حُدّد موعد انطلاق حملة التحصين ضد شلل الأطفال في قطاع غزة، في الأوّل من سبتمبر/ أيلول المقبل، أي بعد ثلاثة أيام من اليوم. هذا ما أعلنه ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ريك (ريتشارد) بيبركورن، مساء اليوم الخميس. لكنّ سؤالاً يفرض نفسه: هل أعطت إسرائيل بالفعل "الضوء الأخضر" لإطلاق الأمم المتحدة وشركائها حملة التحصين ضدّ شلل الأطفال في قطاع غزة المحاصر والمستهدف، أم أنّ في الأمر مراوغة ما؟ وقد يكون التشكيك مشروعاً، ولا سيّما أنّ المسؤول الأممي أفاد بأنّ "لدينا التزاماً أوّلياً" بهدن إنسانية محدّدة في مناطق بحدّ ذاتها.
ويُطرَح أكثر من سؤال في سياق إعلان منظمة الصحة العالمية الأخير، ولا سيّما بعد مماطلة سلطات الاحتلال في الموافقة على وقف إنساني فوري لإطلاق النار طالبت به الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظمات دولية عديدة وكذلك الاتحاد الأوروبي، من أجل تنفيذ خطة التحصين التي تستهدف نحو 640 ألف طفل فلسطيني في قطاع غزة دون العاشرة من عمرهم، وذلك بأكثر من 1.2 مليون جرعة من اللقاح المضاد لشلل الأطفال التي نجحت الأمم المتحدة في إدخالها إلى القطاع المحاصر قبل أيام.
#UPDATE#Gaza: UN health agency, WHO, alongside partners to start polio vaccination campaign on 1 September, says Dr. Rik Peeperkorn, @WHOoPt chief
— UN News (@UN_News_Centre) August 29, 2024
Campaign to be conducted in two rounds; vital that it reaches at least 90% coverage in both rounds pic.twitter.com/RLv9VYE4pM
في السؤال المتعلق بالتوقّف الإنساني لإطلاق النار، بيّن بيبركورن أنّ إسرائيل وافقت على "هدن مؤقتة" لمدّة تسع ساعات يومياً، تحديداً من السادسة صباحاً حتى الثالثة من بعد الظهر. لكنّ الأمم المتحدة، بإدارتها العامة وبمختلف وكالاتها المعنيّة، كانت قد طالبت بهدنة لمدّة أسبوع كامل. أمّا الاتحاد الأوروبي فدعا، من جهته، إلى وقف إنساني فوري لإطلاق النار لمدّة ثلاثة أيام، بحسب ما جاء على لسان مفوّض السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل أخيراً.
وأوضح ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة أنّ خلال جولتَي حملة التحصين ضدّ شلل الأطفال المتوقّعة، سوف تعمل وزارة الصحة الفلسطينية بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والشركاء، لتزويد الأطفال الفلسطينيين المستهدَفين بجرعتَين من اللقاح.
وأضاف بيبركورن أنّ حملة التحصين ضدّ شلل الأطفال التي تنطلق في الأوّل من سبتمبر 2024، سوف تبدأ في وسط قطاع غزة ثمّ تنتقل إلى الجنوب وبعدها إلى الشمال، علماً أنّ ثلاثة أيام فقط خُصّصت لكلّ واحدة من هذه المناطق الثلاث. لكنّ المسؤول الأممي أشار إلى أنّهم قد يحتاجون إلى أيام إضافية لاستكمال التحصين، وبالتالي قد يكون من الممكن التمديد ليوم إضافي في كلّ منطقة، في حال برزت حاجة إلى ذلك.
وتابع بيبركورن أنّ حملة التحصين ضدّ شلل الأطفال سوف تأتي في جولتَين، لتحصين 90% من الفلسطينيين الصغار المستهدَفين بذلك، على أقل تقدير. يُذكر أنّ هذه هي النسبة الواجب تحقيقها للتخفيف من التهديد الذي يمثّله شلل الأطفال الذي رُصدت الإصابة الأولى المثبتة به قبل أيام، وذلك بعد 25 عاماً من اجتثاث المرض، علماً أنّ الفيروس المسبّب له كان قد رُصد في عيّنات مياه صرف صحي أُخذت من جنوب القطاع ووسطه في يونيو/ حزيران الماضي.
ولفت المسؤول الأممي إلى أنّ العائلات الفلسطينية سوف تتجاوب مع الحملة وسوف تصطحب أطفالها المعنيّين من أجل تلقّي جرعاتهم من اللقاح المضاد لشلل الأطفال، مبيّناً أنّه لطالما كان الفلسطينيون في قطاع غزة يُقبلون على التحصين الروتيني، وكانت النسب المسجّلة في هذا المجال أعلى من تلك المرصودة في دول مجاورة.
Polio in #Gaza: @UNRWA, @UNICEF & @WHO plan to vaccinate over 640,000 children. https://t.co/KxuhBgI3PU pic.twitter.com/EWE2domw4Z
— UN News (@UN_News_Centre) August 29, 2024
يأتي ذلك في حين تمضي إسرائيل في حربها المدمّرة على الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وقد رأى بيبركورن أنّ الهدن الإنسانية المقرّرة "ليست الطريقة المثلى" لتنفيذ خطّة التحصين التي وضعتها وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها، لكنّها "طريقة عملية" للتقدّم في هذا السياق. ووسط مخاوف من عدم سير الأمور بحسب المخطّط له، في ما يتعلّق بالالتزام بالهدن وتسهيل التحصين، قال بيبركورن: لا بدّ لذلك أن يُنفّذ إذ "لدينا اتّفاق".
تجدر الإشارة إلى أنّ وكالة أسوشييتد برس نقلت عن مسؤول إسرائيلي توقّعه "نوعاً من التوقّف التكتيكي (لإطلاق النار) من أجل السماح بتنفيذ عمليات التحصين". وقد تحدّث المسؤول، شريطة عدم الكشف عن هويته، لأنّ "الخطة لم تُنجَز بعد". بالتالي، قد تبدو المخاوف من إجهاض خطة التحصين مشروعة، وكذلك كلّ التساؤلات التي قد تُطرَح في هذا السياق، ولا سيّما أنّ 328 يوماً من العدوان الإسرائيلي المتواصل تقود في هذا الاتجاه.