تقرير يبحث وضع بلديات تونس وسبل نجاحها

01 يونيو 2022
خلال الندوة الخاصة ببلديات تونس (العربي الجديد)
+ الخط -

 

يُقدَّر عدد البلديات في تونس بنحو 350 بلدية، إلا أنّ عدداً كبيراً منها يعاني صعوبة في تسيير العمل لأسباب متعدّدة، لعلّ أبرزها نقص الأموال المرصودة للبلديات، الأمر الذي جعل النفايات تتكدّس في شوارع المدن، مثلما يحصل في صفاقس (وسط) ثاني أكبر محافظة في البلاد. وقد تناول ذلك المشاركون في ندوة أُقيمت اليوم الأربعاء حول التقرير السنوي الثاني للهيئة العليا للمالية المحلية، تحت عنوان "من أجل أداء بلدي أنجع".

وكانت بلديات عدّة قد نجحت في مواجهة التحديات والاقتراب من المواطن وتأمين خدمات مختلفة له، من بينها رفع النفايات المنزلية وتوفير الإنارة العامة وإقامة مشاريع تنموية، لكنّ الإمكانيات المالية وضعف الموارد البشرية ما زالا يمثّلان عائقاً أمام نجاح بلديات كثيرة في أداء دورها وتقديم خدمات أفضل.

وفي الندوة التي نظّمتها الهيئة العليا للمالية المحلية والمنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية، كان تشديد من قبل بلديات عديدة على ضرورة كسب مزيد من المرونة في التصرّف ودعم العنصر البشري والتكوين وإعادة التدوير، وخصوصاً توفير مزيد من الموارد المالية المرصودة لها. وقد عُرضت في الندوة تجارب ناجحة لبلديات صغيرة لا تتوفّر لديها إمكانيات مادية كبيرة.

في سياق متصل، تقول الكاتبة العامة في بلدية بلطة بوعوان التابعة لمحافظة جندوبة شمال غربي تونس هدى الدبوسي لـ"العربي الجديد" إنّ "البلدية في بلطة تأسّست حديثاً (قبل سنوات قليلة)، علماً أنّ المنطقة التي تضمّ 33 ألف نسمة كانت تشكو من مشكلات عديدة إذ كانت تحوي فقط مجلساً قروياً. لكنّها نجحت على الرغم من ذلك في مواجهة تحديات عديدة، وتمكّنت من تحقيق نظافتها وخلوّها من تكدّس النفايات المنزلية". تضيف أنّ "مكبات عشوائية عديدة كانت تتوزّع فيها قبل أن يُصار إلى القضاء عليها كلياً".

وتُبيّن الدبوسي أنّ "نجاحنا قام على انتداب أعوان مختصين في رفع النفايات، وقد بُذلت جهود كبيرة في المجالات المتعلقة بالنظافة". وتوضح أنّ "المواطن انخرط في هذه الجهود، وصار يبلّغ عن المكبّات العشوائية والبلدية تتفاعل إيجابياً"، مشيرة إلى "تعامل بخصوصية مع المنطقة الجبلية وتقدّم تدريجي في تطوير الخدمات". ولم تخفِ أنّهم يأملون بتحضير "مشروع استثماري لتطوير البنية التحتية، وهو ما يُعَدّ أمراً مهماً لتغيير وجه المنطقة وتطوير الزراعة في الجهة".

من جهته، يقول الكاتب العام في بلدية الشرايع مشرق شمس بولاية القصرين (وسط غرب) صالح العلوي لـ"العربي الجديد" إنّ "بلديتنا تُعَدّ من البلديات الناجحة، فقد بدأ المشروع صغيراً وهو في صدد التوسّع. وقد بُذلت جهود إضافية لتركيز الخدمات فيها من خلال أعوان وموظفين"، شارحاً أنّهم عمدوا إلى "تكوين وانتداب الأعوان للارتقاء بالعمل البلدي".

يضيف أنّ "النفايات لا تتكدّس في منطقتنا مثلما يحصل في مدن أخرى، لأنّنا ركّزنا على هذا الجانب تحديداً، إلى جانب خدمات النظافة والإنارة العامة"، مشدّداً على "أهمية اقتناء المعدّات الضرورية للعمل البلدي التي تتلاءم مع طبيعة المنطقة". ويتابع العلوي أنّ "النجاح في جعل منطقتنا نظيفة كان من خلال وضع برنامج محدّد لرفع النفايات ويُصار إلى إعلام السكان بذلك"، لافتاً إلى أنّ "ثمّة عملاً مكثفاً على النوعية والإرشاد والتوعية بأوضاع الجهة والانتماء للمنطقة".

في الإطار نفسه، يقول الكاتب العام لبلدية جبل الوسط في العاصمة تونس محمد بن جبارة لـ"العربي الجديد" إنّ "ثمّة مناطق توسّعت فيها بلدية جبل الوسط لم تكن تطاولها الأعمال البلدية"، مشيراً إلى أنّ "جلّ هذه المناطق تفتقر إلى مرافق وخدمات مثل منطقة تسمّى المناقع التي وصلت إليها البلدية وأمّنت لها خدمات عدّة وأنجزت فيها مشاريع، في حين أنّ ثمّة أخرى على جدول الأعمال". يضيف بن جبارة أنّ "العمل متواصل على تعبيد الطرقات، علماً أنّ مسالك أُنشئت في مناطق ريفية كالصفصاف التي شملتها الخدمات البلدية". ويتابع بن جبارة أنّه "بهدف إنجاح العمل على رفع النفايات المنزلية، وُفّرت تجهيزات ضرورية فيما العمل جارٍ على تعزيز معدّات النظافة".

أمّا رئيسة الهيئة العليا للمالية المحلية آمال اللومي بواب فتقول لـ"العربي الجديد" إنّ "التقرير السنوي الثاني للهيئة والذي جاء تحت شعار من أجل أداء بلدي أنجع يهدف إلى توضيح الرؤيا ووضع أهداف في إطار مسار لامركزية تُقاس بمؤشرات عدّة. وللأسف، فإنّ ثمّة مؤشرات عدّة ذات صلة بالبلديات ما زالت ضعيفة، والعمل قائم على دعم الاستقلالية المالية، لأنّ البلديات تعاني من مشكلات هيكلية قديمة وقد ساهمت أزمة كورونا الوبائية في تعميق الصعوبات وكشف الأزمات العديدة التي تتعرّض لها البلديات".

وتشدّد اللومي بواب على أنّه "لا بدّ من ضخّ مزيد الأموال للبلديات حتى تتمكّن من تأمين خدماتها في أفضل الظروف". وتتابع أنّ "هذه التحويلات يجب أن تكون محدّدة بضوابط عدّة، من بينها تحسين الحوكمة في البلديات والموارد البشرية والتكوين وتنظيم العمل وإرساء رقابة داخلية ومرونة أكثر في التصرّف".