تضامن ألماني... استنفار لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين

07 مارس 2022
حرص ألماني على تأمين المساعدات الأساسية للاجئين الأوكرانيين (هانيبال هانشكيه/ فرانس برس)
+ الخط -

أثارت الحرب في أوكرانيا تعاطفاً وتضامناً كبيرين وسط تحذيرات من حدوث أزمة إنسانية "ذات أبعاد تاريخية" مع مضي روسيا في حربها ضد أوكرانيا، واستعداد الاتحاد الأوروبي لاستقبال ملايين اللاجئين ودعم أولئك الذين يحتاجون الحماية. وتواصل ألمانيا جهودها لضمان استقبال آمن للوافدين إلى أراضيها من أوكرانيا عبر دول مثل رومانيا وبولندا وسلوفاكيا والمجر، ودعم أولئك الذين غادروا لتوهم البلاد، وتزويد الذين بقوا في أوكرانيا بالاحتياجات الأساسية. وتنشط الحملات لجمع التبرعات المادية والعينية لنقلها إلى النقاط الساخنة، فضلاً عن توجه السكان لمعرفة أفضل السبل للتبرع وتقديم المساعدة والدعم.

امتيازات 
وأطلق آلاف الألمان في مختلف المدن التي وصل إليها وافدون من أوكرانيا هرباً من الحرب العديد من المبادرات للمساعدة. 
وقد أفادت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية، أمس الأحد، بأنّ بيانات وزارة الداخلية الاتحادية تحدّد عدد اللاجئين الأوكرانيين إلى ألمانيا المسجّلين رسمياً حتى اليوم هو 37 ألفاً و786 لاجئاً. وكانت شبكة "إي تي في" الإخبارية قد نقلت في وقت سابق عن متحدث باسم وزارة الداخلية الاتحادية، بأنّ العدد الفعلي للاجئي الحرب من أوكرانيا قد يكون أكبر بكثير من الأرقام المعلنة، بسبب غياب الضوابط على الحدود. وتستعد السلطات لمساعدة هؤلاء في ظل الخشية من ارتفاع عددهم بشكل كبير خلال الأيام المقبلة، وخصوصاً أن القطارات التي تصل إلى ألمانيا غالباً ما تكون مكتظة. وتشير التقارير إلى أن عشرات آلاف الأشخاص ينتظرون في المحطات الرئيسية للبلدان المجاورة لأوكرانيا، ولا سيما أن شركة القطارات الألمانية سمحت للاجئين ممن يحملون جوازات سفر أو بطاقات هوية أوكرانية باستخدام جميع قطاراتها من الدول المجاورة لأوكرانيا إلى ألمانيا مجاناً. 
ووصل أخيراً إلى محطة القطارات الرئيسية في برلين آلاف الأشخاص، فقُدمت لهم على الفور الوجبات السريعة والماء والأقنعة والمواد المطهرة وغيرها من مستلزمات النظافة. وذكرت صحيفة "بيلد" الألمانية أنه ليلة الخميس الماضي، سادت الفوضى في المحطة بعد تدفق آلاف الأشخاص إلى العاصمة مع وصول أربعة قطارات. وتشير المعلومات إلى إنشاء مركز وصول منفصل يتّسع لنحو 1000 شخص بصفتهم لاجئي حرب، من المحتمل أن يحصلوا على شروط إقامة مختلفة مثل تصاريح العمل. وكانت عمدة برلين فرانسيسكا غيفي قد أعلنت أن التنسيق على مستوى الولايات ضروري، وأن العاصمة هي بالطبع المركز والوجهة الرئيسية لمعظم الواصلين من الأوكرانيين. وفي مدينة شفيرين مثلاً، تم إيواء معظم النساء والأطفال في نزل للشباب، فيما عمدت العديد من المدن والبلدات إلى تجهيز أماكن سكن طوارئ لاستيعاب العمال الموسميين من الأوكرانيين الموجودين على الأراضي الألمانية.

حرص ألماني على تأمين المساعدات الأساسية لللاجئين الأوكرانيين (هانيبال هانشكيه/ فرانس برس)
لاجئون أوكرانيون يحصلون على مساعدات في برلين (هانيبال هانشكيه/ فرانس برس)

