أعلن فريق "منسّقو استجابة سورية" أنّ نسبة الاستجابة الإنسانية في مخيمات الشمال السوري خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، انخفضت مقارنة بالأشهر السابقة بسبب الفجوة الكبيرة بين الاحتياجات المطلوبة وعمليات التمويل المتوفرة.
وأوضح الفريق أنّ "نسبة الاستجابة الإنسانية ضمن المخيّمات، وتشمل التوزيع الدوري وتعويض الأضرار السابقة، بلغت 41 في المائة لقطاع الأمن الغذائي وسبل العيش، و21 في المائة لقطاع المياه، و22 في المائة لقطاع الصحة والتغذية، و34 في المائة لقطاع المواد غير الغذائية، و32 في المائة في ما يتعلق بالمأوى (تأمين الخيم للمخيمات العشوائية)، و23 في المائة لقطاع الحماية، بالإضافة إلى 19 في المائة لقطاع التعليم".
ويلفت الفريق إلى أن "حرائق المخيمات خلال أكتوبر/ تشرين الأول بلغت 11 حريقاً وتسببت بوفاة امرأة وطفل، وإصابة امرأة ورجل وطفل، وتضررت 17 خيمة".
يقول مسؤول فريق "منسّقو استجابة سورية" محمد حلاج لـ "العربي الجديد"، إن "قطاعي الصحة والتعليم يعانيان دائماً من مشاكل كبيرة ويتعرضان للاستهدافات بشكل متكرر من قبل قوات النظام وروسيا. كانت منظمتا كومينكس (المنحة الأوروبية – البريطانية للتعليم في الشمال المحرر) وقطر الخيرية، تدعمان القطاع التعليمي في السابق بشكلٍ أكبر. لكن للأسف، فإن انخفاض الدعم من قبلهما وبعض المنظمات الأخرى أصبح كبيراً وواضحاً في الوقت الحالي، والمعلم لا يحصل على حقوقه بشكلٍ كامل".
ويلفت حلاج إلى أن "النقطة الأهم هي مخيمات النازحين، في الفترة الحالية قطاع المخيمات أعداد المدارس فيه ضئيلة جداً"، مضيفاً: "يضطر الطفل للانتقال بعض الأحيان مسافات نحو كيلومتر حتى يصل إلى مدرسة قريبة منه، وخصوصاً في المخيمات التي تم إنشاؤها حديثاً بعد الحملة العسكرية الأخيرة في المنطقة. وهذا الأمر يسبب ضغطاً كبيراً على الكادر التعليمي والطلاب وذويهم".
ويشير حلاج إلى أن "تكاليف التعليم مرتفعة بشكلٍ ملحوظ، والطفل بحاجة إلى لباس مدرسي وقرطاسية، وهذا الأمر يؤثر على الأهالي. غالبية الأطفال يخرجون إلى العمل في عمر مبكّر. وهذه النسبة بدأت ترتفع بشكلٍ كبير، وخصوصاً مع الأوضاع الاقتصادية السيئة، بالإضافة إلى بعض الفتيات اللواتي يلجأن إلى الزواج المبكر".
من جهته، يقول عبد السلام اليوسف، المسؤول عن مخيم "أهل التح" والذي يضم نازحين من ريف إدلب الجنوبي، والواقع على أطراف قرية باتنتة شمال محافظة إدلب، لـ "العربي الجديد"، إن "هناك تقصيراً واضحاً وصريحاً من قبل كافة المنظمات الإنسانية في ما يخص مخيمات النازحين شمال غربي سورية". يضيف أن "غالبية المخيمات لا توجد فيها شبكات مياه، ولا شبكات صرف صحي. كما أن غالبية المخيمات لا توجد فيها مدارس معتمدة، وهناك شح في المواد الإغاثية ومواد النظافة بالتحديد، ونقص في المياه. كما أن مخصصات الفرد الواحد من المياه لقاطني مخيم أهل التح تبلغ 25 لتراً في اليوم الواحد فقط، وهذه الكمية لا تفي بالغرض في ظل تفشي جائحة كورونا".
ويؤكد أن "أكثر من 200 مخيم في منطقة إدلب لا تقدم فيها خدمات المياه، فيما تعاني مخيمات أخرى مشاكل في الطرقات، كما أن خيامها مهترئة". يتابع: "غالبية المخيمات ليست فيها فرش وأغطية، إذ إن كل أثاث الخيام بات مهترئاً بسبب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف، أو بسبب هطول الأمطار واشتداد سرعة الرياح في فصل الشتاء. من جهة أخرى، لم توزع المنظمات الإنسانية سلالاً غذائية منذ نحو سنتين داخل مخيمنا".
ويطالب اليوسف جميع المنظمات الإنسانية "بأخذ هذه الأمور على محمل الجد، والبدء باتخاذ إجراءات بشكلٍ أوسع يتماشى مع الوضع المعيشي لكل أُسرة داخل مخيمات النازحين". يضيف أن "مخيم أهل التح يضم 300 أُسرة نازحة من قرى عدة وبلدات بريف إدلب الجنوبي، وتضم 1750 فرداً من بينهم 750 طفلاً".
بدوره، يقول النازح من مدينة معرة النعمان إلى مخيم مشهد روحين شمال محافظة إدلب، محمود الأبرش، إن "الوضع المعيشي بات سيئاً جداً، وفرص العمل ضئيلة جداً، وارتفاع الأسعار يتسارع بشكل جنوني، وانقطاع الدعم الإغاثي على المخيمات يضيق الخناق بشكلٍ أكبر على النازحين، لا سيما النازحين الجدد الذين هُجروا من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الغربي، وريف حلب الغربي والجنوبي خلال الحملة العسكرية الأخيرة مطلع العام الماضي".
يضيف أن "غالبية النازحين الذين هُجروا من منازلهم في الآونة الأخيرة، خرجوا من قراهم وبلداتهم من دون أن يتمكنوا من إخراج أي شيء من مستلزماتهم وأثاث منازلهم بسبب شدة القصف واعتماد سياسة الأرض المحروقة من قبل روسيا والنظام".
يتابع الأبرش: "لدي أربعة أطفال وجميعهم تحت سن الثامنة. أعمل في مجال البناء، ولا تتوفر فرص عمل بسبب البطالة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وإن كان يوجد عمل فالأجر اليومي لا يتجاوز 40 ليرة تركية للعامل كحد أقصى، وهو مبلغ غير كاف لشراء الخبز والحليب والحفاضات للأطفال". ويتمنى أن "تكون هناك منظمات تدعم المخيمات وتقدم حليب الأطفال والحفاضات والسلال الإغاثية، في ظل تردي الوضع المعيشي لدى غالبية سكان المخيمات، بالتزامن مع بدء فصل الشتاء".