أعلنت الحكومة التركية إيقاف التعليم الجامعي المباشر والانتقال إلى التعليم عن بعد خلال الفصل الدراسي الثاني وصولاً إلى الصيف، بسبب الحاجة إلى مباني السكن الجامعي لإيواء الناجين من كارثة الزلازل التي ضربت جنوبي البلاد وسورية قبل أسبوع. وأورد بيان أصدره المجلس الأعلى للتعليم أن "إنجاز عملية التعليم الخاصة بالفصل الثاني للعام 2022 - 2023 عن بعد أمر مناسب، واتخذنا قراراً بذلك بعد كارثة الزلزال، وسنقدم التفاصيل ونقيّم أوضاع كليات الطب وطب الأسنان وكليات أخرى وبرامج التدريب وغيرها قبل إعلان قرارنا لاحقاً".
وكانت السلطات أرجأت انطلاق الفصل الثاني للعام الدراسي الحالي في كل المدارس بسبب كارثة الزلازل، وحددت فترة التأجيل بأسبوع واحد، ثم مددته أسبوعاً آخر مع تحديد موعد استئناف الدراسة في الـ20 من شباط/ فبراير الجاري. وشدد وزير التعليم محمود اوزر على أن "جميع الولايات ستواصل الدراسة في الموعد المحدد، في حين ستتوقف في الولايات العشر المتضررة تمهيداً لتقييم احتمال بدئها مجدداً، وإعلان تاريخ لهذا الأمر في آذار/ مارس المقبل". وسبق ذلك إعلان ترتيبات تتعلق بحصص التعليم وامتحانات الصفوف الانتقالية.
وتشير بيانات مجلس التعليم الأعلى إلى أن عدد الجامعات في عموم الولايات الـ81 يبلغ 129، ويرتفع إلى 208 مع ضم الجامعات الخاصة وتلك التابعة للأوقاف، فيما يتجاوز عدد طلاب الجامعات بحسب أرقام العام الماضي 7.6 ملايين، ما يعني أن قرار التعليم عن بعد يؤثر في عدد كبير من الطلاب. أما عدد مباني السكن الجامعي فيناهز 800 في عموم تركيا، وتضم نحو 850 ألف سرير.
وقال نائب الرئيس التركي فؤاد أوقطاي إن "عدد الأشخاص الذين يتواجدون حالياً في مراكز الإيواء المؤقت التي تشمل المخيمات ومباني السكن الجامعي، بلغ 1.2 مليون. ونقلت شركات طيران 400 ألف شخص إلى مراكز إجلاء، كما خرج عدد كبير من المواطنين بمركباتهم الخاصة من المناطق المنكوبة، وقصدوا ولايات أخرى.
وكشفت مصادر في وزارة التربية والتعليم لـ"العربي الجديد" أن "الحكومة تسعى إلى بدء التعليم في مدارس الولايات المنكوبة استناداً إلى انتقال المنكوبين بالزلزال إلى ولايات أخرى، وتحديداً إلى مراكز إيواء في السكن الجامعي بدلاً من المخيمات، وقد أصابت الكارثة أكثر من 13 مليون مواطن بينهم عدد كبير من الطلاب في المرحلة التعليمية، ولا رغبة في العودة إلى التعليم عن بعد في مرحلة ما قبل دخول الجامعات، نظراً إلى آثارها السلبية بحسب التجارب خلال مرحلة وباء كورونا". وأضافت أن "إدارة السكن الجامعي سارعت في توجيه رسائل إلى الطلاب طالبتهم بجمع أغراضهم ومستلزماتهم من غرف السكن الجامعي تمهيداً لتهيئتها من أجل إيواء المنكوبين. وفي حال عدم تنفيذ الطلاب هذا الأمر ستجمع مقتنياتهم، وستوضع في الأمانة وتحفظ حتى استلامها". وأوضحت المصادر ذاتها أن "مباني السكن الجامعي تستوعب عدداً كبيراً من النازحين، وتخفف من حمل الحكومة في مسألة الإيواء. وقد استخدمت بعض المباني في الولايات القريبة مثل مرسين وقونيا لاستضافة المنكوبين فيها، وسيتم تعميم ذلك في مختلف الولايات التي تتمتع أبنيتها بمواصفات مناسبة وتتوفر فيها خدمات لتوفير طعام ومرافق ومنشآت لم تتضرر بالزلازل".
وتعمل سلطات المناطق المنكوبة لتسجيل بيانات الأفراد والعائلات التي ترغب في الانتقال إلى مراكز الإيواء وفق خطط الحكومة، ومنها مراكز الإيواء المؤقتة والمخيمات، وبعدها أبنية السكن الجامعي، وسكن المعلمين ومنشآت تابعة للحكومة، لكن أرجأت السلطات انطلاق الفصل الثاني في كل المدارس بسبب الزلازل كي لا ينعكس سلباً على الطلاب.
ويقول عمر يوسف، الشاب السوري الحاصل على الجنسية التركية الذي يدرس العلاقات العامة في جامعة سكاريا (شمال غرب) لـ"العربي الجديد": "تلقيت رسالة طالبتني باسترجاع أغراضي من السكن الجامعي في أسرع وقت، علماً أنه جرى تمديد عطلة ما بين الفصلين بسبب الزلازل، وأبلغوني بأن أغراضي ستوضع في الأمانات إذا لم أفعل ذلك، وسألت زملائي المتواجدين في السكن الجامعي حالياً فأبلغوني بأن لدي 5 أيام كحد أقصى". يضيف: "زرت عائلتي في إسطنبول خلال عطلة ما بين الفصلين في مدينة إسطنبول، وحصلت كارثة الزلازل في منتصف هذه العطلة، ونفذت أعمالاً تطوعية في مراكز جمع التبرعات والإغاثة، لكنني فوجئت بقرار تأجيل استئناف الدراسة في الجامعات، ثم تطبيق التعليم عن بعد. وفي كل الأحوال نأمل السلامة لجميع السوريين والأتراك في البلاد". أيضاً يقول الشاب الجامعي التركي شامل أوغوز لـ"العربي الجديد"، إن "القرار المتخذ له إيجابيات وسلبيات، وهو لن يؤثر في الكليات التي لا تعتمد على التطبيقات، أي الكليات النظرية، وتجربة جائحة كورونا كانت سلبياتها أكثر لكن يجب فهم الظروف الحالية للبلاد".