يورد تقرير نشرته صحيفة "ذا ميرور" البريطانية أن "حركة الأشخاص الذين يعملون ساعات طويلة في المكاتب أقل ممن تزيد أعمارهم عن 75، وخطورة هذه الحال ليست أقل من التدخين على الصحة العامة".
يحاول خبراء الصحة تسليط الضوء على الأنظمة الغذائية المتوازنة، وممارسة الرياضة للعيش بطريقة صحية، لكن عادات أخرى قد تؤثر سلباً في الصحة الجسدية، وتؤدي في بعض الأحيان إلى وفاة مبكرة، إذ يمكن أن يتسبب الجلوس فترات طويلة خلال العمل، أو حتى الخمول في مشاكل صحية عديدة تبدأ بزيادة الوزن والسمنة، وصولاً إلى الإصابة أنواع مختلفة من الأمراض المزمنة، في مقدمها مرض السكري من النوع الثاني، ومشاكل العمود الفقري.
ينقل تقرير نشره موقع "مايو كلينك" الطبي الأميركي، عن باحثين حللوا 13 دراسة عن فترة الجلوس ومستويات النشاط، أن الأشخاص الذين جلسوا أكثر من 8 ساعات يومياً من دون مزاولة نشاط بدني، يتعرضون لخطر الموت مماثل لأولئك المصابين بالسمنة والتدخين. كما استنتجوا أن ممارسة الرياضة أو النشاط البدني بين 60 إلى 75 دقيقة يومياً يساعد في تخفيف آثار الجلوس المفرط. أما الأشخاص الأكثر نشاطًا فنسبة وفاتهم أقل.
لا ينفي أخصائي الصحة العامة والعمود الفقري الدكتور أحمد عواد أن الجلوس فترات طويلة بسبب العمل، أو حتى نتيجة الظروف القاهرة التي عصفت بالعالم خلال وباء كورونا، يؤثر في شكل أساسي على إمكانية الإصابة بأمراض "ديسك الظهر"، كونه يضغط على الفقرات، ما يؤثر على عمل المفاصل ويتسبب في آلام وشعور بعدم الراحة. ويقول لـ"العربي الجديد": "يجعل الضغط المتواصل على المفاصل الشخص يشعر بنوع من الوخز، قد يكون بداية للإصابة بديسك".
ويشرح أن الجلوس ساعات طويلة خاصة أمام شاشات الكومبيوتر أو التلفاز، يؤدي إلى حصول تشنجات في عظام الرقبة وقد يصيب أيضاً الأعصاب، ما يتسبب في أوجاع مختلفة. كما يلفت إلى أن الجلوس في شكل خاطئ، يؤدي إلى حصول جلطات في أوردة الدم الخاصة بالقدمين.
تحديات مختلفة
ووجدت دراسة نشرها موقع "ذا ويب إم دي" الطبي الأميركي، أن مجموعة من الأمراض ترتبط بالجلوس. ولاحظ علماء في دراسة قارنت بين مجموعتين متشابهتين من سائقي السيارات والشاحنات الذين يجلسون معظم اليوم، والحراس الذين يستمرون في التحرك بسبب طبيعة عملهم، أن السائقين أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب بمقدار الضعف عن الحراس، رغم أن أنظمتهم الغذائية متشابهة.
وربطت دراسات أخرى صلة الجلوس لفترات طويلة وعدم التحرك بإمكان الوفاة مبكراً، فغياب الحركة ساعات طويلة يحدث مشاكل تتعلق بضغط الدم، وأمراض القلب. كذلك كان لافتاً وجود علاقة بين الجلوس والإصابة بالخرف، فالجلوس الطويل يؤثر في الدماغ، وأشخاص كثيرون أصيبوا بالخرف كانوا من ضمن فئة الناس الخاملين.
ومن الطبيعي أن الجلوس لساعات طويلة، يؤدي إلى اكتساب الوزن، خاصة أن العديد من الأشخاص يحتاجون إلى التركيز في عملهم وتناول الأطعمة في شكل مستمر. وتشير دراسة نشرت على موقع "مايو كلينك" الطبي الأميركي، إلى أن "الجلوس ساعات طويلة يزيد الدهون حول منطقة الخصر تحديداً، ومعدلات الكوليسترول غير الصحية. ومن شأن هذه الأمراض أن تزيد خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان".
وتنقل صحيفة "ذا ميرور" البريطانية، عن دراسة أجراها باحثون ألمان، أن الجلوس أكثر من 10 ساعات يومياً ينقص العمر البيولوجي نحو 8 ساعات، ومخاطر الإصابة بأنواع سرطانات الأمعاء وبطانة الرحم والرئة، وكذلك مخاطر الإصابة بأعراض الاكتئاب.
الجلوس الصحي
ويتناول موقع "ستاند دوت أورغ" الأميركي، المتخصص في التوعية من مخاطر الجلوس وأهمية الحركة، المقدار الطبيعي للجلوس يومياً حتى لا يصاب الشخص بعوارض صحية، ويحدده بأقل من 4 ساعات يومياً، فيما يكشف أن المخاطر تبدأ في التزايد وتصبح متوسطة في حال الجلوس بين 4 إلى 8 ساعات، أما إذ كانت أعلى من 8 ساعات وتصل إلى 11 أو 12 ساعة، فقد تكون المخاطر مرتفعة جداً.
ويشير أخصائي الصحة العامة والعمود الفقري الدكتور مارون أبو ناضر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن طرق الوقاية من الإصابة من الأمراض ممكنة، وتتطلب القيام ببعض الخطوات البسيطة، منها:
أولاً: الجلوس ضمن مستوى 90 درجة الذي يساعد كثيراً في عدم انحناء عظام العمود الفقري، ويقلل من تأثيرات الجلوس الطويل.
ثانياً: النهوض من مكان العمل، أو وضع الجلوس لمدة 5 دقائق كل ساعة يقضيها الشخص على مكتبه.
ثالثاً: ممارسة بعض الرياضات الخاصة بتقوية عظام الرقبة والعمود الفقري.
رابعاً: تناول أطعمة تقوي العظام، وفيتامينات الكالسيوم والفيتامين "دي".