مبادرات دعم وتضامن
أكثر فأكثر، يتجلى التضامن مع إعلان العديد من الفنادق وبيوت السكن ونزل الشباب التزامها بتأمين المأوى للاجئين بأسعار مخفضة جداً، من بينها تأمين نحو 500 غرفة في مدينة دريسدن. وتنشط الجمعيات والمنظمات الإغاثية في جمع السلع والبطانيات ومواد النظافة والملابس في العديد من المدن والبلدات. كما عمد كثيرون إلى إطلاق مبادرات فردية. وفي بوتسدام، عاصمة ولاية براندبورغ، تجمع الجمعيات مئات الصناديق من الأغذية والأدوية والمستلزمات الطبية والملابس والمياه والأقنعة وغيرها. وتساهم في تقديم هذه المواد شركات مبيعات التجزئة، من بينها شبكة التعاونيات الاستهلاكية "ليدل"، التي تبرعت بملبغ عشرة ملايين يورو. 
علاوة على ذلك، ذكرت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية أنه يفترض أن تنطلق من بلدة موسينينغ البافارية قافلة مؤلفة من 40 مركبة تقل مائة متطوع لمساعدة اللاجئين عند الحدود البولندية الأوكرانية. كما أبلغت أكثر من 50 شركة حافلات في بافاريا باستعدادها لنقل المواد الإغاثية التي يتم ترتيبها إلى الدول المجاورة لأوكرانيا. وفي مدينة أولم (في ولاية بادن-فورتمبيرغ وتقع على نهر الدانوب)، كدست كميات من السلع والمواد الأساسية أمام الكاتدرائية لنقلها في وقت لاحق بواسطة أربع حافلات إلى الحدود الأوكرانية السلوفاكية، على أن تقل في طريق عودتها اللاجئين الأوكرانيين الراغبين في الوصول إلى ألمانيا. وفي محطة مدينة فرانكفورت (تقع في وسط غرب ألمانيا)، نظم متطوعون أنفسهم وعملوا على نقل الوافدين إلى مراكز الاستقبال الأولية أو الأماكن التي فتحت أبوابها لاستضافتهم، بينما عمد موظفون من مكتب الرعاية الاجتماعية ووزارة الصحة والشرطة الفيدرالية إلى التدقيق في أوضاعهم ومساعدتهم وتأمين الرعاية لهم. في هذا السياق، تبرز عودة نشاط عمل جمعيات مساعدة اللاجئين التي أُسّست عام 2015 خلال موجة اللجوء التي شهدتها ألمانيا، وقد استقبلت قرابة المليون لاجئ من الشرق الأوسط وأفريقيا، وغالبيتهم من سورية.   

مواطنون ألمان يحاولون مساعدة الأوكرانيين بما تيسر (توبيس شوارز/ فرانس برس)
مواطنون ألمان يحاولون مساعدة الأوكرانيين بما تيسر (توبيس شوارز/ فرانس برس)

تحضيرات وتنظيم هياكل 
في ضوء الاستعدادات الكبيرة للتبرع والدعم والمساندة في إيواء الأوكرانيين وإسعافهم، قدمت العديد من المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي نظرة عامة على خيارات الدعم والمؤسسات التي يمكن من خلالها المساعدة، مشيرة إلى أن المنظمات تفرز العروض المقدمة من الأفراد عبر البريد الإلكتروني، ولا سيما أن العديد منها تفضل التبرعات المالية، منها على سبيل المثال حملة "ألمانيا تساعد"، وهي عبارة عن تحالف يضم عدداً من المنظمات الإغاثية الألمانية، بالإضافة إلى كاريتاس. ويقول المتحدث باسمها في برلين توماس غلايسنر، لتاغسشبيغل، إن التبرع بالمال أسرع بكثير من جمع التبرعات العينية ثم نقلها إلى أوكرانيا والبلدان المجاورة حيث يتجمع الهاربون من جحيم الحرب. بالاضافة إلى ما سبق، تسعى أندية وجمعيات ومنظمات إغاثية إلى إيجاد بدائل أخرى للدعم، من بينها الصليب الأحمر الألماني، الذي يجمع عناوين أولئك الذين يرغبون في المساعدة للاستعانة بهم عند الحاجة، على الرغم من أنه لم يتلق بعد أي طلب مساعدة رسمية من السلطات البولندية أو الأوكرانية في ما خص الأطباء والممرضين المؤهلين. أما الأدوية التي يتم التبرع بها، فتسلم إلى عدد من المراكز. ففي برلين مثلاً، تسلم في معهد بيليكي البولندي بالإضافة إلى السلع والملابس، كما وضعت أسماء العديد من الجمعيات الأخرى والمطاعم التي تقبل المساعدات العينية، كالرابطة المركزية للأوكرانيين في ألمانيا، التي تجمع التبرعات لاحتياجات الجيش الأوكراني. 
من جهة أخرى، يكثر الطلب على الاحتياجات العينية، من بينها أكياس النوم وأجهزة شحن الهواتف والمواد الغذائية المعلبة والمصابيح اليدوية وعبوات الإسعافات الأولية وملابس الأطفال وحليب الرضع والحفاضات والضمادات ومواد التنظيف. في هذا الإطار، تشير التقارير إلى أن الطلب على المتطوعين يتركز بشكل خاص على أولئك الذين يتقنون اللغتين الروسية والأوكرانية للمساعدة في الترجمة الفورية وتقديم الوثائق لدى استقبال اللاجئين، بالإضافة إلى سائقي الحافلات لمساندة الجمعيات التي تنظم القوافل التي تنقل المساعدات إلى الدول المجاورة لأوكرانيا.  

ترحيب بمواطني الدول الثالثة 
أشارت شبكة "إيه آر دي" الإخبارية إلى أن هناك توجهاً للترحيب بأولئك الذين تقدموا بالفعل بطلب للحصول على اللجوء في أوكرانيا أو كان لديهم وضع حماية، مشيرة إلى أن بروكسل تتابع بقلق التقارير التي تفيد بمنع الطلاب من الدول الأفريقية الذين يتابعون تحصيلهم العلمي في الجامعات الأوكرانية من ركوب القطارات من بولندا، والذي تم توثيقه بالفعل من قبل الإعلام. هؤلاء هربوا من الحرب التي تدور رحاها في أوكرانيا بعد استثنائهم من عبور الحدود وجرى التعامل معهم بعنف في بعض الأحيان، علماً أن وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر أعلنت أن اللاجئين من أوكرانيا ليسوا مضطرين للخضوع لإجراءات اللجوء وسيتم منحهم الحماية لمدة تصل إلى 3 سنوات في دول الاتحاد الأوروبي، مع العمل بسرعة على إمكانية وصولهم إلى سوق العمل والحصول على تأمين صحي. 

المساهمون