شاهدة على منازل مدفونة تحت الرمال الزاحفة.
تقول فوس محمد أحمد (أم لـ8 أطفال)، إنّ منزلها انهار فوق رؤوس أطفالها في إحدى الليالي نتيجة تكدس الرمال على سقف منزلها، لتضطر للانتقال إلى المنزل الذي تسكنه حالياً، والذي لا تزال الكثبان الرملية تهدده.
وأضافت فوس، لـ"الأناضول"، "منزلي غارق في الرمال، وسيختفي من الوجود مثل هذا المكان الذي نتواجد فيه، الذي كان يضم قبل خمس سنوات العديد من المنازل، واليوم ابتلعتها الرمال".
لا يمكن للزائر معاينة هذه المنازل المنكوبة إلا أن يدخلها من الأسقف، فالأبواب والنوافذ باتت تحت الرمال، وبقايا آثار أثاث المنازل تعكس الحياة التي كانت موجودة فيها.
محاولات جهود السكان المحليين لوقف زحف الرمال عبر تشجير المنطقة واستخدام الجرافات لتجريف الرمال، لم تسعف البلدة طويلاً.
فالمدرسة الوحيدة وخلوة القرآن، باتتا تحت رحمة الرمال، فضلاً عن الطرق الحيوية بالبلدة.
90% من السكان نزحوا
من على إحدى الكثبان الرملية التي أغرقت بعض منازل كولوب، يجد الأطفال ضالتهم ليمارسوا لعبة التزلج على الرمال، بينما يبحث السكان عن حل لمشكلة زحف الرمال، وسط اتهامات لسلطات الولاية بإهمال البلدة.
يقول عبد الرحمن أحمد، أحد السكان، لـ"الأناضول"، إنّ بلدتهم "باتت مهددة بالدفن تحت الكثبان بفعل زحف الرمال، وإهمال متعمد لسلطات بونتلاند".
وأضاف أنّ "عدة مسؤولين من الولاية، بينهم وزراء محليون زاروا كولوب مؤخرا، وتعهدوا بتقديم حلول لوقف زحف الرمال، وتوفير الجرافات لنقل الكثبان، لكن لم يفوا بوعودهم، والكثبان الرملية تستمر في الزحف لتبتلع منازلنا وممتلكاتنا".
ولم يتسن لـ"الأناضول" التواصل مع السلطات المحلية في بونتلاند، إلا أن قضية احتمال اختفاء كولوب تحت كثبان الرمال، تحتاج دعماً دولياً لإنقاذ البلدة.
وبفعل هذه الكثبان الرملية نزح نحو 90% من سكان كولوب، إلى مدينة جرعد الساحلية بعد أن دفنت الكثبان منازلهم، ومن تبقى منهم لا حيلة لهم سوى انتظار اللحظة التي تتحول فيها بلدتهم إلى سراب تحت الرمال.
(الأناضول)