مع اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/ شباط 2022، رفض شبان روس كثيرون المشاركة في الحملة على أوكرانيا وغادروا بلدهم بعد إعلان التعبئة، لا سيّما إلى جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق مثل كازاخستان، حيث استفادوا من إمكان دخولهم بلا تأشيرة. لكن عدداً منهم يصعب تحديده عاد بعد فترة نحو عام من خروجهم، ويعيش معظمهم حالياً بعيدين عن الأنظار.
قال الخبير السياسي كونستانتين كالاتشيف: "يعتقد عائدون أنّ خطر التعبئة انخفض"، علماً أن وزارة الدفاع الروسية أكدت، في مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2022، أنّ التعبئة "الجزئية" الأولى التي بدأت عندما كان الجيش يواجه صعوبات على الجبهة انتهت إثر تجنيد 300 ألف رجل. كما أطلق الجيش حملة واسعة للتجنيد الطوعي في ربيع العام الحالي، ما هدّأ المخاوف من التجنيد الإجباري. ولفت إلى أنّ "الصعوبات المالية والروابط الأسرية دفعت أيضاً الفارين إلى العودة".
وقال إيفان نيستيروف، وهو مدرب للياقة البدنية فرّ إلى كازاخستان قبل أن يعود بعد ستة أشهر: "أردت الاحتجاج على السلطات الروسية التي لم أتجرأ على التظاهر ضدها، أو نشر رأي في شأنها على مواقع التواصل الاجتماعي. وقد شعرت بنشوة الخروج من النظام، وحصلت على فرصة للعمل في نادٍ للملاكمة، لكنني سقطت بعدها في حالة اكتئاب، واشتقت إلى وطني وأصدقائي، والأماكن العزيزة عليّ. كان الأمر صعباً جداً من الناحية النفسية، ولم أعد أرغب في العمل، كما أدركت أنني أكسب أقل أربع مرات من دخلي في روسيا. وعندما عدت إلى موسكو، شعرت بارتياح كبير".
ولا يزال خطر إعلان تعبئة جديدة قائماً في ظلّ استمرار القتال على الجبهة، إذ لم ينه أيّ مرسوم رسمياً قرار التجنيد الذي صدر في سبتمبر/ أيلول 2022.
ووفق شهادات على مواقع التواصل الاجتماعي، تُواصل المكاتب العسكرية الروسية إرسال استدعاءات لرجال يمكن تجنيدهم "للتحقّق" من وضعهم وتحديث السجلات. كما أقرّت السلطات في إبريل/ نيسان إمكان إرسال قرارات الاستدعاء عبر البريد الإلكتروني، في حين كان يتعيّن في السابق تسليمها باليد، ما سمح بتنصّل كثيرين من الخدمة الإلزامية.
وفي مواجهة هذا التهديد المستمر، يعتقد كالاتشيف أنّ "جزءاً كبيراً من الفارّين الذين عادوا إلى روسيا مستعدّون للمغادرة مجدّداً في أيّ وقت إذا توفرت لهم القدرات المالية لفعل ذلك".
وأبدى إيفان قلقه بعد سماعه شائعة عن تعبئة وشيكة في الخريف، وقال: "الوطن مهمّ، لكن من الأفضل أن تكون جباناً على قيد الحياة من أن تكون شجاعاً ميتاً".
(فرانس برس)