أفادت وزارة التخطيط العراقية بأنّ عدد السكان في البلاد سوف يتخطّى 43 مليون نسمة في نهاية عام 2023 الجاري، في حال استمرّت أعداد الولادات بالوتيرة نفسها، أي أكثر من مليون و200 ألف ولادة سنوياً، وسط تأكيدات بأهمية معالجة الملف وتهيئة الظروف المناسبة لاحتواء النمو السكاني.
وكانت تقارير للوزارة قد كشفت في عام 2022 الماضي عن ارتفاع عدد السكان في العراق إلى أكثر من 40 مليون نسمة، وهي زيادة كبيرة لم تُلحظ في خطط اقتصادية، في حين كانت الحكومة العراقية قد أقرّت في وقت سابق بصعوبة إمكانية إصدار قانون يحدّد الإنجاب بعد محاولات بذلتها في هذا السياق، إذ ظلّت الزيادة كبيرة في النمو السكاني في السنوات الأخيرة.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي إنّ الأرقام التقديرية لجهاز مركز الإحصاء في الوزارة تؤكد أنّه بنهاية عام 2023 سوف يتجاوز عدد السكان في البلاد الـ43 مليون نسمة بقليل، مبيّناً في تصريح لقناة الإخبارية العراقية الرسمية، مساء أمس الخميس، أنّ "الرقم يبقى تقديرياً، وهو قابل للزيادة ولا أعتقد أنّه قابل للنقصان".
وأشار الهنداوي إلى أنّ "نسبة الولادات في العراق بلغت أكثر من مليون و200 ألف ولادة سنوياً"، بحسب الإحصاءات الأخيرة التي أصدرتها وزارة الصحة، مضيفاً أنّها "إحصاءات دقيقة (...) وهي مطابقة كذلك لتقديرات وزارة التخطيط". أضاف أنّ الولادات لم تكن تتخطى 800 ألف ولادة سنوياً في البلاد، وقد سُجّلت الزيادة الكبيرة في السنتَين الأخيرتَين.
ورجّح الهنداوي أنّه "في حال استمرّت الزيادة في الولادات على مستواها نفسه، فسوف نصل إلى 50 مليون نسمة في عام 2030"، متوقعاً أيضاً أن "يتّجه معدّل النمو في السنوات المقبلة نحو الانخفاض، إذ إنّه كان قبل 10 سنوات 3 في المائة، واليوم نتحدّث عن معدّل 2.6 في المائة"، لافتاً إلى أنّ "العراق الآن بالمرتبة 86 عالمياً في نسبة النمو".
ويأتي ذلك في وقت أُثيرت فيه مخاوف من نمو سكاني غير مدروس في العراق، بعد تقرير سابق لوزارة التخطيط العراقية كشف عن ارتفاع كبير في أعداد السكان. ورأى الباحث في الشأن الاجتماعي ماهر الفتلاوي أنّ "الزيادة السكانية في البلاد خطرة جداً، خصوصاً أنّ الحكومات المتعاقبة لم تضع معالجات ودراسات لتهيئة الظروف المناسبة لاستيعاب هذه الزيادات، ولا حتى استغلالها في تطوير البلاد، وهي زيادة من الممكن أن تُستغَلّ في تطوير مناحي الحياة كافة".
أضاف الفتلاوي أنّ "عشوائية الزيادة في النمو وعدم توفّر إمكانية لتهيئة الظروف المناسبة وعدم قدرة الحكومة على تحديد النسل تدفع البلاد نحو مخاطر كبيرة تكون لها انعكاسات اقتصادية ومجتمعية كبيرة"، داعياً الحكومة إلى "دراسة الملف بجدية ووضع المعالجات المطلوبة".
وكانت المحاولات الحكومية قد فشلت في الفترة الماضية في الدفع في اتجاه قانون يحدّ من الإنجاب، في إطار مساعيها المبذولة للحدّ من النمو السكاني، الأمر الذي يفرض عليها تقديم حلول ومعالجات اقتصادية مرضية تتناسب وحجم النمو. يُذكر أنّ متخصصين في الشأن الاقتصادي كانوا قد رأوا أنّ النمو السكاني يمثّل تحدياً اقتصادياً، مبيّنين أنّ فشل الخطط الحكومية في استغلال الموارد البشرية يجعل ذلك النمو في إطار التحدي الاقتصادي.
تجدر الإشارة إلى أنّ العراق لم يجرِ، منذ الغزو الأميركي في عام 2003، إحصاءً سكانياً دقيقاً يعتمد على التوثيق الإلكتروني، بسبب خلافات حادة نتيجة إصرار قوى سياسية على تضمين الطائفة الدينية في هوية المواطنين، في حين ترفض قوى أخرى ذلك.