أفاد تقرير حقوقي، اليوم الأربعاء، بأنّ أوضاع الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية في المغرب في عام 2022 "مقلقة وغير مطمئنة، في ظلّ التراجعات والنكوص والتقصير".
ولفتت "الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة"، في تقريرها السنوي، إلى أنّ أوضاع الأمازيغية في العام المنصرم لم تعرف أيّ تحسّن ملموس، مسجّلة استمرار خروقات عدّة في هذا المجال، في ظلّ غياب استراتيجية واضحة للدولة لتنزيل شعاراتها، الأمر الذي يفسّر عجزها عن تقديم حصيلتها المرتبطة بالأمازيغية.
ورأت الشبكة أنّ أوضاع اللغة الأمازيغية في التعليم والإعلام والتشريع وغيرها من المجالات "لا تتناسب وتصنيف الأمازيغية لغة رسمية في البلاد".
وأوضحت الشبكة في تقريرها أنّ أقلّ من خمسة في المائة من التلاميذ يدرسون الأمازيغية، بعد 20 عاماً من إدراجها في النظام التربوي، وهذه الوتيرة تعني أنّ تعميم تدريسها لن يحصل إلا في أفق عام 2050، الأمر الذي يبيّن أنّ "الوزارة (المعنيّة) والحكومة عموماً تتّجهان نحو التنصّل من الالتزامات المتعلقة بهذه اللغة وإهمالها".
أيضاً، أشار التقرير إلى تهميش الأمازيغية في الإعلام السمعي البصري، إذ لا تتجاوز حصّتها من مجمل فقرات المؤسسات الإعلامية العمومية ستّة في المائة، بالإضافة إلى أنّ حملات التوعية الخاصة بالمؤسسات الرسمية تأتي بمعظمها باللغتَين العربية والفرنسية، فيما يُصار إلى إقصاء اللغة الأمازيغية، على الرغم من أحقية الناطقين بالأمازيغية في تعريفهم بحقوقهم أو الخدمات التي تشرف عليها السلطات العمومية.
وسجّلت الشبكة أنّه "على الرغم من إيجابية إجراء توظيف وزارة العدل مساعدين اجتماعيين بالأمازيغية في مختلف المحاكم، إلا أنّ القوانين الجاري بها العمل في المحاكم تعيق المواطن الأمازيغي عن ولوج العدالة، ناهيك عن كون الممارسة الاتفاقية للمغرب تكشف عن عدم تفعيل مجموعة من التوصيات ذات الصلة".
وفي السياق نفسه، تناولت الشبكة في تقريرها "الانتكاسة الكبيرة" التي تعرّضت لها الحقوق المدنية والسياسية هذا العام، خصوصاً مع "التضييق على الجمعيات الأمازيغية، فضلاً عمّا تتعرّض له الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للأمازيغ، خصوصاً في الجانب المتعلق بمشاريع التنمية وسلب الأراضي".
وكانت الدولة المغربية قد اعترفت باللغة الأمازيغية في الخطاب الملكي لعام 2001 في منطقة أجدير، شمالي البلاد، قبل أن يُصار إلى الاعتراف الدستوري بها لغةً رسميةً في عام 2011، في حين صدر القانون التنظيمي المتعلق بمراحل تفعيلها في مجالات الحياة في عام 2019.
من جهته، تعهّد رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش، خلال تقديمه برنامج حكومته أمام البرلمان في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2021، بإنشاء صندوق خاص لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بحلول عام 2025، كما تعهّد بموازنة تفوق 100 مليون دولار أميركي لهذا الغرض، والتزم بمسؤولية هذا الصندوق عن "دمج الأمازيغية في مجالات التعليم والتشريع والمعلومات والاتصال والإبداع الثقافي والفني، فضلاً عن استعمالها في الإدارات وفي جميع المرافق العمومية".
وكان لافتاً، قبل أيام من حلول رأس السنة الأمازيغية، حشد الحكومة الحالية نحو نصف أعضائها لإطلاق مشروع استخدام اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية في مدينة الخميسات، الثلاثاء الماضي.
ويروم البرنامج الذي تشرف على تنفيذه وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، بالشراكة مع رئاسة الحكومة والمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، إلى تحقيق سبعة أهداف رئيسية. وقد وُقّعت أربع اتفاقيات لاعتماد تلك الأهداف ما بين وزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة من جهة، ومن جهة أخرى وزارات العدل، والصحة والحماية الاجتماعية، والثقافة والشباب والتواصل، والتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة.
ومن بين أهدافه، يسعى البرنامج إلى المحافظة على الأمازيغية والعمل على تهيئتها وتأهيلها وتطويرها وتعزيز استخدامها، والنهوض بالموروث الثقافي كما الحضاري الأمازيغيَّين وتثمينهما، وتعزيز اعتماد اللغة الأمازيغية في الإدارات العمومية، وتيسير ولوج المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية إلى الخدمات العمومية. كما يهدف إلى تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ودمجها في مختلف المجالات، وتعزيز خدمات الإرشادات والتوجيه والاستقبال، وتجويد وتنويع قنوات التواصل مع المرتفقين الناطقين باللغة الأمازيغية.
ومن أجل تحقيق أهداف البرنامج، رصدت الحكومة المغربية 300 مليون درهم مغربي (نحو 30 مليون دولار أميركي)، في موازنة 2023، على أن يُصار إلى رفع قيمة التمويل تدريجياً في الأعوام المقبلة ليصل إلى مليار درهم (نحو 100 مليون دولار)، في عام 2025.